لا يختلف أحد على أن باراك أوباما يمتلك كاريزما عالية تغذيها خلفيته العرقية والثقافية المختلفة بجانب فصاحته وصراحته وهو ما أعطاه صفات سحرية أهلته لفوز تاريخى فى الانتخابات الأمريكية ليصبح أول رئيس أسود لأمريكا. ولكن هذه الكاريزما تبدأ فى 20 يناير الجارى بالتحول لتكون كاريزما مستمدة من منصبه أكثر منها من شخصيته ولتتحول جراء ذلك سلطته المبنية على الكاريزما إلى سلطة شرعية بحسب وصف مجلة نيوزويك الأمريكية. فالرؤساء لا يمكن أن يبقوا رموزا كاريزمية، فهم مضطرون إلى معالجة المشاكل القائمة، ومن ثم يزداد نفوذهم أو يتضاءل استنادا إلى كيفية مواجهتهم هذه التحديات. رغم أن جورج واشنطن وإبراهام لنكولن وفرانكلين روزفلت كانوا مثيرين للإعجاب كأشخاص، فإنهم لم يبنوا سمعتهم الرائعة بفضل شخصياتهم بل أفعالهم. مهما كانت توقعات أوباما عندما بدأ مسيرته، فى وقت كانت الحرب فى العراق أهم موضوع فى أذهان الكثير من الناخبين، وأيا كانت الوعود التى أطلقها خلال حملته الانتخابية، فسيتم الحكم على رئاسته من خلال كيفية مواجهته للأزمة الاقتصادية التى تضرب الولاياتالمتحدة والعالم الآن. لكى يتم تذكر أوباما على أنه رئيس عظيم، عليه أولا أن ينقذ الرأسمالية. وهنا يكون السؤال الأساسى هل يستطيع أوباما تغيير سياسات أمريكا الخارجية بالفعل فضلا عن سياستها الداخلية بأنه اختبار تخوضه الآن كاريزما أوباما. ويقول محمد المنشاوى رئيس تحرير تقرير واشنطن التابع لمعهد الأمن العالمى فى واشنطن « لدى باراك أوباما نفس الفرصة التاريخية التى أتيحت لفرانكلين روزفلت ولرونالد ريجان وبسببها استمع غالبية الأمريكيين لنداء التغيير، إلا أنه يواجه نفس فرص الفشل الذى كان نهاية مصيرهما. ويختلف إرث أوباما – بحسب المنشاوى - عن الرئيس الديمقراطى بيل كلينتون حيث إن الأخير لم يغير الولاياتالمتحدة أيديولوجيا ولكنه نجح كرئيس وأعيد انتخابه بسبب قدرته على العمل مع كونجرس يسيطر عليه الجمهوريون المحافظون. أما الرئيس أوباما فأمامه فرصه مختلفه حيث إنه فى ظل الأزمة التى تعيشها الولاياتالمتحدة قادر على تغيير الولاياتالمتحدة أيديولوجيا، حيث ينتظر أوباما كونجرس ذا أغلبية ديمقراطية فى كل من مجلسى الشيوخ والنواب وهكذا يبقى على الرئيس الجديد تحديد هوية ومسار المستقبل الأيديولوجى الأمريكى. فأوباما هو أكثر رئيس ليبرالى عرفته الولاياتالمتحدة فى تاريخها بناء على اقتناعه بضرورة تدخل الدولة فى حياة المواطنيين وإعطاء الحكومة الفيدرالية دوراً أكبر فى إدارة الاقتصاد حتى عند مقارنته بفرانكلين روزفلت وهو الرئيس الذى اضطرته ظروف الكساد العظيم لتبنى سياسات تدعم من تدخل الحكومة فى الاقتصاد بصورة كبيرة. ويشير المنشاوى إلى وجود تحد آخر متمثلاً فى أن الولاياتالمتحدة لا تزال دولة شديدة الانقسام والسياسات المحافظة ذات تاريخ قوى وحاضر ويظهر هذا فى حقيقة أن 48% من الأمريكيين لم يصوتوا لأوباما فى الاقتراع المباشر ولم يصوتوا للتغيير الذى نادى به، كما أن 43% من أصوات البيض ذهبت لأوباما وهى نفس النسبة التى ذهبت لمرشح ديمقراطى فى آخر 3 انتخابات رئاسية أى أن أوباما لم يحدث تغييرا جوهريا فى نمط التصويت عدا فى بعض الأقليات وصغار السن.