احتفت جميع الأوساط الإسرائيلية بالتقارير النهائية لصفقة تبادل الأسرى للإفراج عن الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، ووصفت إذاعة الجيش الإسرائيلي النبأ بصفحة جديدة فى العلاقات بين القاهرة وحماس وإسرائيل، وهو ما أثار استياءها بسبب تقارب القاهرة مع حماس، أما القناة الثانية فقد اعتبرته بمثابة عهد جديد بين القاهرة وتل أبيب. وحلل تقرير لموقع "ديبكا" الاستخباراتى الإسرائيلي الصفقة، موضحًا أنها لم تكن فقط إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني – بينهم 60 أسيرًا متهمين فى قضايا قتل عمد – أو عودة بعضهم للضفة أو للقطاع هو المقابل الوحيد لإطلاق سراح شاليط، ولكن كانت هناك بنود سرية فى الاتفاقية تم التوصل إليها بين الولاياتالمتحدة ومصر وإسرائيل وحماس، وأرجح التقرير أن زيارة وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا فى سبتمبر الماضي كانت متعلقة بهذا الأمر . وزعم التقرير الإسرائيلي أن إطلاق سراح ألف أسير فلسطيني مقابل شاليط بمثابة ضربة قاسية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي لم ينجح حتى الآن إلا فى إطلاق سراح عدد قليل من الأسرى، وزعم التقرير أن إطلاق سراح من وصفهم بقادة الإرهاب الفلسطيني للضفة هو تحرك أمريكي إسرائيلي موجّه، يهدف إلى خلق قيادة بديلة فى الضفة لأبو مازن. وأشارت مصادر استخباراتية فى واشنطن ل"ديبكا" – المقرب من الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية – إلى أن عملية الإفراج عن شاليط تأتى كجزء من استراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإخراج حماس وقادتها من دمشق، الأمر الذي يعتبر بمثابة ضربة قاسية للنظام السوري والإيرانى ولحزب الله وعلاقتهم مع الفلسطينيين، حيث كشف التقرير عن وجود اتصالات سرية كانت بين وزير الدفاع الأمريكي ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بدأت فى الخريف الماضي عندما ظهر للحكومة الأمريكية رغبة مشعل وقادة حماس مغادرة دمشق، لكنهم لا يريدون أن يكونوا جزءً من الثورة ضد النظام السورى. ولكن من جانب الولاياتالمتحدة وإسرائيل، فقد كانت هناك نقطة أخرى لا تقل أهمية، وهى موافقة مشعل على الدعم الأمريكي لحماس مقابل الإضعاف التدريجي لعلاقات حماس مع إيران، وبحسب التقرير فإن القيادة الإيرانية لا تزال تجهل هذا الاتفاق. وأوضحت مصادر استخباراتية ل"ديبكا" أن تلك التغييرات الإستراتيجية فى الشرق الأوسط تأتى بسبب رغبة كل من حماس وحكومة نتنياهو في تحقيق إنجاز سياسي لكل منهما، وهو ما أكدته القناة الثانية، ولكن السبب الأهم - كما أرجعته المصادر – هو الخلاف السائد فى تلك الفترة بين قادة الإخوان المسلمون فى مصر وبين طهران، فقد كانت لدى القيادة الإيرانية آمال كبيرة فى الثورة المصرية، واستثمرت جهدا كبيرا وأموالا كثيرة للحصول على التأثير على حركة الإخوان المسلمون فى مصر، ولكن فى الأشهر الأخيرة تبين أن في الانتخابات البرلمانية القريبة سيحقق الإخوان مكسبًا سياسيًا كبيرًا، لذلك فإن الإخوان باتوا قلقين من سياسة التقارب مع إيران، وبدؤوا فى التقارب مع المجلس العسكري أكثر فأكثر ومع الولاياتالمتحدة أيضًا. وأشار التقرير إلى نقطة مهمة للغاية لاحظها القليلون فى العالم الغربي وفى إسرائيل، وهى أنه قبل زيارة وزير الدفاع الأمريكي الأخيرة للشرق الأوسط فى الثانى من أكتوبر بيوم واحد عقد لقاء أول بين وفد دبلوماسي أمريكي وبين الإخوان المسلمون فى القاهرة، حيث ترأس الوفد الأمريكي بيرم جكومر المسؤول الأمريكي عن المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية فى مجلس الأمن القومى الأمريكي، حيث كانت هذا هو اللقاء الرسمي الأول بين ممثلين أمريكيين والإخوان المسلمون المصريين. وأشارالتقرير إلى أن حكومة نتنياهو هى التى ستدفع الثمن سياسيًا بسبب سماحها لهذا التقارب السياسي بين الولاياتالمتحدة والإخوان المسلمون، وأن تلك الحكومة هى التى أعطت الموافقة على الاعتراف الأمريكي بالإخوان كقوة سياسية معتدلة.