سفير الاتحاد الأوروبي يزور أديرة بيشوي والسريان والبراموس ومنتجع الرمال بالبحيرة    التحالف الوطني يعزز شراكاته مع الأمم المتحدة في اجتماع موسع مع مديري وكالات الأمم المتحدة العاملة في مصر    الاحتلال الإسرائيلي يهدد حزب الله باجتياح بري كبير    مصر تتفاوض مع إيطاليا على حزمة تمويل بقيمة 4 مليارات يورو    بلومبرج: حلفاء أوكرانيا قد يلجأون إلى بوتين لحل الصراع    ريال مدريد نحو الحفاظ على رقم مميز ضد ألافيس في الدوري الإسباني    هالاند يعود إلى النرويج    انطلاق فعاليات برنامج مشواري للنشء والشباب في دمياط    عاجل.. القبض على إسلام بحيري بعد تأييد عقوبة حبسه    تعرف على ندوات الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    وزير الصحة ومحافظ القاهرة يفتتحان مشروع تطوير مجمع رعايات الأطفال بحميات العباسية    مُستشار الرئيس: استنفار كبير بالمؤسسات الصحية في أسوان.. والوضع مطمئن تمامًا    IGI Developments تحتفل بمرور 30 عامًا من الإنجازات وتعلن عن خطط طموحة للمستقبل    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    جامعة المنصورة تطلق منصة الدراسات العليا (Knowture) لنشر المعرفة والبحث العلمي    بينها سيتال وبنادول.. ضخ كميات جديدة من أدوية الضغط وخوافض للحرارة ومسكنات (قائمة)    عوض تاج الدين: 5 وفيات فقط في أسوان لا يمكن ربطها بأزمة "النزلات المعوية"    روسيا: العالم الحديث يواجه تحديات غير مسبوقة ووحدة الدول ضد النازية دفعت لإنشاء الأمم المتحدة    فنانو مصر يدعمون لبنان    صندوق أسرار مريم الجندي.. والدها من أشهر الفنانين وأخوها مخرج معروف    محافظ الدقهلية يشهد نموذج محاكاة للتأكد من استعداد الوحدات المحلية لمواجهة سقوط السيول والأمطار    متحدث الإسكان: قرار إلغاء 70% من غرامات تأخير الشقق والمحال لدعم المواطن    هيئة الكتاب تشارك ب500 عنوان فى معرض الكتاب بنقابة الصحفيين    البنك المركزي المصري يقبل ودائع بقيمة 848.4 مليار جنيه    تأكيد مشاركة 45 وزيرًا و70 رئيس مدينة حتي الآن.. تفاعل دولي ومحلي واسع لاستضافة مصر المنتدى الحضري العالمي 4 فبراير المقبل لتدشين حقبة جديدة للتنمية العمرانية    «100 يوم صحة» قدمت 85 مليون و960 ألف خدمة مجانية خلال 54 يوما    وزير العمل: مصر تدعم كل عمل عربي مشترك يؤدي إلى التنمية وتوفير فرص العمل للشباب    بعثة الزمالك تطير إلى السعودية لمواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    اتحاد الكرة يعلن عن تشكيل الجهاز الفني لمنتخب الشباب بقيادة روجيرو ميكالي    بمجموعة من الإعفاءات.. «الضرائب»: النظام المتكامل للممولين يتميز بالتعامل مع كافة الأوعية    تين هاج: أنا مشجع لفريق تفينتى ولم أرغب فى مواجهته    رئيس جامعة القاهرة: لدينا علاقات قوية مع الجامعات الصينية ونبحث تبادل الزيارات والبرامج المزدوجة    وزيرة التضامن تتوجه إلى جنيف للمشاركة في فعاليات الدورة ال 57 لمجلس حقوق الإنسان    المشاط تلتقي ممثلي «منتدى الشباب» ضمن قمة المستقبل 2024 بنيويورك    المواطنة والهوية الوطنية.. كيف تؤثر القيم الإنسانية في مواجهة الفكر المتطرف؟    الشلماني يثير حفيظة القطبين قبل موقعة السوبر    بلال ل أحد منتقديه: نصحناك من 20 سنة..«تمارس مهنة مش مهنتك»    اختلال عجلة القيادة.. تفاصيل إصابة 4 أشخاص إثر تصادم سيارتين بمنشأة القناطر    الجيزة تزيل 13 كشك و"فاترينة" مقامة بالمخالفة بالطريق العام في المنيب    «إلغاء الوجبات المجانية على الطائرات».. توجه عالمي لشراء المأكولات قبل السفر (تفاصيل)    طقس الفيوم.. انخفاض درجة الحرارة والعظمى تسجل 33°    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    إيرادات مفاجئة لفيلم عاشق في دور العرض المصرية.. تفاصيل وأرقام    المغرب يحصد ذهبية الفيلم القصير في مهرجان الغردقة السينمائي    «سيدات سلة الأهلي» يواجهن الشمس ببطولة منطقة القاهرة    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    ضبط مخزن في طنطا لإعادة تعبئة المبيدات الزراعية منتهية الصلاحية باستخدام علامات تجارية كبرى    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    النزلات المعوية.. مستشار الرئيس: نستنفر لخدمة المرضى دون تأخير.. ده واجب قومي علينا    رئيس شركة المياه بالإسكندرية يتفقد يتابع أعمال الإحلال والتجديد استعدادا لموسم الشتاء    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إن أنت أكرمت اللئيم تمردا!
نشر في المصريون يوم 20 - 11 - 2012

وصف المتنبي بأنه شاعر الحكمة، والحكمة كما في بعض تعريفاتها التي ساقها اللغوي الشهير الجرجاني أنها "علم يُبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه في الوجود"، فحقائق الأشياء يبدو أنها مع مرور الزمن، ولوثة الثقافات، وانحدار الفطرة مما توجّب علينا دراسته وإتقانه ومعرفته وحفظه؛ فسرعان ما كشف لنا التاريخ عن طبقة المهرجين من أصحاب الألسنة المعسولة التي يمكن بمنتهى اليسر أن تخدع الجماهير العريضة لتؤكد لهم أن الباطل هو الحق!
من الحكمة قول الحكيم المتنبي في بساطة وعمق بيته الشهير:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته*** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا!
الثورة المصرية ما قامت في الأساس إلا للقضاء على كل لئيم اللسان والعمل، لكن في خديعة واضحة، واستغلال خبيث للزمن تم صنع حالة من الفبركة الإعلامية على مدار أشهر متواليات غرضها تمثّل في عملية تخدير واسعة النطاق، فظهرت قنوات إعلامية بعد الثورة بأشهر قليلة لتكون قاطرة الثورة المضادة إلى الآن؛ وقد نجحت في معارك عديدة!
ليس ثمة ما يقال عن سياسة الرئيس مرسي تجاه دولة حسني مبارك سوى أنها سياسة اللا سياسة، هكذا بوضوح دون تبرير أو تسفيه لمجهود الرجل، وهو والله نحسبه من المخلصين أصحاب الأخلاق العالية، يكفي أنه الرئيس الوحيد الذي أتاح حرية التعبير بصدق، حتى بات شتمه وسبّه يوميًا في إعلام بني ليبرال وحتى الإعلام الحكومي من الدلائل على هذه الروح الرياضية العالية.
إن الإسلاميين وهم أغلبية الشعب حقيقة، قد استغوتهم القوى الليبرالية، لقد استغواهم منطق التوافق، منذ أن أعلن الإخوان بعد قيام الثورة بشهرين أو ثلاثة أنهم ليس لهم مرشحًا للرئاسة، وأنهم سيتوافقون مع القوى "المدنية" على اختيار رئيس "توافقي" كان أبرز أسمائه وقتها منصور حسن أو البرادعي أو حتى عمرو موسى!!!
لكن سرعان ما اكتشفوا أن التوافق خديعة، وأن منطق الغرف المغلقة الذي قلّم أظافرهم جاء ليعلن عن أحمد شفيق مرشحًا للانتخابات الرئاسية، ثم سرعان ما اكتملت سريالية المشهد ليدخل عمر سليمان مرشحًا للانتخابات الرئاسية، ثم سرعان ما استبعدوا حازم أبو إسماعيل وخيرت الشاطر في تجسيد لمشهد الممثل القائل: "البلد بلدنا والدفاتر دفترنا" .. ولولا إظهار رمقًا من القوة لأُعلن عن فوز شفيق بأي حجة من الحجج!
المهم نجح مرسي، وفشلت إدارته حتى الآن في:
1- عملية المحاسبة الحقيقية لكل فاسد قتل أو سحل أو عذّب أو أجرم في حق هذا الوطن على مدى ستين عامًا سوداء
2- عملية تطهير الجهاز الإداري الفاسد المليء باللصوص والمرتشين
3- عملية حماية الثورة ومكتسباتها ولو حتى بقانون وهو يملك السلطة التشريعية
4- عملية سيادة القانون على كل متجرئ يناطح الدولة في اختصاصاتها وعلى رأسها الكنيسة التي تمتنع بمنتهى الوضوح عن الإذعان لرقابة الدولة على الأموال والكنائس
5- عدم الاستعانة بالعناصر الثورية الحقيقية في إدارة الدولة الجديدة واستغلال "مرحلة التحول الديمقراطي" في التأسيس لدولة ونظام قويين ما يعني تضييع الوقت والمال والحرث في البحر
6- التنازل عن بعض اختصاصاته كقائد أعلى للقوات المسلحة لوزير الدفاع بدون أي سبب وجيه
7- السكوت عن إهانته والتطاول عليه منذ أشهر في الإعلام، فإهانته ليست إهانة شخص، وإنما الغرض منها سهولة خلعه إن حدث انقلاب أو أي مظاهرات لا قيمة لها!
8- السكوت وعدم إبداء الرأي على مصيبة الاختصاصات الفاحشة لمجلس الدفاع الوطني والرقابة على أموال الجيش في الدستور
9- السكوت على عملية تمييع قضية الشريعة في الدستور
10- السكوت على بعض مشعلي الفتن في القضاء، وعدم إدارة ملف النائب العام بشجاعة، وإقالته مطلب ثوري منذ قيام الثورة.
إننا لا نطالب مرسي بما لا يستطيع، فحتمًا لن يتحرك خطوة للإمام طالما كان رئيسًا يدير الأزمات في الغرف المغلقة، إن رئيس الثورة الذي كنا نؤمله أردناه قائدًا يعتمد على الشعب في معاركه، كنا ندرك أن ثمة معارك لا مناص منها في مرحلة التحول من نظام فاسد إلى نظام عادل، لكن ما لم نكن نتوقعه أن يساعد الرئيس عناصر من النظام القديم لا تعرف للثورة معنى، ما لم نتوقعه من الرئيس السكوت على عودة توحش الداخلية وعدم تطهيرها مرة أخرى وغير ذلك مما ذكرته منذ قليل.
لطالما ضُربت الأمثلة على فشل الزعيم المؤمن صاحب الخُلق العالي إذا لم يكن حاسمًا؛ لقد كان المستعصم العباسي آخر خلفاء بني العباس من حفظة القرآن ومرتادي المكتبات ومقربًا للرعية ومع ذلك كان ضعيفًا أمام النخبة الحاكمة المعاونة له، فكان مآله القتل بالنعال، وهو مثال من عشرات الأمثلة!
إن الثورة لحظة زمنية غير اعتيادية، ولا يملك زمام اللحظات المفصلية واستغلالها الاستغلال الأمثل إلا ذوي الشعور بحقيقة الصديق وحقيقة العدو وألاعيب الدولة الأمنية المخابراتية، لكن التماهي في رجالات الفكر السابق، والعهد السابق، والتذاكي عليهم بأن التدرج في الإصلاح في واقع لا يتحمل التباطؤ هو الحل، إنما هو الفشل عينه، لا أشعر الآن إلا بأننا نرتد على أدبارنا بعد بضع مكتسبات ظن علية القوم في الإسلاميين أنها غاية المنى، ونهاية المطلب!
* باحث مصري في الدراسات التاريخية
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.