طالب عدد من المحللين السياسيين بكتابة ميثاق شرف وطني يجمع كافة أبناء الشعب الفلسطيني وفصائله في الداخل والخارج، وحل كافة العراقيل التي توضع أمام إتمام المصالحة الفلسطينية كالرواتب والتنسيق الأمني في الضفة. ودعا المحللون إلى العمل على تمديد الفترة المتاحة لإنجاز بنود المصالحة التي تم التوافق عليها في لقاء القاهرة الأخير والتي تنتهي في الخامس عشر من نوفمبر الجاري، وعدم توسيع الصدع في الساحة الفلسطينية بالعودة إلى المربع الأول من القطيعة والخلافات. وكانت حركتا فتح وحماس توصلتا بعد قرابة 7 سنوات من الانقسام، إلى اتفاق في 23 (أبريل) نيسان 2014، للمصالحة، يقضي بإنهاء الانقسام الفلسطيني، وتشكيل حكومة توافق لمدة 6 شهور ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن، وتنتهي هذه المدة في 15 نوفمبر الجاري. سيناريوهات متوقعة من جانبه، تطرق القيادي في حركة فتح "جهاد حرب" إلى المحاور التي تم إنجازها خلال الفترة التي تلت اتفاق المصالحة بدءً بتشكيل حكومة التوافق وانتهاء بإعادة تصنيف الموظفين وإدماجهم في الخدمة المدنية وتشكيل اللجنة القانونية الإدارية والتي لم تنجز مهامها حتى الآن بشكل تام. وبنظر حرب فإن العديد من الظروف السياسية والميدانية، لعبت دوراً كبيراً في التشويش على سير مهمة الحكومة الحالية بإنجاز عملية المصالحة واستعادة الوحدة وإدماج الموظفين وغيرها من المهام التي كان من المفروض إنجازها. ويتابع حر ب: "العملية العسكرية الواسعة لجيش الاحتلال بعد خطف المستوطنين في مدينة الخليل، كانت من أهم المعوقات لإنجاز ملفات المصالحة خلال المدة المتفق عليها، وما تلا ذلك من ثم العدوان الإسرائيلي على غزة". كما أن موضوع إعادة إعمار غزة وما حاولت المقاومة الفلسطينية فرضه من شروط لوقف صواريخها أثناء حرب غزة الأخيرة كان الشغل الشاغل للفلسطينيين على حد سواء، وحدا بتفكيرهم وانتباههم عن مسألة استعادة الوحدة. ويضيف حرب: "وجود خلافات ما بين الأطراف الفلسطينية وخاصة حركتي فتح وحماس كانت وما زالت العثرة الأكبر في مسيرة المصالحة وإنجاز الملفات المطروحة على أجندة الفلسطينيين. أما عن السيناريوهات المتوقعة بعد 15 نوفمبر في حال لم يتم الانتهاء من معالجة القضايا المتفق عليها، فيتوقع حرب استمرار العمل على إنجاز بقية الملفات خلال المدة المتبقية، ومنها تأهيل الحكومة في قطاع غزة وإعادة الموظفين المدنيين إلى عملهم، وصرف ما تبقى لهم من حقوق ومستحقات. السيناريو الآخر المتوقع بحسب "حرب" هو العودة إلى مربع الانقسام والتراشق الإعلامي بين حركتي فتح وحماس وما يترب عليه من آثارا كارثية لا تحمد عقباها. ولتدارك ذلك يقترح حرب تمديد المدة ما بعد 15 لعدة أشهر أخرى، خاصة أن الأجواء خلال الفترة الماضية و التي تم تحديدها في اتفاق الشاطئ لم تكن مهيأة لإجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية. ويتابع: "هذه الخطوة بحاجة إلى تفاهم داخلي وفقاً لأولويات وأجندة الشعب الفلسطيني استعادة الوحدة وربما الاتفاق مستقبلاً على عقد الإطار لقيادي لمنظمة التحرير والذي يضم كل من فصائل المنظمة وحركتي حماس والجهاد الإسلامي. وتعليقاً على إمكانية عقد جلسة للمجلس التشريعي لبحث شرعية محمود عباس يقول حرب: "عندما نتحدث عن الشرعية، فالمجلس التشريعي وفقاً للقانون الأساسي ليس لديه صلاحية في أن يقيل الرئيس الفلسطيني، إلا اذا كان هناك قرار من المحكمة الدستورية العليا برفع الحصانة عنه أو فقدان الأهلية القانونية له". ضغوط دولية ولعل لغة الحذر هي التي كانت سائدة في توصيف الدكتور صخر الجبالي رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية للأحداث، حيث يرى أن عدم وجود السلم الأهلي في المجتمع الفلسطيني وتوفير الرواتب كمصدر رزق للموظفين هو من أهم الإشكاليات التي تعيق إنجاز ما اتُفق عليه خلال اتفاق المصالحة. وأرجع الجبالي تلك المعوقات إلى وجود متغيرات في البيئة الدولية وضغوطات تمارس من قبلها على صانع القرار السياسي الفلسطيني، حيث يرى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل تقف حائلا دون تحقيق المصالحة، بالإضافة الى وجود بعض من القيادات الفلسطينية المستفيدة من حالة الانقسام. وأفضل سيناريو فلسطيني كما يعتقد الجبالي، هو تكثيف الجهود لإنجاز ملف المصالحة، لما له على الصعيد الفلسطيني بشكل عام والمواطن الفلسطيني بغض النظر عن انتماؤه السياسي. ويتابع "ربما يستمر التدحرج باتجاه المصالحة، لكن على أرض الواقع قد لا يكون بالشكل الصحيح، وفي حال عدنا لحالة الانقسام، سيكون المواطن الفلسطيني سواء على صعيد الشعب وعلى صعيد القضية هو الخاسر الأكبر، ما سيزيد الطين بلة هو عودة التراشق الإعلامي من قبل بعض القيادات". ولتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتحاورة، دعا الجبالي قيادات كل من فتح الابتعاد تماماً عن ما يتعلق بالمصلحة الحزبية والالتفات الى المصلحة العامة. ففلسطين هي أسمى من أي تنظيم. ويشيد الجبالي بفكرة إعطاء فرصة أخرى للأطراف المتحاورة لإنجاز الملفات المطروحة، وذلك بتمديد المدة المتفق عليها، والعمل بجد وصدق من أجل انجاز المصالحة. ويحذر الجبالي من خطورة عدم انعقاد المجلس التشريعي منذ عام 2006 حتى الآن. مشيراً الى أن انعقاد جلساته، يُعطي طابع الثقة والشرعية للحكومة الحالية والرئيس الفلسطيني، داعياً الفصائل والأطراف المتخاصمة الى الاحتكام أولا وأخيرا الى إرادة الشعب. ميثاق شرف وطني من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي البروفيسور عبد الستار قاسم، إمكانية تحقيق المصالحة في ضوء المعطيات الحالية مستحيلة حيث يرى انها ستبقى مجرد شعار طالما لا يوجد برنامج تربوي ثقافي جديد في الساحة الفلسطينية. ويقول قاسم : "أولا وقبل أي شيء، يجب أن تُنزع الكراهية والبغضاء المتراكمة بين الأطراف المعنية من الجذور، ولا يكتفي توقيع المصالحة على الورق إنما ترجمة ذلك على أرض الواقع. ويتسائل: "كيف يمكن أن تتم مصالحة بين طرف يقاتل وطرف آخر يبحث عن المقاتلين لتسليمهم للمحتل؟! وحتى تتحقق الوحدة الوطنية، يدعو قاسم الى كتابة ميثاق وطني يجمع أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وأن يتم صياغته من قبل مختصين على دراية واسعة بضرورة تحرير الوطن. ويتابع: "بعد الانتهاء من كتابة الميثاق الوطني، يجب بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق مقتضيات هذا الميثاق وهذا من ضمن الملفات المطروحة والتي تم تجاهلها تماماً، فحماس تستبعد تغيير الإطار القيادي، وفتح غير معنية أبدا بذلك. وأشار البروفيسور إلى خطورة ملف التنسيق الأمني مع الاحتلال، خاصة مع تجاهله وعدم مناقشته أو التطرق إليه خلال جلسات المصالح، مؤكدا أنه بوجوده لا يمكن التوصل الى أي حلول أو تسويات، بل ومعتبراً ذلك نوع من التدليس على الشعب الفلسطيني. ودعا قاسم الى إنشاء محكمة لمحاكمة الفصائل والأشخاص الذين يشذون عن الميثاق الوطني الفلسطيني وكل من لا يحترم العهود والمواثيق ومحاكمته وإنزال العقوبة المناسبة بحقه. وفيما يتعلق بانعقاد المجلس التشريعي، فيرى قاسم أن كل من أمريكا واسرائيل ومن تواطئ معهما هم من يقفوا في وجه انعقاده، خاصة أن حركة حماس تشكل غالبية مقاعده وبالتالي هذا يتنافى مع مصالحها. المصدر: المركز الفلسطيني للاعلام