رأت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية أنه رغم الخلافات والانقسامات الناشبة حول مسودة الدستور الجديد إلا أن مصر تفوقت على جارتها ليبيا وتونس في صياغة الدستور وإقامة نظام سياسي مستقر وليس مؤقتا. وأشارت الصحيفة، رغم ذلك، إلى أن الاستفتاء على الدستور يمثل نصراً سياسياً للإخوان المسلمين لكنه في الوقت ذاته يعبر عن فشل ذريع لهم على مستوى شعبية الحركة بمصر نظراً لتقارب النسب بين التأييد والمعارضة. وقال المحلل الإسرائيلي "تسفي برئيل" في مقاله بالصحيفة: "من الصحيح أن الدستور الجديد المثير للخلافات قد تم تمريره، لكن الإخوان المسلمين والمعارضة سيواصلان المعركة القادمة في الانتخابات البرلمانية في الوقت الذي تعب فيه الشعب المصري وسئم من كثرة الانتخابات." وتابع "برئيل": "وفقاً للسيناريو الثابت المحدد مسبقاً، يستعد زعماء المعارضة المصرية للمعركة القضائية ضد نتائج الاستفتاء الشعبي بزعم أن النتائج تم تزويرها بالرشاوى وصناديق التبرعات التي استخدمت لشراء الأصوات وأن الإخوان المسلمين أطلقوا قوافل من الأتوبيسات المحملة بالناخبين وأمروها بالتصويت بنعم، وما إلى ذلك من المزاعم التي تقود للجنة تحقيق قضائية تثبت الحقيقة". وأضاف برئيل أنه رغم أن النتائج النهائية للاستفتاء لم تنشر بعد، إلا أن المعارضة أيضاً تعترف أن الشعب المصري قال "نعم للدستور". وتابع برئيل أن الإخوان المسلمين مطالبين الآن بمعرفة أين فشلت منظومتهم التنظيمية التي أسفرت عن نتائج تؤكد فشل الحركة على مستوى الشعبية رغم الإنجاز السياسي في ضوء قلة نسبة المشاركة في التصويت على الدستور الذي حصل على تأييد نحو 10.5 مليون من بين 52 مليون مواطن له الحق في التصويت. وأضاف برئيل أنه بعيداً عن الاستفتاء يتعين على حركات المعارضة والليبراليين تدارك أخطاء الماضي، مشيراً إلى أنه في الانتخابات البرلمانية السابقة اتسمت المعارضة بالانقسام والخلافات لكن يبدو أن الصراعات السياسية التي نجحت في الستة أشهر الأخيرة في توحيد جزء كبير من المعارضة، مشيراً إلى أن البنود الخلافية في الدستور الجديد، ولاسيما المخاوف من آسلمة مصر، طمست إلى حد كبير الفجوات الفكرية والأيديولوجية بين مختلف الحركات التي وضعت لنفسها هدفاً واحدا وهو التقليل من قوة الإخوان المسلمين وبذل أقصى جهد في المعركة البرلمانية القادمة. وتوقع برئيل فشل الإخوان المسلمين في استقطاب أحزاب علمانية وتكوين ائتلافات مع الليبراليين في الانتخابات القادمة، مشيراً إلى أن الحليف المتوقع للإخوان هو الأحزاب السلفية وهو التحالف الذي وفقاً لتجارب الانتخابات السابقة سيحقق الأغلبية في الانتخابات القادمة على حساب الحركات الليبرالية التي ستظل جالسة في مقاعد المعارضة. ورأى برئيل أن سيناريو كهذا، في حال تحققه، قد يؤثر على الطابع التشريعي لمصر فيما يتعلق بأولويات الدولة وميزانيتها، مؤكداً أنه هذه النقطة تحديداً هي مربط أزمة المعارضة المصرية التي مازالت تبحث المشاركة في الانتخابات بهدف حرمان الإسلاميين من الشرعية أو المشاركة مع توحيد الصف. وأضاف برئيل أن الوضع صعب في ظل انتخابات ستجرى بدون "الأب" العسكري الذي كان يستطيع في الماضي تحديد تدابير الانتخابات والتأثير على الأجواء بل ومحاكمة من يمس بالأمن القومي وحرمانه من المشاركة. في ختام مقاله، رأى برئيل أنه رغم الخلافات والادعاءات ضد الطريقة التي أدار بها الرئيس مرسي الساحة السياسية حتى الآن، فقد تفوقت مصر كثيراً وتركت ورائها جيرانها ليبيا وتونس اللتان شهدتا أيضاً ثورات، لكنهما لم يصيغا حتى الآن دساستير وحكوماتهما مؤقتة تنتظر انتهاء عملية صياغة الدستور التي ستستغرق شهور طويلة. وأضاف هرئيل أن مصر على وشك الانتهاء من المسيرة الشكلية التي ستحقق أسلوب الحكم وطابع الدولة لتتحمل "مسئولية" نجاح ظاهرة ثورات الربيع العربي. الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة