على الرغم من حالة التوتّر، التي سادت المكان، مع انفعال (جو)، لم يستطع هذا الأخير، لأكثر من دقيقة كاملة، إجابة تساؤلات (تروتسكي) ورجل الأمن، حول ما شاهده على الشاشة... كان الأمر بالنسبة إليه مذهلاً... بحق... وعندما نجح أخيراً، في تجاوز هذه الحالة، التفت إليهما بوجه شاحب، وهو يغمغم: - لن تصدقا هذا! زادتهما عبارته انفعالاً؛ فتساءل (تروتسكي) في لهفة: - ماذا قال بالضبط؟!.. أما رجل الأمن، فقد بدا عصبياً، على نحو يخالف المعتاد منه، وهو يمسك ذراع (جو) في قسوة، قائلاً في عصبية صارمة: – ما الذي أذهلك إلى هذا الحد؟!. عاد (جو) يلتفت إلى (موجال)، الذي تراجع في ثقة عجيبة؛ فعاد (جو) بعينيه إلى الرجلين، قائلاً: - كان يتحدَّث عنا. انعقد حاجبا رجل الأمن في شراسة، وأمسك مسدسه على نحو غريزي، قائلاً في عصبية: - عنا؟! أومأ (جو) برأسه إيجاباً، وقال بصوت متهدج: - لقد سألني: أأنت رجل أمن، ونحن عالمان؟! اتسعت عينا الروسي في انبهار، والتفت إلى (موجال) بحركة حادة، مغمغماً في دهشة: - حقاً؟! أما رجل الأمن، فقد ازداد انعقاد حاجبيه، وبدا أكثر شراسة، وهو يسحب مسدسه، قائلاً في حدة: - قال: إنني رجل أمن؟! بدا (جو) غاضباً، وهو يهتف به: - هل ستطلق عليه النار؟!.. - صوَّب رجل الأمن مسدسه إلى الحاجز الزجاجي، مجيباً في قسوة: – لو اقتضى الأمر... أمسك الروسي معصم رجل الأمن، وهو يقول: - لست أظنّك سترتكب هذه الحماقة. ولكن رد فعل رجل الأمن جاء سريعاً.. وعنيفاً... لقد سحب معصمه من يد (تروتسكي) في عنف، ثم دفع هذا الأخير في صدره بمنتهى القوة، ووثب إلى الخلف، مصوَّباً مسدسه إليه، وصارخاً: - إياك أن تفعلها مرة أخرى. سقط الروسي أرضاً، وحدَّق فيه لحظات في دهشة، ثم نهض، قائلاً في غضب: - إياك أنت أن تكررَّها. بدا الأمر لحظة، وكأنهما سيشتبكان معاً، لولا أن حدث أمر عجيب... لقد تحدَّث ذلك الفضائي مرة أخرى... تحدَّث في هدوء عجيب، وهو يشير إلى مسدس رجل الأمن... وعلى شفتيه بدت ابتسامة... أو هو شبح ابتسامة... وبكل عصبية الدنيا، التفت إليه رجل الأمن... أما (جو) و(تروتسكي)، فقد اندفعا نحو الشاشات في لهفة... وبينما يصوَّب رجل الأمن مسدسه إلى الكائن في غضب، ترجم (جو) الرسالة، وهو يقول في انفعال: - أهذا السلاح البدائي ما يستخدم رجال الأمن هنا؟!.. لم يكد رجل الأمن يسمع العبارة، حتى قال في غضب: - بدائي؟!... هل يصف مسدسي بأنه بدائي؟!.. لم يبد على (موجال) أدنى تأثّر، من المسدس المصوَّب إليه، في حين قال (جو) في توتر: - ربما هو كذلك، من حيث أتى! لوَّح رجل الأمن بالمسدس، وهو يقول في غضب: - أخبره أن هذا السلاح البدائي، قادر على قتله في لحظة واحدة، برصاصة بدائية بسيطة. قال (تروتسكي) في قلق، وهو ينقل بصره بين الفضائي ورجل الأمن: - من المؤكد أنه لا يقصد السخرية منك. صاح به رجل الأمن في حدة: - انقل إليه ما قلته. قال (جو) في عناد: - اخفض مسدسك أوَّلاً. صاح رجل الأمن في غضب صارم، وهو يجذب إبرة مسدسه: - انقل إليه ما قلته... الآن.
جملة قصيرة قالها في حزم صارم ثم تراجع إلى الجدار في بطء بذل (جو) جهداً حقيقياً؛ للسيطرة على توتره، وهو ينقل العبارة للكائن... ولدهشة الجميع، ابتسم (موجال)... ابتسم وكأنه يسخر مما سمعه... وبنظرة تنافس ابتسامة سخرية، تطلَّع إلى المسدس، ثم رفع بصره إلى رجل الأمن، الذي احتقن وجهه بشدة، وغمغم في غضب: - أيها الوغد.. نطق (موجال) شيئاً آخر، ترجمه (جو) في سرعة وتوتر: - هذا حال رجال الأمن دوماً... حتى في وطني كانوا كذلك. غمغم (تروتسكي) في اهتمام: - كانوا؟!.. أجاب(موجال)، عبر شاشات الترجمة: - كانوا مغترّين بقوّتهم، متغطرسين بسطوتهم، متعالين بأسلحتهم، ولكن الشعب طوَّر وسيلة للقضاء على كل هذا. لم يكد (جو) ينقل العبارة، حتى قال رجل الأمن في غضب حاد: - أخبره أنني سأطلق النار على فمه، لو نطق بحرف آخر. قال (جو) في حدة: - وتخسر كل ما فعله رؤساؤك، للحفاظ عليه؟! لم يجبه رجل الأمن، ولكنه صوَّب مسدسه إلى (موجال) في إحكام شديد، في حين واصل هذا الأخير نظرته اللا مبالية، وإن بدا بصره شديد التركيز على زناد المسدس... وفجأة، احتقن وجه رجل الأمن... احتقن على نحو مباغت... وراح يحتقن... ويحتقن... ويحتقن... أما يده الممسكة بالمسدس، فقد ارتجفت على نحو عجيب... ارتجفت مرة... وثانية... ثالثة... وفي كل مرة، كانت الارتجافة أكثر عنفاً.... وقوة... وسرعة... ثم أخيراً، أفلت مسدسه، وكأنه لم يعد قادراً على الإمساك به، وهو يهتف في عصبية بالغة: - أيها الوغد. سقط مسدسه أرضاً، فتألقت عينا (موجال) لحظة، ثم خبتا، وهو يتراجع في هدوء، مع ابتسامة ظافرة، في حين بدت دهشة عارمة، على وجهي (جو) و(تروتسكي)، قبل أن يهتف الأخير برجل الأمن: - ماذا حدث؟!.. صرخ رجل الأمن، في عصبية شديدة، وهو ينحني ليلتقط سلاحه: - أخبرني أنت كان يلمس سلاحه في حذر شديد، وكأنه يخشى شيئاً ما به، ثم لم يلبث أن اطمئن إليه لسبب ما، فالتقطه بحركة حادة، و(جو) يسأله: - ماذا أصاب سلاحك؟!... قال رجل الأمن، وهو يعتدل في تحفز: - ذلك الوغد فعل به شيئاً ما. سأله (جو): - مثل ماذا؟!.. أجابه في حدة: - أشعله. تساءل (تروتسكي) مندهشاً: - أشعله... أشعل ماذا؟!... بدا رجل الأمن شديد العصبية، وهو يجيب: - لقد ارتفعت درجة حرارته، حتى لم أعد قادراً على الإمساك به. ثم هتف مستطرداً: - لقد فعلها بوسيلة ما. هتف (جو) مبهوراً: - كيف؟!.. صرخ رجل الأمن، وهو يلَّوح بمسدسه في وجه (موجال): - سله. حدَّق فيه (جو) لحظات في دهشة، ثم أدار عينيه إلى موجال، الذي بدا شديد الصرامة، وهو يقول شيئاً ما... جملة قصيرة، قالها في حزم صارم، ثم تراجع إلى الجدار في بطء... وبسرعة، نقل (جو) بصره إلى الشاشات... ثم ارتجف جسده في عنف... فقد كانت الترجمة تعني عبارة قصيرة... ومخيفة... "سيفنى كوكبكم..." وكانت العبارة تكفي ليرتجف الثلاثة على الرغم منهم... في عنف. يتبع
لقراءة الأعداد السابقة من "أكشن" إضغط على لينك أكشن الموجود بجوار اسم د. نبيل فاروق