قالت صحيفة هآارتس الإسرائيلية فى تعقيب لها على نتائج الإستفتاء على الدستور الجديد أن هذا الإستفتاء هو "إنتصاراً سياسياً وفشلاً شعبياً " ، وبالرغم من إنتهاء الإستفتاء وظهور بوادر الموافقة عليه ، إلا أن الإخوان المسلمين والمعارضون لهم يستعدون للمعركة القادمة ،ألا وهى الإنتخابات البرلمانية ، فى الوقت الذي أشارت فيه الصحيفة إلى أن الشعب المصري قد تعب . وقالت أنه كما كان متوقع منذ البداية ، فإن قادة المعارضة يعتزمون أن يدخلون فى صراع قضائي على نتائج الإستفتاء ، بدعوى تزييفها والرشوة وحشد الأتباع الذي قام به الإخوان المسلمون ،وبالرغم من عدم نشر النتائج النهاية للإستفتاء فإن المعارضة إعترفت بموافقة الشعب المصري على الدستور رغم التزوير . وأشارت "هآارتس" إلى أن نسبة المشاركة فى هذا الإستفتاء كانت منخفضة ، إلا أنها كانت عالية بالنسبة للتى كانت تتم خلال عهد مبارك . ورأت أن الإخوان المسلمين الآن مطلوب منهم أن يعيدوا النظر فى فشلهم فى التنظيم السياسي لهم ، وهو ما يظهر فى نتائج الإستفتاء بالرغم من الإنجاز الذي حققوه ، فرغم تمرير الدستور إلا أن من شارك فى التصويت 10.5 مليون مصري من بين 52 مليون لهم حق التصويت ، وأنها لا تمثل غالبية الشعب المصري ، وهذا ما يستند عليه المعارضة المصرية . ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى المشاركة الضئيلة فى قري ومحافظات الصعيد المصري ، على الرغم من أن سكان تلك المناطق يتسمون بالتدين والمحافظة ، ومن بينهم أيضا مراكز مهمة لتأييد الإخوان والسلفيين ، وبرغم تأييد غالبية المشاركين بتلك المحافظات للدستور لكن المشاركة كانت ضئيلة . وعن نتائج الجولة الأولى أشارت إلى نتيجة فرزالأصوات فى محافظة القاهرة ، ورأت أن رفض الغالبية بها يحمل دلاله سياسية هامة للنظام ، حيث يظهر تمركز المعارضة لحكم الإخوان المسلمين فى العاصمة ، وهو المركز الذي يمكنه توجيه تحديدات سياسية صعبة ضد النظام ومن بينها الخروج فى مظاهرات والإعتصام . وعن الإنتخابات البرلمانية القادمة ، قالت الصحيفة أن الإنتخابات السابقة إتسمت بالإنقسامات والإخلافات بين الحركات السياسية المعارضة ، لكن الأشهر الستة الأخيرة نجحت فى توحيد صفوف المعارضة ، أو على الأٌل جزء كبير منهم . فلقد نجح محمد البرادعي وعمرو موسي وحمدين صباحي فى تشكيل جبهة معارضة ضد الرئيس مرسي ، وقطاع كبير من التيارات المعارضة التى كانت قد تعاونت مع الإخوان فى السابق تراجعت عن هذا الآن . وأضافت أن تبلور جبهة معارضة موحدة قد يكون له آثار سلبية ، فقد خاض الإخوان إنتخابات البرلمان والرئاسة وهم يحاولون التظاهر بأنهم يثملوا كل المصريين وليس فقط الأيديولوجية الدينية ، وحرص مرشحيهم على الإبتعاد عن قوائم التيار السفلي ، وبعد الإنتخابات فضلوا دعوة الأحزاب العلمانية لتشكيل الحكومة وتقليل مشاركة التيار السلفي . لكن خلال إنتخابات الرئاسة تبين أن الإخوان فى جاحة ماسة للتيار السلفي حتى يتغلبوا على المرشح "أحمد شفيق" بنسبة 51.5 % عليه ، على الرغم من إعتبار شفيق أحد رموز النظام السابق ووجد محاربة من جانب التيار الليبرالي . لذلك فقد تبين الإخوان أنهم لا يستطيعون جذب الأحزاب العلمانية للحصول على دعمها ، فهم فى حاجة للتوجه للتيار السلفي حتى توفر لهم الشراكة ، وإذا حدث هذا التوافق مرة أخري فإن الإنتخابات القادمة يمكنه أن يدفع الحركات الليبرالية خارج البرلمان ، وهو ما سيؤثر على التشريعات التى سيحددها البرلمان القادم وعلى تحديد الأولويات الإقتصادية للدولة . وقالت "هآارتس" أن هنا تظهر معضلة للمعارضة ، والتى يعتزم جزء منها عدم المشاركة فى الإنتخابات البرلمانية القادمة من أجل حرمان "الإخوان" من الشرعية الشعبية أو لوقف الجماعة ، وهنا تظهر إشكالية ، فهذه المرة لن يشرف الجيش على الإنتخابات ولن يخطط لها كما جري مسبقا ، ففى السابق منح الجيش حماية للحركات العلمانية خلال الإنتخابات . وعلى الرغم من الخلافات والإدعاءات التى واجهها النظام السياسي لمرسي حتى الآن ، فإن مصر بعيدة عن جيرانها سواء ليبيا أو تونس ، فهم لم يخطو بعد على طريق صياغة الدستور أو إنهاء الفترة الإنتقالية ، لكن مصر مختلفة عنهم ، فقد بدأت فى إنهاء الإجراءات التدريجية لإعادة نظام الحكم ، وبهذا تتحمل مصر مسئولية إنجاح ظاهرة الثورات العربية .