إذا ذهبت إلى أى مكتبة فى أمريكا، فستجد أن الكتب والمجلدات التى تتحدث عن الزعامة والريادة تتصدر قائمة الكتب. فقد ذكرت صحيفة «تايمز» الأمريكية أن كتباً مثل «القيادة الكاملة» و«كود القيادة» حلت محل كتب الأنظمة الغذائية، التى كانت تعد من الكتب الأكثر مبيعاً هناك، وهذا يرجع إلى انتشار مبدأ الريادة والزعامة وشيوعه وسط الأمريكيين. وإذا استمعت لخطب السياسيين تجدهم يمجدون صفاتهم الزعامية بكثرة، فالزعامة عند الأمريكيين ليست مجرد كلمة أو فكرة. منذ قرن مضى قسم ماكس فيبر، عالم الاجتماع الألمانى الشهير، مصادر السلطة إلى ثلاثة أنواع: التقليدية والكاريزمية، «والكاريزما هى كلمة مشتقة من كلمة يونانية تعنى الشخص ذا الهبة أو المنحة»، والبيروقراطية. ودائماً ما يفضل الأمريكيون الرؤساء أصحاب الكاريزما العالية، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية على أساس روح الزعامة والقدرة على التأثير فى الناس، مثل اختيار الرئيس باراك أوباما مؤخراً لما يتمتع به من كاريزما وقوة تأثير. ويرى فيبر أن كل الدول لا ترغب فى قائد يتمتع بالروح الكاريزمية، بل هناك بعض الدول التى تختار رؤساءها بمنأى عن الكاريزما مثل أفريقيا وأمريكا اللاتينية، لأنها تنقلب فى بعض الأحيان من هبة للناس إلى وسيلة قمع. إذن فليست الكاريزما شرطاً أساسياً للحكم. وتقول الصحيفة إنه لكى تصبح قائداً دون أن تكون لديك كاريزما، فعليك ألا تهتم بالمظهر بل بالجوهر. يقال إن الأمريكيين يفضلون قائدهم وسيماً، أسود الشعر، مفتول العضلات. لابد أن تتذكر دائماً من وماذا تحكم، لأن لكل موقف ظروفه الخاصة التى تجعلك تعالجه بشكل يختلف عن غيره من المواقف. عندما يعرف الحاكم المحكوم جيداً فهذا ما يجعله يخرج من مآزق عديدة. إن الأفعال تغنى عن الكلمات. فقد ألقى رئيس الوزراء الهندى مانموهان سينج كلمة اعتبرت من أعظم الخطب فى عهده وأسكتت معارضيه. ولكن ما جعل سينج يفوز بالانتخابات هذا العام ليس خطبته ولكن نهضته الاقتصادية وحمايته الفقراء غيرت من حياة عشرات الملايين للأفضل. لكى تكون قائداً دون كاريزما عليك أن تحاول وتحاول ولا تيأس وتتحلى بالإصرار، فقد ظل ونستون تشرشل، أحد أهم الزعماء فى التاريخ الحديث خلال فترة الثلاثينيات، بأكملها يحذر من ضرورة التسلح ضد تهديد النازية حتى أصبحت محاولاته مثار سخرية من الأجيال الجديدة. وأخيراً لكى تكون قائداً لابد أن تتحمل المسؤولية. لأن تكون قائداً يعنى أن تعترف بالأخطاء ولا تحنى رأسك صغيراً كنت أو كبيراً، وسيماً أو قبيحاً، هادئاً أو صاخباً، الطريقة المثلى للفوز بالأنصار والمؤيدين هى إقناعهم بأنه مهما كانت المشكلة ومهما سارت الأمور مجرى سيئاً فإنك لن تتركهم وتهرب من المسؤولية.