لجنة إعداد الدستور المعينة من قِبل سلطات 3 يوليو المباركة، حبيبة الشعب، ونور عنيها انتهت أخيراً من التصويت على دستور مصر الجديد المعدل، وحرصاً من اللجنة الموقرة على التوافق التام، وبعد جُهدٍ جهيد، وبعد شد وجذب، وأخذ ورد، ووعيد وتهديد بالانسحاب بين التيارات السياسية المختلفة، والمعبرة عن الشعب، تلك الأجنحة المتصارعة داخل اللجنة، والمتمثلة في التيار الناصري المؤيد للزعيم المُلهم الجديد، والتيار المحافظ على تقاليد وأركان دولة الاستقرار المصرية المباركية، والتيار شبه الإسلامي والذي حمل رايته مؤقتا، واحتياطياً، وتضحيةً بسبب الظروف العصيبة، أحبابنا أصحاب فقه الأحوط والأَولى في المحافظة على البلد وجيشها ونور مستقبلها.. ومن أجل مصلحة مصر "الأم"، ومصلحة المصريين "الشعب"، وأيضاً مصلحة العرب"الأُخوة الكبار الآن والرُعاة الأساسيين" .. ؛ ومن أجل تنفيذ "الخارطة المخروطة المحددة" بحذافيرها؛ والتزاما بمواعيد الإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس المؤقت حفظه الله .. فقد انتهت اللجنة الموقرة حين احتفلت أخيراً على وقع موسيقى النشيد الوطنى، وهُتافات: تحيا مصر تحيا مصر.. انتهت من إدخال كل التعديلات الدستورية التي تراءت لها لازمة للتعديل، أو الإلغاء من دستور 2012 الفاشي، دستور مرسي وقبيلته وإخوانه وأتباعه أصحاب المصالح الخاصة مع غزة .. نعم انتهت اللجنة أخيراً من التعديلات والتصويت عليها، وسوف يتم تسليم الدستور الجديد يوم الثلاثاء لعدلي بيه؛ لدعوة الناخبين للاستفتاء عليه.. وكما تقدم تُبشركم اللجنة بأنه لا خلافات بعد اليوم ولا يحزنون، إذ لا مواد خلافية أساساً، ولا مواد معلقة أصلاً، و"كله في السليم إن شاء الله" .. وتحب اللجنة طمأنة الجميع: مصر، والمصريين، والعرب "كمان"، أن المسائل الخلافية "المعقدة و"البايخة" والتي كانت دوما مثار جدال واختلاف، ونزاع ومعارك، واستئثار ومحاصصة، وتوازن وتربيطات قد تم حسمها، مثل: كوتة الحريم في مجلس الشعب، وكوتة "إخواتنا" شُركاءنا في الوطن "المسيحيين"، وكوته ال 50% هدية عبد الناصر للعمال والفلاحين .. وأيضا مسألة ماهية وطبيعة وشكل النظام الانتخابي الذي ستجري وفقاً له انتخابات مجلس الشعب القادم( هل بنظام القائمة والفردي، أم القائمة فقط، أم الفردي فقط).. كما حسمت اللجنة أخطر مسألة أيضاً والتي تتمثل في إجابة هذا السؤال: هل يتم إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً ومن ثم ضمان استقرار الحُكم للزعيم وترتيب الأوضاع ابتداءً، أم إجراء الانتخابات البرلمانية واحتمالات تكرار فوز العفاريت ولاد الهِرمة أولاً وثانياً وثالثاً؟؟. نعم، نعم .. أبشروا أهل المحروسة، فلجنة تعديل الدستور قد فوضت عدلي بيه في تحديد وحسم كل هذه المسائل المعقدة الخطرة التي تسببت من قبل في خلافات الأُخوة الأشقاء المصريين وتنازعهم وفرقتهم، وبعد اليوم لا تنازع مطلقاً، فعدلي بيه حارس الشرعية الجديد، وبموجب سلطته التشريعية المؤقتة أيضاً بوصفه مشرع مصر المحروسة الأوحد حالياً وفقا للإعلان الدستوري هو من سيقوم بتحديد وتنظيم كل هذه المسائل الخلافية الدقيقة، لكن في حينها، وفي ساعتها الموعودة إن شاء الله.. ولأن الثقة في شخص الرجل مُتناهية؛ فلا قلق، ولا ضرر، ولا خوف من المستقبل. لكن المسألة التي حيرت مثلي من أهل الاختصاص القانوني مؤداها ومضمونها: كيف نُصدر دستوراً جديداً ثم نُحيل أخطر وأهم مسائل خلافية فيه إلى إعلان دستوري سابق عليه كرس ووضع السلطة التشريعية في يد رئيس مؤقت، مُعين من سلطة لا تحوز إجماع الناس في مصر؟ .. يُفترض بعد استفتاء وموافقة وإصدار الدستور الجديد أن يُلغى الإعلان الدستوري؛ ونبدأ في التخلص من كل ما هو، ومن هو مؤقت؛ لتدخل مصر في مرحلة استقرار حقيقية بناءً على نصوص دستورية رصينة واضحة، وهذه النصوص إذا أحالت تنظيم مسألة مستقبلية كان يجب النص على إحالتها إلى السلطة التشريعية البرلمانية الحقيقية المنتخبة من الشعب، فكيف إذن نُحيل بنصوص الدستور الجديد إلى نصوص الإعلان الدستوري المؤقت، وإلى الرئيس المؤقت، ومعلوم للكافة حدود وإمكانيات وسلطات هذا الرئيس المؤقت؟!!.. من ناحية أخرى، فالنصوص الدستورية الجديدة قد يترتب على التفسير الواسع للمدد الزمنية التي نصت عليها أن تمتد فترة إجراء الانتخابات إلى عام كامل أو يزيد، ومن ثم يمتد أيضاً عُمْر خارطة المستقبل، وعُمْر بقاء حُراسها في سُدة الحكم فعلياً لحين ترتيب أوراق اللعبة واقعياً. لكن يبقى السؤال الأهم الذي سَيُجيب عليه الشعب نفسه، ومؤداه: أيمكن أن يخرج المصريون فعلاً للاستفتاء على مثل هذه النصوص الدستورية المريضة المعتلة، والمُفصلة بدقة.. والتي كرست وأجازت محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وحصنت منصب وزير الدفاع ذهاباً وإياباً لمدتين رئاسيتين كما طلب الزعيم، كما فوضته في تحديد كل صغيرة وكبيرة بالإنابة المؤقتة.. هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة، ويثبت مدى وعي هذا الشعب، وحدود استفادته من التاريخ الذي يعيد نفسه والتجربة المكررة... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.