بورصة الدواجن ترتفع الآن.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الخميس 17 أكتوبر 2024    «التموين» تعلن موقف سارقي الكهرباء من صرف المقررات بالبطاقات التموينية (فيديو)    اليمن.. غارات أمريكية وبريطانية تستهدف صنعاء وصعدة    أيمن بدرة يكتب: التجربة الموريتانية والحذر الواجب    اتحاد طلاب الجلالة: ارتفاع أسعار اشتراك الباصات والسكن ولا يوجد رادارات و إنارة على الطريق    محمد هنيدي يكشف كواليس أصعب قرار اتخذه في حياته.. ماذا قال؟ (فيديو)    سقط من الطابق الثالث| وفاة المطرب العالمي ليام باين    هل يجوز تأدية صلاة الفجر بعد شروق الشمس.. الأزهر يوضح    أمين عام "التعاون الخليجى" يدعو إلى ضرورة الوقف التام لإطلاق النار فى قطاع غزة ولبنان    خبير يحذر من انهيار سد النهضة بعد وقوع الزلزال السابع في اثيوبيا    علاقة بالتراضي، مفاجآت مدوية في قضية اتهام مبابي بالاغتصاب    تأمين صدارة الدوري ومهام أوروبية.. ماذا ينتظر محمد صلاح مع ليفربول؟    نشرة التوك شو| "الجلالة" تتكفل بعلاج المصابين بحادث الأوتوبيس وحكم استخدام "الهارد جيل" والأظافر الصناعية    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص في انقلاب ميكروباص بالرماية    مصدر طبي: خروج 21 من مصابي حادث الطريق الإقليمي من مستشفى اشمون بالمنوفية    قرار من جهات التحقيق بشأن مصرع وإصابة 7 من عائلة واحدة بالشرقية    نظر دعوى تعويض ضد زوج المذيعة أميرة شنب بسبب عقر كلبه لمدير بنك.. اليوم    محاكمة مرتضى منصور في 6 دعاوى سب وقذف.. اليوم    تيسيرات جديدة للمواطنين.. تعديلات قانون البناء الموحد في البرلمان    #جامعة_الجلالة يتصدر التواصل .. ومغردون: حوادث رايح جاي قطارات وطرق    أول تعليق من نجوى كرم بعد أولى حلقات «Arabs Got Talent».. ماذا قالت؟    الحلفاوي يوجه رسالة ل صلاح عبدالله بعد جملة "كل ما بشوفني وأنا ميت بعيط"    متمثلة في أيادٍ ممدودة بالسلام.. مصر تملك «شفرة الدخول» إلى منطقة القرن الإفريقي    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    ياريت يجلس في البيت.. جمال شعبان يوجه رسالة لطلاب المدارس بسبب البرد    سماع دوي انفجارات في أجواء مدينة اللاذقية بسوريا    إعلام فلسطيني: اشتعال النيران في مدرسة خليفة التي تؤوي نازحين شمالي غزة بعد قصفها بالقنابل الفسفورية    «المخفي» يقدم أحمد سلطان في أول بطولة سينمائية مُطلقة.. قصته وموعد عرضه    عاجل.. تركي آل شيخ يعلن عودة يوسف الشريف للدراما بعمل درامي ضخم    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 29    مساعدات عسكرية أمريكية لكييف بقيمة 425 مليون دولار    جمال الغندور: لا أقبل بتدخلات القطبين في اختيارات طاقم تحكيم السوبر    اللواء سمير فرج يكشف أسرار نصر أكتوبر | تفاصيل    السوبر المصري، موعد مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في نصف النهائي    لاعب نيجيري على أعتاب الزمالك.. مهيب عبد الهادي يكشف التفاصيل    موقف عمر جابر من السوبر المصري.. وجوميز يطلب إعارة هذا اللاعب    معلومات الوزراء ينشر إنفوجرافا حول خريطة تسليم وحدات الإسكان الاجتماعي لحاجزيها    وسط ترقب لقرارات المركزي..أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 17 أكتوبر 2024    رئيس اللجنة النقابية للمصوغات والمجوهرات يفجر مفاجأة عن أسعار الذهب    وكيل صحة الغربية يتفقد وحدات نهطاي وحانوت استعداداً لتشغيلهما    في اليوم العالمى ل«العصا البيضاء».. جهود حكومية لدعم ذوى الإعاقة البصرية    محافظ الغربية ونائبه يشهدان احتفال الطرق الصوفية بمولد السيد البدوي    مصر تدعم الصومال في تحسين «إدارة المياه»    إصابة عامل برش خرطوش في مشاجرة بالعسيرات جنوب سوهاج    عبير نعمة تتصدر التريند بعد حديثها عن لبنان في مهرجان الموسيقى العربية.. ماذا قالت؟    دراسة أمريكية: زراعة الكلى آمنة بين المصابين بفيروس نقص المناعة    وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ: تدريب 50 إمام للتوعية بأهمية الحفاظ على المياه    نتنياهو يوافق على ضرب إيران وصفارات الإنذار تدوي شمال إسرائيل بعد الهجوم الصاروخي    إعلام عبري: صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة ومحيطها    هانئ مباشر يكتب: الشعب يريد ونحن معه    "الأهلي يضمن حقوقه".. سيد معوض يكشف تفاصيل انتقال نجله عمر إلى ريال بيتيس    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 17 أكتوبر.. «ركز على عاطفتك»    "الآيس كريم: الحلوى المفيدة التي قد تتفوق على الحلويات الأخرى!"    أمين الفتوى يوضح على قناة الناس حكم استخدام "الهارد جيل" والأظافر الصناعية    وزير الصحة ونظيرته القطرية يبحثان سبل التعاون    طب أسيوط تنظم المؤتمر السنوي الرابع لقسم الأمراض الباطنة والكُلى    الأزهر للفتوى محذرا من تطبيقات المراهنات الإلكترونية: قمار محرم    حكم إخراج الزكاة على ذهب المرأة المستعمل للزينة.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرحباً بعودة وزارة التموين
نشر في الوفد يوم 10 - 12 - 2011

أول ما يلفت النظر في تشكيلة حكومة الدكتور كمال الجنزوري، التي أعلنت هذا الأسبوع، هو قراره بإعادة وزارة التموين والتجارة الداخلية، التي كانت قد اختفت من التشكيل الوزاري الأول لوزارة الدكتور «أحمد نظيف» عام 2005، لتضم هي والشئون الاجتماعية إلي وزارة التضامن الاجتماعي التي تم استحداثها،
في سياق مخطط قادته المجموعة الاقتصادية في لجنة السياسات بالحزب الوطني الذي كان حاكماً، لإلغاء الدعم العيني للسلع الاستهلاكية الأساسية، واستبداله بالدعم النقدي. والمرجح أن الدكتور «كمال الجنزوري» قد قبل بالاقتراح الذي سبق أن تقدم به وزير التموين والتجارة الداخلية الحالي د. «جودة عبدالخالق» حين كان وزيرا للتضامن الاجتماعي، في حكومة د. «عصام شرف» بإعادة وزارة التموين والتجارة الداخلية، والفصل بينهما بين وزارة الشئون الاجتماعية التي أعيدت بدورها في التشكيل الوزاري الجديد.
ووزارة التموين أنشئت في مصر أثناء الحرب العالمية الثانية، وهي الفترة نفسها التي عرفت فيها مصر فكرة البطاقات التموينية، التي تخصص سلعاً أساسية من سلع الاستهلاك الشعبي المدعومة وتتيحها للجماهير، بعد أن بدأت هذه السلع يقل ورودها وتوفرها بسبب ظروف الحرب، ومن بينها البترول الذي كان يستخدم في الوقود المنزلي، فضلاً عن السكر والزيت والكستور، وعلي الرغم من انتهاء الحرب، ظلت وزارة التموين قائمة لضمان حصول الطبقات الشعبية والفقيرة علي الحد الأدني من احتياجاتها من السلع الاستهلاكية التي تدعمها الحكومة، وظلت الوزارة قائمة من العهد الملكي وحتي معظم فترات عهد مبارك، مروراً بالعهد بين الناصري والساداتي. وخلال معظم تلك العهود برزت ظاهرة لازمت الدور الذي تقوم به في دعم السلع الأساسية، وهي ظهور عصابات من الوسطاء، تسعي للحصول علي المقررات التموينية بالسعر المدعم، إما من الفئات المستحقة لها، أو عبر الرشاوي للجهات المنوط بها توزيعها، ثم المتاجرة بتلك المقررات وبيعها في السوق السوداء.
وأسهم رفع أسعار سلع الاستهلاك الشعبي، سبباً أساسياً في عدم الاستقرار السياسي، ومن المعروف أن وزارة «زكريا محيي الدين» فقدت شعبيها ومقاعدها في الستينينات، لأنها رفعت سعر الأرز إلي قرشين، وكان واحداً من السلع المقننة في البطاقات التموينية.
وساهم رفع أسعار الزيت والسكر والبوتاجاز الذي لم يكن داخل بطاقة التموين، في اندلاع انتفاضة 18 و 19 يناير عام 1977 في عهد الرئيس السادات.
وكان وراء اختفاء وزارة التموين في التشكيلات الوزارية التي تولي فيها د. أحمد نظيف رئاسة الوزارة، إقراراً بأمر واقع وهو اختفاء الدولة من الرقابة النهائية علي الأسواق، والتخطيط لتحويل الدعم العيني لبطاقات التموين التي تبلغ 31 مليون بطاقة يصل عدد المستفيدين منها والمقيدين بها نحو 56 مليون مواطن، إلي دعم نقدي تمهيداً لإلغائه، وفق تصور خاطئ للسياسات الاقتصادية التي كانت سائدة تنطلق من أن العرض والطلب في سوق المنافسة الكاملة، يكفل استمرار التقدم ويحدث التوازن الاقتصادي المنشود تلقائياً، وبالتالي فإن الركود أو البطالة وارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور ما هي إلا ظواهر وقتية وأن آليات السوق قادرة وحدها علي تصحيحها دون تدخل من الدولة لموازنة أسعار السلع الشعبية في الأسواق!
لم يضع الذين فكروا في هذه السياسات الاقتصادية ونفذوها، أنه لا توجد دولة في العالم بما في ذلك العالم الرأسمالي، تنسحب من الأسواق بهذه الطريقة العشوائية المطبقة في مصر منذ عقود، والتي تركت الفقراء ومحدودي الدخل من المواطنين نهباً لغلاء وحشي طاحن، فضلاً عن أن قوانين السوق الرأسمالي نفسها، لا تسمح بغلبة الطابع الاحتكاري علي الأسواق، أو بممارسات المضاربة وما اصطلح علي تسميته «تعطيش الأسواق» بهدف تضخيم الأرباح.
وخلال الفترة التي كان يجري فيها تشكيل الوزارة الجديدة برزت علي السطح واحدة من الأزمات التي تخلفها السياسات المشار إليها، وهي أزمة أنابيب البوتاجاز في مختلف المدن والمحافظات المصرية، والتي ضاقت طوابير المواطنين الساعين للحصول عليها، الطوابير الانتخابية في جولتها الأولي، وراح ضحيتها قتلي وجرحي، فضلاً عن إهدار الكرامة الإنسانية حين يضطر المواطن للبقاء في الطابور لأكثر من عشر ساعات لكي يحظي بأنبوبة واحدة، بالإضافة إلي ما قادت إليه الأزمة من توترات للمواطنين الساخطين الذين اندفعوا لتعطيل حركة القطارات، وقطع الطرق، واحتلال الوحدات المحلية وغيرها من عمليات الاحتجاج التي ساعد علي اتساع نطاقها، حالة الانفلات الأمني السائدة في كل مكان.
المسئولون في وزارة البترول يقولون إن المطروح من اسطوانات البوتاجاز والذي يصل إلي نحو 1.2 مليون اسطوانة يومياً من شأنه أن يكفل اسطوانة لكل أسرة ممن تحتاجه كل عشرة أيام، لكن المشكلة تأتي من أن تلك الكمية تتعرض للتهريب، والبيع في السوق السوداء، لصالح مزارع الدواجن وقمائن الطوب، لكن للمشكلة جوانب أخري بينها أن السعر الرسمي للأنبوبة هو أربعة جنيهات.
وإن تجار السوق السوداء نجحوا في شراء اسطوانة الغاز من سيارات التوزيع التابعة للوزارة بعشرة جنيهات وإعادة بيعها للمواطنين بأسعار تتراوح بين 25 و50 جنيهاً، وهي ظاهرة ساعد علي انتشارها، فضلاً عن تدهور الحالة المعيشية للموزعين، وافتقاد الضمير المهني، خفض حصص الأنابيب المقررة للمستودعات، والتي يحصل المواطنون منها علي احتياجاتهم دون وسيط. وكان وراء الأزمة أيضاً استخدام الأنابيب في الدعاية الانتخابية بكثافة ملحوظة، حيث نجح عدد من المرشحين، في القري علي وجه الخصوص، في الحصول عليها بطرق غير قانونية من الجهات الإدارية، ثم أعاد بيعها بأسعار منخفضة كدعاية انتخابية.
المسئولون في وزارة البترول يرجعون الأزمة إلي سيادة البلطجة وانعدام الأمن في الشارع المصري وانتشار تجار السوق السوداء، في الوقت الذي يؤكدون فيه أن الإنتاج المصري من أنابيب الغاز الذي يبلغ نحو 360 مليون أنبوبة سنوياً يكفي تماماً أن يسد احتياجات السوق، فيما يبدو أن معادلة يصعب إصلاحها، مع أن تكثيف الرقابة الحكومية علي مستودعات الأنابيب، وإيكال مهمة توزيع الاسطوانات إلي مفتشي التموين مع رفع رواتبهم، ومحاسبة أصحاب المستودعات المخالفة من شأنه أن يحاصر هذه الأزمة، ويحاصر كل من يسعي لاختلاقها والاستفادة منها، لاسيما إذا ما عاد مشروع مد الغاز الطبيعي لكل البيوت، الذي توقف دون مبررات معلنة.
مشكلة أنابيب الغاز، هي جزء من مشاكل تفصيلية وصغيرة، لكنها حولت الحياة اليومية لملايين المصريين إلي جحيم فعلي، وأدت إلي حالات الهياج والتوترات الصعبية، وغذت نوازع العنف لدي المواطنين، التي فاقتها موجات متوحشة من الغلاء الفاحش والزيادة شبه اليومية في الأسعار.
والفوضي السائدة في أزمة أنابيب البوتاجاز، هي جزء من الفوضي العارمة التي أصبحت سمة غالبة للأسواق التي اختفت الدولة من الإشراف عليها ومراقبتها.
وعودة وزارة التموين والتجارة الداخلية التي عادت إليها المجمعات الاستهلاكية التي كان قد تم نقل تبعيتها إلي وزارة قطاع الأعمال قبل نحو تسع سنوات، من شأنه أن يبعث الأمل في ضبط الأسواق التي تواكب انفلاتها مع الانفلات الأمني وحالة الفوضي العارمة التي صاحبت تحلل الأجهزة الحكومية بعد سقوط النظام السابق، وفرض الرقابة عليها، وفي إعادة عرض السلع في المجتمعات الاستهلاكية، بهامش ربح معقول بما يؤثر فعلياً علي المضاربين في الأسعار، فضلاً عن الدور الذي ينبغي أن تلعبه في مراقبة جودة السلع ومدي صلاحيتها، والتصدي لظاهرة إعادة تدوير وحدات من السلع المستخدمة التي يتم تصنيعها من قبل مخلفات صناديق القمامة، وإحياء فكرة المجتمعات التجارية الضخمة التي تعرض فيها السلع مباشرة للمستهلك دون وسطاء، ونشرها بكثافة في المناطق الشعبية للحد من ظواهر المحتكرين والمضاربين من تجار السوق السوداء، وكلها آمال ليست عصية علي التحقق في وزارة يرأسها صاحب الرؤية الاجتماعية الواضحة المفكر الاقتصادي الكبير د. جودة عبدالخالق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.