سول: أي ضرر تلحقه بيونج يانج بشعبنا سيقابله نهاية نظامها في نفس اليوم    من هي قوات «اليونيفيل» التي تعرضت لهجمات من جيش الاحتلال جنوب لبنان؟    الشرطة الأمريكية تعتقل رجلا بحوزته أسلحة خارج تجمع انتخابي لدونالد ترامب    منتخب النمسا يكتسح النرويج بخماسية بمشاركة هالاند في دوري الأمم الأوروبية    ستولتنبرغ: العلاقات الجيدة مع روسيا بعد الحرب الباردة كانت الاستراتيجية الصحيحة    صدمة في الزمالك بسبب دونجا قبل السوبر المصري    "قتل الأولى وفلت من الإعدام فخلص على التانية ولبس البدلة الحمرا".. قصة "حداد" البساتين المتهم بقتل ز    بعد أزمتها الأخيرة.. إلهام شاهين تساند يسرا: «يفيد بإيه تأجيل مهرجان»    أنغام تبدع فى حفلات المتحف المصرى الكبير وسط أجواء عالمية    بالفيديو| أمين الفتوى يكشف: الحجاب واجب على الفتيات في هذه السن    خطاب: خطوة جديدة نحو تمكين المجتمع المدنى من أداء دوره بفعالية    رئيس الكنيسة الأسقفية ينصب قسيسًا جديدًا للكنيسة بالسويس    بالصور.. القوات الجوية تحتفل بعيدها الثانى والتسعين    حكومة فرنسا تواجه اختبارًا صعبًا.. ميزانية تقشفية تحت المجهر    فرنسا: الاتحاد الأوروبي سيناقش عقوبات ضد إيران خلال القمة المقبلة    إيهاب الطحطاوي رئيساً لمصر للطيران للشحن الجوي    أمين عمر صاحب اللقطة الذهبية في دوري المحترفين    قبيل سفرهم في بطولة عُمان.. رئيس جامعة الزقازيق يستقبل فريق أول هوكي الشرقية للسيدات    ستاد أبيدجان: الأهلي أكبر فرق إفريقيا.. وسنكون الحصان الأسود لمجموعتنا في دوري الأبطال    خالد مسعد: فضلت الأهلي على فرق أوروبية في مباراة اعتزالي    وزير الرياضة يمنع تقديم الدروع التذكارية ويستبدلها بالحرف اليدوية المصرية    التصريح بدفن جثة طفل لقي مصرعه دهسًا في البدرشين    المؤبد ل 12 متهمًا لحيازتهم واتجارهم في المخدرات ب المنيا    "مياه الفيوم" صيانة واستبدال 2000 عداد مياه خلال سبتمبر.. صور    وزير الري: نناقش كيفية صمود مصر تجاه أي تغيير قد يحدث في أعالي النيل    المخرج سامح بسيوني: المهن التمثيلية للمسرح فرصة حقيقية للشباب | حوار    السيناريست مجدي صابر: استمد مسلسلاتي من الواقع وراضٍ عن أعمالي بنسبة 100٪| حوار    روح أكتوبر «2/3»    مظهر شاهين عن مكاسب عمر كمال من المهرجانات: خليطاً من الحلال والحرام    الصحة توضح أسباب زيادة إصابات الإنفلونزا الموسمية مع تغير الفصول    أوكرانيا تطالب بمحاسبة روسيا على إعدام جنود    نبيلة مكرم تزور مؤسسة راعي مصر لبحث سبل التعاون مع التحالف الوطني    تجهيز وحدتي علاج طبيعي للأطفال بمستشفيات حوش عيسى والأطفال التخصصي بالبحيرة    أفضل المشروبات لعلاج آلام القولون    إعلام عبرى: عسكريون بالجيش لم يعرفوا مسيرات حزب الله المستخدمة اليوم    تسريب مفاجئ في خط طرد صرف يتسبب في انقطاع المياه عن حي غرب أسيوط (صور)    سفينتان خلال 48 ساعة.. وصول 4159 سائحًا إلى ميناء الإسكندرية (صور)    هل صلاة التسابيح تكون بتشهد؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    واتس اب وإيميل.. الحوار الوطني ينشر وسائل التواصل مع المواطنين للرد على استفسارات الرأي العام    طبيب سعودي يوضح تطورات إصابة ياسين بونو ومدة غيابه    ضبط سيدة متهمة بإدارة كيان تعليمى "بدون ترخيص" بالإسكندرية    عضو «العالمي للفتوى»: هذه العبادة تفتح أبواب الرزق والخير (تعرف عليها)    الجامعة العربية: تمكين الشباب على رأس أولويات الحكومات العربية    بيومي فؤاد على قمة شباك التذاكر في السعودية.. بسبب فيلم بنسيون دلال (تفاصيل وأرقام)    «مدبولي» يلتقى محمود محيي الدين بمناسبة انتهاء مهام عمله بصندوق النقد    لمواليد برج الجوزاء.. اعرف حظك خلال النصف الثاني من أكتوبر 2024 واحذر «الإنفاق»    محافظ المنوفية يستقبل مدير صندوق مكتبات مصر العامة    «5 دقائق».. تعليمات جديدة من التعليم بشأن التقييمات والاختبارات الشهرية لصفوف النقل    رابطة الأندية تعلن موعد قرعة الدوري المصري الموسم الجديد    للمسنين نصيب من الخير.. التحالف الوطنى يمد يد العون للأسر الأكثر احتياجا ولجميع الفئات العمرية    الطبيب المصري محمد توفيق يكشف للقاهرة الإخبارية سر نجاح 33 عملية في 13 ساعة بغزة    وفر تمويل للأنشطة.. النائب طلعت عبد القوي يستعرض مزايا قانون الجمعيات الأهلية الجديد    الأحوال المدنية تستخرج 23 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    الداخلية تواصل حملاتها لضبط حائزي المخدرات والأسلحة في 12 محافظة    رئيس الوزراء: الوصول للماء أصبح من أبرز التحديات الإنسانية بسبب تنامي الحروب    أسباب انتشار تطبيقات المراهنات في المجتمع    "القرار كان منصف".. وكيل القندوسي يكشف كواليس جديدة في تحقيقات النادي الأهلي مع اللاعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيولوجيا الدولة الدينية
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 05 - 2011

قد يبدو العنوان غريباً، ولكن فى بداية دراستى للدكتوراه تخصصت فى فرع جديد فى العلوم السياسية اسمه «البيولوجيا والسياسة»، وهو علم يدرس سلوك الإنسان بنفس الطريقة التى نتابع بها سلوك أى حيوان أو كائن بيولوجى آخر. وهذا علم متكامل ومثير، لم يصل لمنطقتنا بعد، ومن هذا المنظور سأحاول إلقاء بعض الضوء على ما يحدث فى مصر. بداية، الدولة الدينية التى يبدو أن المجلس العسكرى فى مصر ووزارة عصام شرف سيكونان بمثابة القابلة أو الداية لولادتها، لها ارتباط وثيق بالبيولوجيا وليس بالتدين بمعناه الواسع للأخلاق العامة.
المجلس وشرف ليسا وحدهما مسؤولين عن ميلاد الدولة الدينية فى مصر، فالدولة الدينية بصيغتها الحالية كانت حملاً فى شهوره الأخيرة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، والأساس فى هذا ليس أيديولوجيا مبارك وحدها، وإنما بيولوجيته. الأيديولوجية فى حكم مبارك، التى جعلته يستمر كل هذه السنين، هى أيديولوجية تقسيم العمل، فقسم البلد نصفين (الشارع للإخوان والحكم لأهل الفساد)، ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد الذى أوصلنا إلى معركة إمبابة بطائفيتها القبيحة.
كان للبيولوجيا دور أساسى، بيولوجيا مبارك من حيث كونه رجلاً مسناً، وبيولوجيا الإسلاميين من جيل الشباب، والتى تحدثنا كل يوم عن خرافات وأوهام تدور كلها حول إيحاءات جنسية تتعلق بهرب سيدات مسيحيات من أزواجهن- مثل كاميليا وغادة- اعتنقن الإسلام وهربن مع فحل مسلم. هم لا يقولون ذلك صراحة، ولكن النص المصاحب لمسرحية هروب السيدة المسيحية، نص موجود فى كل الأحاديث الدائرة فى مصر، الراقى منها والسوقى على حد سواء. وما يحدث فى مصر ليس بالسلوك الغريب عن الفحولة الجنسية كبديل عن السياسة، ففى أمريكا مثلاً كان الأمر معكوساً، فهناك خرافات عن القدرات الجنسية للرجل الأسود المضطهد، لذا تهرب الشقراوات مع الرجال السود، لأن الرجل الأبيض غير قادر جنسياً.
هذا النوع من الاستخدام السياسى للجنس بالصورة القبيحة التى نراها فى مصر، ولكن بغطاء دينى، هو أمر عنصرى وطائفى فى المقام الأول. هذه العنصرية ربما هى ما يعنيه المصريون عندما يتحدثون عن «عنصرى الأمة». بالطبع فى مصر كثير ممن قد تفوتهم التورية والسخرية فى السطر الفائت، فيأخذون الأمور بمعناها الحرفى. المهم، أن ما حدث فى مصر هو تسييس للجنس والغرائز البدائية، وهو أمر بيولوجى وليس دينياً فى المقام الأول.
عود على بيولوجيا الحكم فى عهد مبارك، وما بعده، أقول إن مبارك قبل أن يغادر الكرسى كان عمره فوق الثمانين، أى العمر الذى يبدأ فيه الإنسان رؤية النفق المؤدى إلى العالم الآخر فينشغل عن الدنيا بالقبر والتسبيح والصلاة، وكان ذلك واضحاً فى شخصية مبارك وحالة الاكتئاب التى أصابته يوم وفاة حفيده.
والقصة من منظور بيولوجى لم تكن الحفيد بقدر ما هى قصة اقتراب نهاية الجد، أى مبارك نفسه. ولم يكن مبارك وحده هو الذى تسيطر عليه أيديولوجية دنو الموت وعذاب القبر، فقد كان كل من حول مبارك فى العمر ذاته، فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، وزكريا عزمى، رئيس ديوان الرئاسة، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى، ومفيد شهاب، وعمر سليمان، إلى آخر قائمة الأجداد التى كانت تحكم مصر. ومن هنا كانت البيولوجيا هى الدافع الرئيس للتدين المبالغ فيه فى نظام مبارك.
فقد كانت علامة السجود على جبهة ضابط أمن الدولة أكبر من تلك التى على جبهة رجل الإخوان الذى يطارده ضابط أمن الدولة.
أما موضوع التوريث فكان بيولوجياً وليس سياسياً أيضا. فذهنية البيولوجيا السياسية هى التى تجعل الرئيس ينظر إلى الوطن وكأنه بيته وجزء من ميراثه الشخصى.
وهذا ما يؤدى إلى النظر إلى الدولة كمجرد تركة توزع على من سيرثونهم، وما حديث التوريث وشيوعه فى آخر أيام مبارك سوى جزء منطقى من فلسفة فراق الحياة عند عوام المصريين، ولم يكن مبارك مختلفاً عن بقية المصريين فى تفكيرهم فيما سيتركون لأبنائهم، بمعنى الميراث لا بمعنى المواطنة فى دولة، كل من حول مبارك كانوا فى الثمانينيات وكانوا فى ذات اللحظة البيولوجية التى يحكمها الموت والفناء، لذا كان الدين ومفهوم التوبة مكوناً أساسياً فى حياتهم، ومن هنا كانت رعايتهم للتيار الدينى أمراً طبيعياً.
من يحكمون مصر الآن هم من ذات الفئة العمرية ممن يفكرون فى الموت وعذاب القبر والحساب والعقاب، وربما يلهيه الآن حساب الدنيا على حساب الآخرة، لكن النقطة الأساسية هى أن الإنسان بطبعه كائن دينى، لذا لم أستغرب استعانة من هم فى الحكم الآن بالإخوان المسلمين وبالسلفيين كشركاء لهم فى الحكم، إنها البيولوجيا، وليس التدين أو بناء الدولة.
بيولوجيا الحكم فى مصر اليوم لها مساران: عنصرية وتطرف جنسى لا دينى عند الإسلاميين الشباب (الفحول) الذين تهرب إليهم بنات الديانات الأخرى، والجزء الثانى البيولوجيا المتعلقة بالفئة العمرية لمن يتولون زمام الأمور فى البلاد وقد أصابهم الوهن الجنسى فتركوا الأمل فى الدنيا ومسؤولياتهم فى إدارة البلاد وسلموا أمرهم، حرفياً، لله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.