أزمتان "كبيرتان"، لا تزالان فى مرحلتهما البكر، ولا ندرى تداعياتهما فى الأيام القادمة.. الأولى هى تلك القسمة التى استقر عليها البرلمان بشأن الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور.. والثانية تتعلق بطرح المهندس خيرت الشاطر رئيسًا للجمهورية. لا تزال جماعة الإخوان المسلمين بحكم وزنها الكبير هى "مناط" ضبط القرار السياسى داخل التيار الإسلامى؛ خاصة الممثل فى البرلمان حاليًّا.. ومن هذا المنطلق، تظل هى الجماعة المسؤولة عن "نتائج" أى قرار تتوافق عليه الحركات الإسلامية فى أى ملف ذات طبيعة تتطلب المشورة والرؤى المشتركة. كان للإسلاميين اقتراحات متباينة بشأن نسبة "البرلمان" فى "التأسيسية".. الإخوان اقترحوا 40% والسلفيون 60% والجماعة الإسلامية 70%.. ويبدو أن الجماعة مالت إلى اعتماد "المتوسط الحسابى" من خلال اقتراح نسبة "تُرضى" شركائها الإسلاميين (50%). أعلم أن الإخوان ربما تصرّفت من منطق "الدبلوماسية الداخلية"، ولم يكن فى نيتها "الهيمنة" على نصف "التأسيسية"، ولم يكن آنذاك فى حُسبانها أنها ربما تكون بتلك النسبة، قد هيمنت على ما يقرب من 75% من "الجمعية".. لأن ال 50% الأخرى من خارج البرلمان، سيكون نصفها على الأقل فى يد الجماعة؛ لأن معظم الهيئات المنتخَبة أو العلمية وما شابه، هى فى واقع الحال تحت يد الجماعة.. ما يعنى أن الدستور لن يكون "توافقيًّا" .. وإنما ستكتبه تقريبًا "الأغلبية" .. ما قد ينذر بأزمة حقيقية قد تعطل التحول الديمقراطى وفق الجدول الزمنى المحدد. الأزمة الثانية .. تتعلق بما يُتداوَل الآن داخل الجماعة، بشأن الدفع بالمهندس خيرت الشاطر، مرشحًا لها على مقعد الرئاسة.. ويبدو أن الفكرة جاءت أيضًا نتيجة ضغوط من "الآخر" الإسلامى على الحركة.. طالبتها بالتفكير فى "حل" للخروج من مأزِق "المرشح" المفضل للإسلاميين. المسألة هنا تتعلق ب"المصداقية"؛ لأن الإخوان سبق لهم "التعهد" باعتماد مبدأ "المشاركة"، غير أن "القسمة" التى استقرت عليها بشأن "التأسيسية" جاءت نقيضًا لهذا التعهد.. فيما يأتى الدفع بالشاطر مرشحًا للإخوان فى ذات السياق نقْضًا لتعهّدها بعدم الدفع بمرشح لها. قرار الجماعة فى الحالتين جاء فيما يبدو فى إطار "ترضية" الشركاء الإسلاميين، الأقل "خبرة" فى العمل السياسى، وهو المنحى الذى لم تُقدر عواقبه بشكل دقيق، ولم يكترث بالبيئة السياسية المتوترة أيضًا والمتشككة فى نيات السياسيين الإسلاميين الجدد والقدامى فى آن واحد. الشاطر.. شخصية عامة تحظى باحترام واسع داخل النخبتين الدينية والمدنية.. غير أن طرحه على هذا النحو يصيب "مصداقية" الجماعة، وكذلك وَحدتها الداخلية بضرر بالغ، بسبب انقسام الهوى والمِزاج العام بين أبو الفتوح والشاطر.. وهى الأزمة التى بدأت تطل برأسها منذ يومين بشكل متصاعد، كان التظاهر أمام مقرها الجديد بالمقطم أحد أخطر تجلياتها. [email protected]