الأديب الكاتب يتسم بالبراعة في تسجيل المواقف المثيرة أو المؤثرة في القصص وهو غير ملزم بربط تفاصيل ووقائع قصصه بالاحداث الواقعية والتي حدثت فعلا ومسجلة بالوثائق ومثبوتة تاريخيا فإن اضطر لذلك التزم بالمصداقية المؤكدة بالوثائق والمصادر المعتمد فمهمته تأليف القصص الرومانسية أو المرعبة أو الخيالية دون الالتزام بالواقع وهي موهبة نادرة وهامة في حياة البشر بشرط عدم المساس بالشخصيات التاريخية بتلطيخ اسمائهم بمعلومات وافعال غير موثقة وغير حقيقية. اما المؤرخ فهو الباحث الذي يختار موضوعا محددا من الماضي أو الحاضر ويبدأ أولا في زيارة ديار التوثيق المعتمدة ومراجعة الكتب التاريخية الموثقة والاطلاع علي السجلات وزيارة الاثار والمتاحف ويغوص في محيط من المعلومات المؤكدة ينتقي منها ما هو مرتبط بموضوع بحثه ودراسته ثم يبدأ في عملية ايضاح اسباب احداث موضوعه ودلالاتها ويعرضها علي نحو يدل علي تشابكها معا في قصة واحدة هي محصلة بحثه وهي مهمة شاقة جدا شعارها الاول والاخير تسجيل الحقائق المؤكدة واخراجها بأسلوب شيق.. وقد لاحظت في السنين الاخيرة بث مسلسلات تليفزيونية عن حياة شخصيات كانت في صدارة الاحداث قبل قيام الثورة وواضح في هذه المسلسلات الجهد الادبي الكبير الذي قام به المؤلفون وبالطبع الهدف الرئيسي منها هو الترفيه وتسلية المواطنين طوال شهر رمضان المعظم لكن للاسف الشديد تم تشوية تاريخ شخصيات وطنية كانت مثالا للرجولة والوطنية والخلق، شخصيات كانت قدوة لشباب مصر في ذلك الزمن وتم لصق اكاديب بتاريخهم الناصع المشرف بهدف الاثارة والتطلع الحماسي لما ستتطور له الحبكة القصصية في هذه المسلسلات وليذهب تاريخهم الفعلي والحقيقي وتاريخنا الوطني للجحيم وبالطبع اقصد ما حدث لسيرة أحمد حسنين باشا خلال الثلاث سنوات الماضية من تشويه سيرته خلال حلقات تليفزيونية اقنعت معظم الشعب انه كان عكس واقع شخصيته وافعاله. وهو مادفعني للمشاهدة والاطلاع علي ما هو منشور بالمجلات والصحف مع مقابلات عديدة باسرته فلاحظت بوضوح محزن ان المؤلفين اعتمدوا علي اقوال من يدعون انهم احفاد احمد حسنين في كل ما يتعلق بهذه الاكاذيب والتشويهات ولا اعلم كيف اقتنعوا بان هؤلاء اشخاص موثوق في كلامهم؟ هل شهادات ميلادهم تؤكد هذه الصلة هل لديهم وثائق اصلية هل لديهم صور نادرة هل معهم المتعلقات الشخصية لاحمد حسنين وكامل القصاصات الاصلية الصحفية المرتبطة بشخصه خلال النصف الاول من القرن الماضي وهنا أؤكد ان من ادعوا هذه القرابة وادلوا بهذه المعلومات المشوهة العارية من الصحة اعتمدوا علي تشابه الاسماء واستغلوها ابشع الاستغلال وواجب ان اشير الي سبب ايماني بذلك فأولا اسره احمد حسنين معروفة لشخصي فعندي اسماء المرحومين ابنائه وابنته رحمهم الله وكريمته امد الله في عمرها كما اني علي اتصال بمعظم احفاده الخمسة والذين يمتلكون الوثائق الاصلية والمكاتبات والخطابات والمراسيم الملكية والصور النادرة وممتلكاته الشخصية والتي اطلعت علي معظمها وهم معروفون كالشمس لدي العديد من الاسر المصرية المعروفة وقد اكدوا جميعا انهم لم يلتقوا بمؤلفي هذه الحلقات وان المقابلات الصحفية الوحيدة التي تمت مع اسرة احمد حسنين باشا كانت مع مجلة نصف الدنيا اواخر شهر اغسطس من العام الحالي الفين وعشرة ومع مجلة الاذاعة والتليفزيون تم خلالها طبع صور نادرة جدا لاحمد حسنين مدعمة لهذه التحقيقات. كما ان المؤرخ البريطاني مايكل هاج المعروف بمصداقيته ومصادره المؤكدة اكد في مقدمة الكتاب الانجليزية الذي اعادت الجامعة الامريكية طبعه باسم الواحات المفقودة عن قصة مغامرة احمد حسنين التاريخية عام الف تسعمائة ثلاثة وعشرين ان زواج احمد حسنين والملكة نازلي تم فعلا بحضور شيخ الازهر الشيخ المراغي كما اكد كل من التابعي ومصطفي أمين هذا الزواج ثم ما ظهر بكتاب سيرة الحبايب للسيدة الكاتبة الصحفية سناء البيسي. والمؤسف ان من يدعون قرابتهم لاحمد باشا حسنين بلغت جرأتهم حد الادلاء بالاحاديث الصحفية وتشكيل بوابة علي الانترنت تشمل سيرته يخلطون فيها وقائع حقيقية بأخري خيالية. كان واجبا قبل الخوض في تاريخ هذه الشخصية التأكد من المعلومات والاطلاع علي الوثائق والبراهين المؤكدة لصلة القرابة والعلاقة برجل مصري عظيم هو احمد باشا حسنين رحمه الله. اخيرا هناك اخبار بلغتني عن مساعي هوليود انتاج فيلم عن مغامرة احمد حسنين وعن حضور سيناريست معروف لاستطلاع وتجميع كامل المعلومات وهو ما يبشر بفيلم مماثل لفيلم لورانس العرب ألم يكن الاجدر قيام مصريين بهذا الجهد فقصته ومغامرته غنية جدا ومشوقة وتبشر بتكريم دولي غير مسبوق ان تمت بمصداقية واخلاص.