يواجه الرئيس الباكستاني برويز مشرف أخطر أزمة منذ وصوله الحكم قبل ثماني سنوات وذلك بعد قرار المحكمة العليا إعادة رئيسها لمزاولة مهامه ما يمكن أن يهدد إعادة انتخاب مشرف رئيسا ووسط موجة من الهجمات لا سابق لها في البلاد. ووجهت المحكمة العليا ضربة قوية أمس إلى مشرف بقرارها إعادة القاضي افتخار محمد تشودري إلى عمله على رأس المحكمة وهو ما استقبل بهتافات الترحيب من المحامين ورجال القانون ومتظاهرين في عدة مدن باكستانية. وأيد عشرة قضاة في المحكمة إسقاط التهم عن تشودري مقابل رفض ثلاثة بعد نقاشات استمرت 43 يوما. وقال القاضي خليل الرحمن رمضاي رئيس المحكمة المؤلفة من 13 عضوا في ختام الدعوى : أسقط الاتهام وأعيد كبير القضاة إلى منصبه. والتهم التي كانت موجهة لتشودري الموقوف بقرار من الرئيس الباكستاني هي ارتكاب أخطاء مهنية واستغلال السلطة. كما قوبل القرار بترحيب أمريكي وكذلك من رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو. وأعلن رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز -المقرب من مشرف- بعد صدور القرار موافقة حكومته عليه وما لبث أن أعلن مشرف نفسه أنه سيحترم القرار. ونقل عنه المتحدث باسمه رشيد قرشي قوله إنه سيتم احترام قرار المحكمة وعلى الجميع التقيد به. وكان قرار مشرف تعليق مهام رئيس المحكمة العليا يوم 9 مارس الماضي قد قوبل بتظاهرات في كل أنحاء البلاد واتهمت المعارضة مشرف بإبعاد تشودري لأن الأخير يرفض إعادة انتخابه في نهاية العام من طريق تعديل الدستور. وتحول تشودري في فترة قصيرة إلى أحد أبطال المعارضة وحظي بمساندة شعبية كبيرة مما يجعل من تثبيته في مهامه أن يعيق إعادة انتخاب مشرف لولاية رئاسية جديدة. وقبل تعليق مهامه ألمح تشودري مرارا إلى أن الدستور لا يتيح لرئيس الدولة المنتهية ولايته الترشح قبل الانتخابات التشريعية لا سيما أن القانون الأساسي يفرض عليه التخلي عن قيادة الجيش قبل نهاية 2007 علما بأن مشرف تولى المنصبين السياسي والعسكري منذ الانقلاب الذي أوصله إلى السلطة يوم 12 أكتوبر1999. ولا يخفي مشرف نيته الترشح لولاية جديدة أمام البرلمان المنتهية ولايته وذلك قبل الانتخابات التشريعية المقررة بين نهاية 2007 وبداية 2008 مع احتفاظه بقيادة الجيش. ويأتي قرار المحكمة العليا بينما تشهد البلاد موجة من العمليات الفدائية أسفرت خلال أسبوع عن 200 قتيل على الأقل يعتقد أن منفذوها من الإسلاميين الذين أعلنوا الجهاد ضد السلطة بعد أحداث الهجوم على المسجد الأحمر في إسلام آباد. يأتي ذلك بينما أعلن المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية توني سنو أن الرئيس جورج بوش لا يستبعد شن هجمات جوية محددة الأهداف على المناطق القبلية في شمال غرب باكستان.حيث تعتبر الاستخبارات الأمريكية هذه المناطق معقل عناصر القاعدة. وبذلك يضع الأمريكيون الجنرال مشرف في موقف صعب للغاية نتيجة تعرضه لضغط الإسلاميين المؤيدين لطالبان والقاعدة. واتهمت الإدارة الأمريكية خلال الفترة الأخيرة الحكومة الباكستانية بأنها سمحت لعناصر طالبان والقاعدة بإعادة تنظيم قواهم في المناطق القبلية الحدودية مع أفغانستان. ووصفت باكستان أمس الجمعة تصريحات المتحدث باسم البيت الأبيض بأنها غير مسؤولة وخطرة. وجاء في بيان لوزارة الخارجية إنه قبل كل شيء قإن باكستان تحارب "التطرف والإرهاب" لضمان مصلحتها الخاصة والوطنية ومن ثم فإن باكستان والولايات المتحدة شريكتان في الحملة الدولية لمكافحة "الإرهاب" ومن غير المفيد الإيحاء بوجود خلافات ووجهات نظر مختلفة بينهما في ما يتعلق بمكافحة "الإرهاب". كما أصرت إسلام آباد على أنه لا يمكن لأي طرف سوى قواتها تنفيذ عمليات لمكافحة الإرهاب على أراضيها رافضة بيانا أصدرته واشنطن بأن القوات الأمريكية تحتفظ بكل الخيارات مفتوحة في مهاجمة القاعدة أو طالبان. من ناحية أخرى قتل أربعة أشخاص بينهم جندي وجرح ستة في عملية فدائية استهدفت القوات الباكستانية في المنطقة القبلية شمال غرب البلاد. وقال ضابط باكستاني – بحسب وكالة الصحافة الفرنسية- إن الهجوم وقع في مركز مراقبة للقوات شبه العسكرية في شمال وزيرستان. ويأتي الهجوم بعد سلسلة هجمات تعاقبت منذ سبعة أيام أودت أمس بحياة أكثر من ستين قتيلا باكستانيا بينهم نحو عشرين شرطيا في ثلاث هجمات انتحارية. وفي مسعى لاحتواء التوتر بدأ وفد من أعيان قبائل باكستان محادثات مع المسلحين المحليين المتعاطفين مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان في ميرانشاه عاصمة مقاطعة شمال وزيرستان للاستماع إلى مطالبهم وثنيهم عن قرارهم إلغاء اتفاق السلام بين الحكومة والمسلحين القبليين. وقال الزعيم القبلي مالك نصر الله قبل بدء الاجتماع إنه متفائل بإحياء اتفاق السلام بين الحكومة والمسلحين.