طرحت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تساؤلا حول خلفية جماعة الإخوان المسلمين الدولية، ورغم أن كوادر الإخوان المسلمين دائما ما يعلنون احترامهم للطريقة التي تتعامل بها الجماعة مع متغيرات المجتمع، وهم لا يذكرون شيئا عن السلطة داخل الجماعة ذاتها، أو انتشار الجماعة في دول العالم، فإن التنظيم الدولي نفسه ليس بهذه الأهمية التي يتصورها الكثيرون. وكتب ناثان براون أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطنالأمريكية، يقول إن الحديث كثر مؤخرا حول نشاطات الحركات الإسلامية في دول العالم، خاصة وأن الغرب يعتبرها مجرد غطاء لكل أنواع النشاطات السياسية والعنيفة والتبشيرية. وقال إن الإخوان المسلمين "نشبوا مخالبهم" في قلب العالم العربي، ووصل تأثيرهم من أوسلو إلى مدينة أوكلاهوما الأمريكية! وقد قام براون بأبحاث حول تواجد الإخوان المسلمين في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية، بالإضافة لوجودهم الأقوى في الدول العربية، وتأكد في النهاية من وجود ما يشبه تنظيم دولي للإخوان المسلمين، لكنه ليس مهما كما يبدو، حتى بالنسبة لأعضاء الجماعة أنفسهم. هناك جماعة الإخوان المسلمين الدولية، ومنها فروع في عدة مجتمعات، كل منها يرأسه "مراقب عام"، وتتبع كل فروع الجماعة "المرشد العام" الموجود في مصر، التي تعتبر مركز وأساس جماعة الإخوان المسلمين. ويبدو التنظيم الدولي للإخوان متواريا إلى حد ما، فنحن نعرف عن عملياتها الداخلية أقل القليل، ولا يعرف أحد عن اجتماعاتها أو تحركاتها شيئا إلا عندما يتم اتخاذ قرار علني. وهناك أيضا حركات قليلة تأثرت بالإخوان المسلمين (في إسرائيل والكويت والعراق واندونيسيا)، لكنها لا تعترف بعلاقتها مع التنظيم الدولي، بينما يحتفظ آخرون بعلاقات رسمية في أضيق الحدود ببعض أفراد الإخوان المسلمين. على الجانب الآخر، هناك منظمات إسلامية أخرى مثل المنتدى الدولي للبرلمانيين الإسلاميين، وهؤلاء مرتبطون بالجماعة بشكل غير رسمي، ويعمل المنتدى على جذب أعضاء من كل فروع الإخوان المسلمين من عدة دول. لماذا لا يعتبر تنظيم الإخوان الدولي مهما؟ وأوضح براون لماذا لا يعتبر التنظيم الدولي هاما، لأنه ليس ذا تأثير حقيقي. ففي عام 1989، كان هناك خلاف بين أعضاء الإخوان المسلمين في الأردن حول ما إذا كان يجب قبول دعوة الحكومة للانضمام إلى البرلمان أم لا، وحاول الأعضاء وقتها تصعيد الخلاف للتنظيم الدولي، لكن الإجابة جاءت متأخرة كثيرا، وغامضة بما فيه الكفاية لكي تعجز عن حل النزاع بينهم. والسبب الثاني الذي يجعل التنظيم الدولي للإخوان دون أهمية هو أنه خامل أكثر من اللازم، ويسيطر عليه المصريون دائما، فقائده دائما مصري، وهو ما حدث مع المرشد العام محمد بديع، الذي وافق التنظيم عليه بعد نجاحه في الانتخابات. ورغم أن معظم الإخوان مقتنعون أن الريادة لفرع الإخوان في مصر باعتباره المؤسس للجماعة، فإنهم يجدون أن القادة المصريين دائما مشغولون بالشأن المصري، دون اعتبار الشأن الدولي للجماعة كثيرا بسبب القبضة الأمنية المصرية المشددة عليهم، إذ لا يستطيع أيا منهم مغادرة البلاد. "المشاركة لا السيطرة" بالنسبة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، تعتبر العلاقة بين فروعه علاقة "مشاركة لا سيطرة"، أي أن فروعها تتبع الفرع الأساسي في القاهرة تبعية روحية، غير ملزمة. فمثلا يتمسك الإخوان بمبدأ التغيير السلمي، إلا في حالة مقاومة الاحتلال، وقتها يكون العنف مشروعا. وهذا ما حدث مع حركة حماس في فلسطين، حيث يؤكد قادة الإخوان المسلمين أن تقييم رد الفعل المطلوب، واعتبار الوجود الإسرائيلي احتلالا يجب مقاومته بالعنف هو شأن حماس فقط. من ناحية أخرى، يرى براون أن الإخوان في مصر والأردن يحاولون المشاركة في الحياة السياسية بمبدأ "ادخل المعركة لكن لا تفز"، بمعنى أنهم يحاولون الحصول على بعض المقاعد البرلمانية، لكنهم لا يسعون للدفع بمرشحيهم إلى الأغلبية، فيصبح في النهاية نصرهم منقوصا، إن استطاعوا الفوز بمقاعد برلمانية في النهاية. واختتم براون تحليله للتنظيم الدولي للإخوان موضحا أنه رغم اختلاف فروع الجماعة في كل مكان، فإنهم جميعا يحاولون تطبيق منهج حسن البنا، الذي يعتبر أكثره تكتيكا تنظيميا وخطبا حماسية وتركيز على المشاركة الاجتماعية أكثر منه فلسفة عويصة. من ناحية أخرى، الإخوان المسلمون ليسوا عصابة أو حفنة من المتشددين، وإنما أصبحوا أقرب للحركات الاجتماعية، مجموعة من الناس يتشاركون فكرا واحدا، ويحاولون البقاء مترابطين قدر الإمكان وتحقيق الإصلاح على طريقتهم.