أعترفت المملكة العربية السعودية ، رسميًا ، مساء أمس ، بمقتل الصحفي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية المملكة بإسطنبول في 2 أكتوبر الجاري ، ولكنها قالت إن لقى مصرعه خلال شجار نشب بينه وبين آخرين ، في إيحاء بأنها لم تكن عملا مدبرا. ويأتي أعتراف السعودية بمقتل خاشقجي ، عقب إنكارها معرفة مصير خاشجقي منذ 2 أكتوبر الجاري ودأبت على التأكيد أن "خاشقجي" خرج من السفارة عقب 20 دقيقة من دخوله ، كما تعنتت في مساعدة فريق التحقيق التركي فيما يخص دخول القنصلية السعودية بإسطنبول و منزل القنصل لتفتيشه . ووفق وكالة الأنباء السعوية الرسمية، فإن "التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة في موضوع اختفاء المواطن جمال بن أحمد خاشقجي أظهرت أن المناقشات التي تمت بينه وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي مما أدى إلى وفاته". وتابعت: "قامت النيابة العامة بالتحقيق مع عدد من المشتبه بهم بناء على المعلومات التي قدمتها السلطات التركية للفريق الأمني المشترك لمعرفة ما إذا كان لدى أي منهم معلومات أو له علاقة فيما حدث حيث كانت المعلومات التي تنقل للجهات الأمنية تشير إلى مغادرة المواطن جمال خاشقجي القنصلية" . وأضافت : "إنفاذاً لتوجيهات القيادة بضرورة معرفة الحقيقة بكل وضوح وإعلانها بشفافية مهما كانت، فقد أظهرت التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة قيام المشتبه بهم (لم تحدد هوياتهم) بالتوجه إلى إسطنبول لمقابلة المواطن جمال خاشقجي وذلك لظهور مؤشرات تدل على إمكانية عودته للبلاد". وقالت إن نتائج التحقيقات الأولية كشفت أن المناقشات التي تمت مع خاشقجي أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول من قبل المشتبه بهم "لم تسر بالشكل المطلوب وتطورت بشكل سلبي أدى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي بين بعضهم وبين خاشقجي، وتفاقم الأمر مما أدى إلى وفاته ومحاولتهم التكتم على ما حدث والتغطية على ذلك". وأضاف البيان أن "تحقيقات النيابة العامة في هذه القضية مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 شخصاً جميعهم من الجنسية السعودية، تمهيدا للوصول إلى كافة الحقائق وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه القضية وتقديمهم للعدالة" .
وبالتزامن مع بيان النيابة ، أصدر العاهل السعودي أوامر بإعفاء أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة بالبلاد، وأمر ملكي بإعفاء المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني من منصبه. كما أعفى العاهل السعودي ثلاثة ضباط كبار بالاستخبارت السعودية هم مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبدالله بن خليفة الشايع، ومدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة اللواء رشاد بن حامد المحمادي، دون الإعلان عن سبب الإعفاء. كما أعلنت السلطات السعودية تشكيل لجنة وزارية برئاسة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة . ووفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية فإنه "بناء على ما رفعه ولي العهد إلى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، عن الحاجة الماسة والملحة لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة وتحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق فإنه تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة بن سلمان". في نفس السياق، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر سعودي مطلع على سير التحقيقات في قضية "خاشقجي" أن جثة الأخير سلمها أحد سائقي قنصلية المملكة لمتعاون محلي في إسطنبول. تشكيك وعلق السناتور الجمهوري الأمريكي لينزي جراهام، على الرواية السعودية عن مقتل "خاشقجي" قائلًا : " أقل ما يمكن أن أقوله هو إنني متشكك في الرواية السعودية الجديدة بشأن السيد خاشقجي".
بدوره قال النائب الديموقراطي البارز في لجنة الاستخبارات آدم شيف إن "الزعم بأن خاشقجي قتل خلال شجار مع 15 شخصا أرسلتهم السعودية لا يتمتع بمصداقية على الإطلاق". وقال: "يجب محاسبة السعودية و ان امتنعت الادارة عن قيادة جهود المحاسبة ينبغي على الكونغرس ان يقود". بدوره طالب النائب الجمهوري مايك كوفمان الرئيس الأميريكي باستدعاء القائم بأعمال السفارة الأميريكية في الرياض بشكل فوري. وقال إنه على المجتمع الدولي أن "يدين استخدام المنشآت الدبلوماسية كغرف تعذيب من قبل دول مارقة".