الجرائم التي ترتكب علي صفحات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر تجاوزت كل الخطوط الحمراء حيث تتضمن تحريضاً علي القتل بنشر عناوين منازل ضباط الشرطة ومطالبة المواطنين بقتلهم وتبادل الألفاظ البذيئة والاعتداء علي الحريات وتناول الحياة الخاصة وهتك الأعراض والاهانات الشخصية فهل تجدي العقوبات التي تنوي الحكومة تطبيقها لوقف هذه الجرائم؟ خبراء التكنولوجيا والقانون وصفوا هذه المواقع بأنها تحولت إلي أسلحة دمار شامل تهدد الوطن والمواطنين في جريمة متكاملة الأركان يجب التصدي لها بكل قوة وعقاب مرتكبيها. قالوا ان حجب هذه المواقع ممكن من الناحية التكنولوجية والتقنية ولكن المشكلة في الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر وتمنع الحجب أو القطع لهذه الوسائل. أضافوا ان المشكلة تعبر بوضوح عن تراجع ثقافة المجتمع خاصة بعد ثورة 25 يناير حيث يرفض الغالبية الحوار ويسعون إلي فرض آرائهم حتي ولو بالقوة. أشاروا إلي أن العقوبات وحدها لا تكفي للحد من الظاهرة مطالبين بضرورة وجود ميثاق شرف لمستخدمي هذه الوسيلة وتوعية وتثقيف لمستخدميها من الصغر * د.ناصر فؤاد - عضو لجنة التشريعات بوزارة الاتصالات ونائب رئيس الاتحاد العربي للجمعيات المعلوماتية - يؤكد انه لا يوجد حتي الآن قانون سواء في مصر أو دولة من دول العالم خاص بتوقيع عقوبة علي من يسيء استخدام الفيس بوك خاصة والإنترنت بصفة عامة باستثناء تركيا التي يوجد بها قانون خاص بالتصدي لظاهرة السب والقذف علي الإنترنت وعلي هذا الأساس قامت الحكومة التركية باغلاق موقع تويتر الذي سرعان ما عاد بحكم من المحكمة. أضاف ان الجرائم التي ترتكب علي الفيس بوك لا تقل خطورة عن الجرائم التي ترتكب علي أرض الواقع كالتحريض علي القتل أو السب والقذف أو التعرض للحياة الخاصة ونفس الجرائم تحدث علي أرض الواقع من خلال الاتصال المباشر مع اختلاف الوسيط أو الوسيلة التي ترتكب بها ففي الحالة الأولي ترتكب في الفضاء وفي الثانية من خلال الاتصال المباشر. استطرد قائلا: المشكلة هنا في صعوبة ضبط الجاني لعدة أسباب منها: ان الجاني قد يكون في بلد ما والمجني عليه في بلد آخر ومنها ان الشخص الجاني يمكن ان يتخفي وراء اسم مستعار وكذلك يمكن ان ينتحل صفة شخص آخر تماما وهو ما نعاني منه كثيرا والحالة الوحيدة لكي يتم ضبط الجاني المرتكب للفعل هي ان يثبت عليه مثلا التحريض علي القتل أو السب أو القذف والاعتداء اللفظي بصفة عامة فساعتها يمكن أن يقع تحت طائلة القانون المدني الي ينظم هذه المسائل. أشار إلي أنه من الناحية التكنولوجية أو التقنية من الممكن أن نقوم بحجب ومنع الأفعال والأقوال المسيئة علي الإنترنت من خلال إعادة "فلترة" المواقع المختلفة قبل إعادة بثها أو التشويش علي الكلمات المسيئة ولكن تبقي هنا اشكالية كبري وهي ان القوانين سواء الدولية أو المحلية واتفاقيات حقوق الانسان التي وقعت عليها مصر تقف جميعا ضد المنع والقطع والحجب لوسائل المعرفة ومنها الإنترنت وإذا قامت الحكومة بأي خطوات في هذا المجال ستجد من يعترض علي أساس ان هذا يتنافي مع ما وقعت عليه مصر من اتفاقيات وضد الحريات العامة. أوضح انه بجانب ضرورة تطبيق القوانين المدنية علي من يثبت انه ارتكب فعلا مخلا علي الفيس بوك يجب أن يكون هناك بعض الوعي لدي المتعاملين مع هذه المواقع بعدم الاستجابة إلي ما يتنافي مع الذوق العام وأخلاقياتنا في هذا المجال حتي لا نعاني من الفوضي أكثر مما هو حادث الآن. الحقوق العامة * المستشار محمد حامد الجمل - نائب رئيس مجلس الدولة سابقا - يؤكد ان الإعلان العالمي لحقوق الانسان والوثيقة الدولية للحقوق السياسية والمدنية يقرران حقوقا من حق الانسان أن يستخدمها ولكن بشرط ألا تضر بالمجتمع ولا الأفراد وألا تمثل اعتداء علي الحقوق العامة والخاصة ومن هذا المنطلق فإن الوسائل الالكترونية مثل الفيس بوك يجب أن تستخدم فيما لا يحقق ضررا للآخرين. أضاف ان الحرية مكفولة في هذا الإطار أما إذا خرجت عنه وتحولت إلي الازعاج والتهديد بالقتل أو التحريض عليه والسب والقذف والاعتداء علي الحياة الشخصية فإنها في هذه الساعة تتحول إلي جريمة يجب المحاسبة عليها ومحاكمة من اقترفها حماية للمجتمع واعمالا للشرعية الدستورية والقانونية ضد الاضرار بالعام والخاص. أكد انه من الأفضل أن يكون هناك قانون خاص ينطبق علي السوائل الالكترونية وجرائمها التي زادت في الفترة الأخيرة بصورة غير مسبوقة وأصبح السب والقذف والاعتداء علي الحرمات والحياة الخاصة أمراً عاديا. الحوار المنطقي * د.محمد فهمي طلبة - عميد كلية الحاسبات والمعلومات بعين شمس سابقا ورئيس قطاع الحاسبات بالمجلس الأعلي للجامعات - قال: القضية ليست الاستغلال السيئ للتكنولوجيا أو الانحراف عن الاستخدام الأمثل لها بقدر ما هي قضية ثقافة مجتمع أصبح لا يعترف بالرأي والرأي الآخر ويبتعد عن أسس الحوار المنطقي المبني علي الأسس العلمية والمنطق والمعلومات والرؤي المستقبلية. أضاف المشكلة ان هذه الظاهرة منتشرة في مصر بشكل كبير علي عكس الخارج الذين يعلون من قيمة المعلومة وقيمة الحقيقة فهم عندما يفتحون حوارا مع الآخر يكون الهدف هو توثيق المعلومات أو الإدلاء بالحقائق ولكن لدينا إذا اختلفنا في الرأي نري انه من حقنا ان نخرج من دائرة الاختلاف إلي دائرة السب والاهانة والتشكيك بل والآخر التخوين للآخر وبدلا من أن تكون صفحات التواصل الاجتماعي أداة للتواصل أصبحت أداة للفرقة لأن الذي يطرح رأيه ليس هدفه الحوار ولكن فرض رأيه ومن ثم نري الاهانات والتجاوزات. رفض أن يكون العلاج في العقاب وتشديد القوانين ولكن في تغير ثقافة المجتمع حتي يتعلم أفراده قيمة التحاور ففرض القيود قد يحول شحنات الغضب لدي البعض إلي بركان يفجره علي أرض الواقع إذا تم تقيده علي الفيس بوك ولذلك لابد من احتواء هذه النوعيات ووجود برنامج توعية لهم. خطر داهم * د.حسن محمد إبراهيم - عميد كلية الحاسبات بجامعة أسيوط سابقا - يصف مواقع التواصل الاجتماعي بأنها بمثابة الخطر الذي يهددنا لأنها خرجت علي السياق باستثناء أغلبية الدارسين للتكنولوجيا فهم الأكثر انضباطا أما غير ذلك فقد أساءوا استخدامها خاصة بعد ثورة 25 يناير حيث تحولت هذه المواقع إلي ما يشبه أسلحة الدمار الشامل ضد المجتمع والأفراد. أضاف ان هناك قطاعا كبيرا من المتجاوزين من المتعلمين وهؤلاء يضيعون جزءاً كبيراً من وقتهم في نشر الأفكار الهدامة والكذب والتضليل وترويج الاشاعات لعدم وجود ضوابط عليها وعدم وجود قوانين تحكمها. اقترح وجود ميثاق شرف يحكم هذه المواقع ومن يديرها بحيث لا يكون تجريح أو اهانة أو سب وقذف أو تحريض فرغم ان القانون العادي يعاقب علي هذه الأفعال إلا ان المشكلة في ان هؤلاء المستخدمين للتكنولوجيا بعيدين عن سلطان القانون. حوار ديمقراطي * د.نرمين الأزرق - أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة - تؤكد انه عندما ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي كان هدفها ارساء حوار ديمقراطي وخلق حالة تواصل بين الأفراد أي انها أداة موازية لخدمة الديمقراطية والمجتمع حيث يتم تداول المعلومة ونشرها وبحث أبعادها وليس السب والقذف. أضافت: لا أحبذ وجود قانون أو رقابة علي وسائل الاتصال لأن القوانين وحدها لا تكفي للإصلاح ولكن الإصلاح يبدأ من التربية والتنشئة السليمة في البيوت والمدارس بحيث لا تتحول المواقع إلي مواقع للافساد وأماكن لنشر الأخبار الكاذبة والتهديد.