فجأة وجد الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف نفسه وحيدا في مواجهة اخطر التحديات لنظامه منذ الانقلاب الذي اوصله للسلطة عام 1992 بعد ان تجرأ الاعداء واعلنوا راية التمرد والعصيان بينما اكتفي الاصدقاء بموقف المتفرج للتأكد من قدرة الجنرال علي الاستمرار والبقاء.. الجنرال مشرف قبل التحدي عندما اصدر اوامره للقوات الباكستانية فجر الثلاثاء الماضي باقتحام المسجد الاحمر في اسلام اباد الذي اعتصم فيه المئات من المتشددين الاسلاميين واعلنوا تمردهم علي حكم الجنرال وتطبيق الشريعة الاسلامية رغم انف الحكومة. والحقيقة ان مشرف ظل مترددا لفترة طويلة في اتخاذ هذا القرار حتي اصبحت هيبة نظامه في خطر وتعرض لضغوط هائلة من اصدقائه الامريكيين لاثبات جدارته بالبقاء في قصر الرئاسة الباكستاني. . ولا شك ان تردد مشرف في اقتحام المسجد الاحمر كان له ما يبرره خاصة في ضوء تدهور علاقاته مع المعارضة السياسية العلمانية وصدامه مع القضاة ومنظمات المجتمع المدني المطالبة بالديمقراطية وعلاقته الغامضة بحركة طالبان الافغانية التي تحظي بدعم عناصر عديدة بالجيش الباكستاني وخاصة في المخابرات العسكرية.. وادت الضغوط الامريكية علي الجنرال الي تعميق شعوره بالعزلة والخطر ايضا مما دفعه الي اصدار قرارات واتخاذ خطوات دمرت شعبيته تقريبا في دولة مثل باكستان تمثل التيارات الدينية قوة لا يستهان بها علي ساحتها السياسية.. وجاءت المحاولة الاخيرة لاغتيال مشرف بإطلاق النار علي طائرته لكي تؤكد للرئيس الباكستاني ان محاولة تجميد الموقف مع معارضيه قد تحميه من سقوط النظام ولكنها لن تحميه من الموت وبالاضافة الي ذلك كان من الواضح تماما ان صبر حلفاء مشرف بدأ ينفد واخذت وسائل الاعلام الامريكية تلمح الي انه يحاول امساك العصا من المنتصف وتطالبه بالحسم في مواجهة قوي التطرف والارهاب ووصلت الامور الي حد اتهامه بعقد صفقات مع حركة طالبان الافغانية. وقالت صحيفة الاندبندنت البريطانية ان مشرف اصبح عرضة لانقلاب داخل مطبخ نظامه رغم كل محاولاته لتهدئة المتطرفين والسبب الاساسي في ذلك كما تقول الاندبندنت يرجع الي فشله في تحقيق الديمقراطية وقمعه للحريات ومحاولته البقاء لفترة رئاسية اخري رغم انف كل القوي السياسية الباكستانية. ونتيجة لذلك بدأ الباكستانيون يتحدثون عن بدائل للجنرال مشرف بمن في ذلك رئيس الوزراء السابق نواز شريف و بي نظير بوتو اللذان يعيشان حاليا في المنفي ويقول عمران خان زعيم المعارضة الباكستانية ان قرار مشرف باقتحام المسجد الاحمر وقتل حوالي الف من المسلمين المتشددين بداخله ربما يكون هو الخطأ الفادح الاخير للجنرال تماما كما حدث مع انديرا غاندي رئيسة وزراء الهند عندما امرت قواتها باقتحام المعبد الذهبي المقدس للسيخ في امريستار عام 1984 وكان ذلك احد الاسباب الاساسية لاغتيالها بعد ذلك علي ايدي احد المتطرفين السيخ. هكذا لم يعد هناك اي حليف للجنرال مشرف في الظروف الصعبة الحالية سوي مصدرين اساسيين : - الاول هو الجيش الذي يتعين علي مشرف الا يعول كثيرا علي تأييده لأن الجنرالات الباكستانيين ومنهم مشرف نفسه كانوا يؤيدون رئيس الوزراء السابق نواز شريف حتي قبل ساعات من انقلابهم عليه واطاحتهم بنظامه. - اما مصدر التأييد الثاني فهو الولاياتالمتحدة التي اعتادت علي مساعدة ودعم الطغاة ما داموا قادرين علي فرض سطوتهم والسيطرة علي معارضيهم اما عندما يصبح الطاغية جوادا خاسرا فان الامريكيين يبيعونه في لحظة وبلا ثمن.. وحتي يتأكد الجنرال مشرف من هذه الحقيقة عليه ان يتذكر ما حدث للكثيرين من حلفاء امريكا مثل الرئيس الفلبيني الاسبق ماركوس وايضا شاه ايران الراحل محمد رضا بهلوي.