تفضل منتصر الزيات بتاريخ 26/4/2006م بمقال في جريدة الحياة عنوانه : علاقة «الإخوان» بالنظام المصري: أزمة منهجية أم مصالح متصادمة؟ ويتساءل الكاتب عن نوع العلاقة التي تربط الإخوان بدوائر السلطة ... فهو يري أنها علاقة غامضة فبين الحين والآخر تطرأ أزمة تكدر صفو العلاقة الغامضة ويرافق ذلك إجراءات بوليسية بالقبض والاشتباه ... ثم يضيف أن الإجراءات ضد الإخوان تكون مقننة ومع غيرهم متعسفة . بداية ... الإخوان متواجدون منذ عقود عديدة ولا مزايدة أن قلنا أنهم بالفعل الكتلة الصلبة التي استعصت على فكي الرحى... المرة بعد المرة ... ولم تجد معها أساليب السحق والهرس والحظر التي اتخذت ضدها وضد غيرها بلا رحمة طوال ما يزيد عن نصف قرن ، ومن يتغافل أو يحاول فرض رؤية مخالفة لطبيعة ما يراه الناس ، نقول له أن هناك ذاكرة تاريخية تستدعي وتسترجع عند الحاجة... ولكي لا يتشعب الحديث ، سوف أضرب مثلا واحدا على مدي قوة هذه الجماعة وترسخها في وجدان الناس من غير أعضائها ... الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، المتابع كان ممكن له أن يلحظ عدة أمور ... منها : 1- الهجوم على الإخوان بدأ قبل بدء موعد الانتخابات (القبض علي عصام العريان). 2- كل التيارات تقريبا هاجمت الإخوان بدون رحمة . 3- كل الصحف القومية ربما والحزبية شنت حملة منظمة ضد الإخوان. 4- خصصت فقرات إعلامية منتظمة للنيل منهم . 5- صرخات الخوف من الإخوان تعدت القطر ... لتصل إلي إسرائيل ومن ثم أمريكا (حسب كلام محمد حسنين هيكل للدستور) . 6- مورست أسوأ الأساليب ضد مرشحي وناخبي جماعة الإخوان. حتى بات شائعا، بل جزءا من الطقوس الضرورية التي تسبق كل حديث من نخب السلطة ..هو الهجوم على اختيار الناس الذي تفضلوا وأسموه بالاختيار الخطأ ( الإخوان ) وبرغم ذلك ... لم يذكر شخص واحد أي نقيصة أخلاقية أو مالية على هذه الجماعة .. وكل الهجوم كان أما علي الشعار أو التشدد الديني أو أنهم نجحوا لأنهم يملكون المال أو لكونهم منظمين أكثر من غيرهم أو لكونهم اختاروا مرشحيهم بعناية ... وكلها في النهاية اعتبارات تحسب للإخوان .. وبالفعل زادت من قدرهم وبنفس القدر حطت من قدر مهاجميهم. ولكنك تفاجأ بمن يسوق لك أدلة ظنيه كي يشكك في الإجراءات التي تتخذ ضد الإخوان ، وكأن السجن أصبح ترف تزفه السلطة إلي الإخوان لينعموا به دون غيرهم ... وكأنه يستعدي السلطة ضد الإخوان ، مشيرا إلي أن هناك غموض يشوب عمليات القبض على أعضائها وان فترات السجن تكون مقننة (بدلا من أن يطالب بالتحقيق في الوقائع التي من أجلها سجن الإخوان أو غيرهم- أو بإلغاء قانون الطوارئ)... أمر يثير الدهشة حقا .. وتجد متمول تلفزيوني كنت أحسبه لفترة قريبة ضمن الجماعة ، يتقول عليهم بما لم يقوله أحد حتى اشد خصومهم عداوة ... ويصور الظهور والأداء القوى للجماعة علي انه ما يشبه المؤامرة .. وانه تم تحريك الإخوان في مظاهرات كان الغرض منها إرباك حركة كفاية وان التدابير الأمنية التي اتخذت ضد هذه المظاهرات لم ترق إلي مستوى الحدث .. بمعنى انه تم التراخي المتعمد مما يدل على تواطئ ... والأنكى من ذلك هو الغمز بأن الانتهاكات التي حدثت امام نقابة الصحافيين ، لم تكن بعيدة عنهم وهو تحليل لا يخفي رغبة صاحبه المسعورة في اللحاق اكبر أذي بالجماعة حتى ولو بالادعاء دون قرينة. ولا تجد كلام تقوله لمثل هذا ، نقول فقط ... نفرض ... نفرض مثلا ... مجرد فرض .. أن الإخوان متواطئون ... يكون السؤال علي من يتم التواطؤ ؟ .. ليس أمام النظر سوي الحزب الماسك بزمام الحكم ... وكل القوي الموجودة تذكر فقط حين نتذكر عدد الأحزاب أو أسمائها، بل ان كل القوى (غير الحزب الحاكم والإخوان) اذا اجتمعت لا تستطيع ان تكون رقما ثالثا في المعادلة ، بل أنها لن ترجح كفة على أخري ان قررت الانضمام هنا أو هناك ، ثم يبقى الاعتبار الأهم وهو أن الحزب المسيطر لا يحتاج إلي تواطؤ ... فهو متمكن بالفعل ويمسك بكل الخيوط ويفعل كل شيء ولا يوجد من يجرؤ على المحاسبة ... فليس امام الحزب الحاكم .. حزب آخر يخيفه أو ممكن يزاحمه ، كما انه ليست هناك حياة ديمقراطية ممكن أن تفرز شركاء في الحكم أو وزراء هنا أو هناك.. كما أننا لا نتمتع مثلا بحياة سياسية تراجع وتراقب وتضبط وتحاكم ... (بعد عشرين سنة تم تقديم قضية إبراهيم نافع) أي ان القضايا المسربة للصحافة هي بالفعل مسربة وليست نتيجة عمل صحفي سعي هنا وهناك وجمع ثم قدم خبرا وقضية ورأيا .. بل يتم تسريب قضية كاملة وهو عمل فوق طاقة أي من صحف المعارضة .. بمعني انه حتى قضايا الفساد المنشورة ، هي قضايا فساد بالفعل ولكن يتم توظيفها لاهداف الحزب الحاكم أيضا ، فحزب بهذا القدر من التمكن والقدرة ... لا يحتاج إلي التآمر . نأتي إلي الإخوان .... لا يعقل لجماعة هذا هو تاريخها ... أن تنتقل فجأة من خانة المعارضة إلي خانة الجماعة التي تتسول لنفسها دورا كما يحاول صاحبنا تصويرها ، فإذا كان النظام يعرف حجم الجماعة فالأولي أن تكون الجماعة مدركة لحجمها وقدراتها ولا يعقل أن تهدر الجماعة هيبتها بالاستجابة لطلبات السلطة ، والناس اختارت الإخوان لذاتهم وليس لان الناس تحب الدين فاختاروا الإخوان ... هناك رموز دينية سقطت سقوطا مريعا في ضواحي الجيزة ، كما أن الصحافة تهاجم أي مسئول ذي منصب ديني أذا اختلف كلامه عن المزاج العام .. أي أن المظهر الديني لا يشفع لصاحبه باستمرار . الرغبة في الانتقام من جماعة الإخوان التي لم تستجب لبعض المرشحين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، جعلت هؤلاء يتبنون تحليلا يتسم بالسذاجة والسطحية والعجلة أحيانا ويتخيلون فيما وراء الأكمة ما لا وجود له ويتبنون خطابا عدائيا لن يفيد احدا بقدر ما يضر بالاخص أصحابه. كاتب مصري [email protected]