اجتمع أصدقاء المفكر الراحل محمد السيد سعيد، مساء أمس، لتأبينه في الذكرى الأولى لرحيله، وأجمع المشاركون على أن فكر"سعيد" مهد لثورة الخامس والعشرين من يناير، وأنه يعد واحدًا من الآباء الروحيين لها، موضحين أن عمله ب"الأهرام" وهى كبرى المؤسسات الصحفية القومية لم يمنعه من قول "لا في وجه حاكم جائر"، ولم تمنعه من الخروج للمشاركة في المظاهرات والتعرض للضرب مثل الراحل"عبد الوهاب المسيرى". وقال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري، إن"سعيد" جمع بين الفكر والعمل والتنظير والممارسة، وفهمه لأدوات النضال، واستطاع أن يجمع الشباب حوله في تجربة "البديل" ويمنحهم روحه ويبث فيهم الفعل والممارسة واحتمال الألم والعدوان والابتزاز من السلطة، واستطاع تلمس الفعل الثوري في المجتمع، في حين أن البعض كان مشغولاً بالمبادئ التي عفا عليها الزمن وكان هو يبحث عن كيفية التأثير في الواقع. ودعا "شعبان" كل أسرة وأصدقاء "سعيد" إلى جمع تراث "سعيد" المنثور على صفحات الإنترنت وفى كل مكان، والعمل على إعادة نشره من جديد، لكي يتم وضعه أمام جيل الثورة وليتأكدوا أنها لم تكن محض صدفة، موضحًا أن الإصرار الدائم على وصف هذه الثورة ب"ثورة الشباب" محاولة خبيثة ليتم محو تاريخ المناضلين السياسيين ممن مهدوا لها بفكرهم أمثال "سعيد". وأكد الدكتور عبد العليم محمد، المستشار بمركز الأهرام، على أن "سعيد" لوكان بيننا الآن، لاستطاع أن يرسم خريطة طريق حقيقة تسهم في معالجة الإشكاليات التي نواجهها، وبرغم أن "سعيد" لم يقل إن لديه نظرية للتغيير، إلا أن فكره وما تركه من كتب، هى في حد ذاتها نظرية يمكننا السير وفقها، موضحًا أن أحد أهم ملامح التغيير هو أنه لن يتأتى إلا عبر المواطن الحر الذي له إرادة متحررة من القيود التي تفرضها السلطات، باتحاده مع مواطنين كسروا حاجز الخوف. وأشار الكاتب نبيل عبد الفتاح إلى أن "سعيد" كان أول من كتب دراسة عن الضابط الفتوة وتناول فيها سياسات الأمن، من خلال الأدبيات المصرية والعربية بالتطبيق والتنظير من الواقع المعاش، وتفصيلها ونقدها نقدًا شجاعًا وهو ساعد على تطوير علم الاجتماع السياسي. ومن جانبه قال الفنان سيد سعيد:أنه تقررأن يكون الاحتفال بذكرى رحيل "محمد السيد سعيد" سنويًا، من خلال مؤتمر كبير يناقش الأوضاع التي تمر بها مصر، ويتم الإعلان عن الفائزين بجائزة لأفضل بحث سياسي، يجري الآن تشكيل مجلس إدارتها والإعلان عن تفاصليها قريبًا. جدير بالذكر أن المفكر والكاتب المصري محمد السيد سعيد قد توفي في القاهرة عن عمر يناهز 59 عاما بعد صراع دام عدة سنوات مع السرطان، ويعد محمد السيد سعيد، الذي كان من أهم خبراء مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في صحيفة الأهرام, من أبرز مفكري جيله وحظى باحترام المثقفين والسياسيين المصريين على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية. وقد ولد محمد السيد سعيد في العام 1950 في مدينة بورسعيد، ودرس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وشارك في التظاهرات الطلابية الكبيرة التي شهدتها مصر في عام 1968 للمطالبة بالإسراع بشن الحرب لاستعادة الأراضي المصرية والعربية التي احتلتها إسرائيل عام1967، وأتم دراساته العليا في الولاياتالمتحدة حيث حصل على درجة الدكتوراه، وظل طوال حياته من اشد المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات السياسية والعامة، كما قد اعتقل في عام 1989 لمدة ستة اشهر تعرض خلالها للتعذيب بسبب توقيعه على بيان حقوقي يدين اقتحام قوات الأمن لأحد مصانع الحديد والصلب المصرية وإطلاق النار على العاملين فيه. وكان المفكر والكاتب محمد السيد سعيد منتميا في شبابه إلى اليسار الماركسي إلا أن آراءه وأفكاره لم تكن جامدة وكان يصف نفسه بأنه: ليبرالي بين اليساريين ويساري بين الليبراليين. وقد أسس محمد السيد سعيد صحيفة البديل اليومية المصرية المستقلة في عام 2007، وكان يحلم بان تكون منبرا للتنوير ولكنه استقال منها بعد اقل من عامين بسبب ظروف مرضه ثم توقفت الصحيفة عن الصدور بعد أن تركها بعدة أشهر.