أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكماً بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 38 من قانون الضرائب لسنة 1981 والتي كانت تنص علي ان "تربط الضريبة علي الارباح الحقيقية الثابتة من واقع الاقرار المقدم من الممول اذ قبلته مصلحة الضرائب. وللمصلحة تصحيح الاقرار وتعديله كما يكون لها عدم الاعتداد بالاقرار وتحديد الارباح بطريق التقدير". واسست المحكمة هذا الحكم القاضي بعدم دستورية هذه الفقرة علي سند من ان الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا وبصفة نهائية من المكلفين بها ويتعين بالتالي ان تكون عادلة في جميع صورها وان تكون شروطها موضوعية دون ان تميز بين المكلفين بها وان تكون مقاييسها موحدة وان تكون العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي متوافرة في تحديد وعائها واساس تقديره وان تحديد دين الضريبة ينبغي ان يبني علي تقدير حقيقي لقيمة المال الخاضع لها باعتبار ان ذلك الامر شرط لازم لعدالتها ولحماية مصلحة الممول والخزانة العامة وان تكون محددة علي اسس واقعية وان النص في المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 بشأن أحقية المصلحة في اهدار اقرار الممول وتحديد وعاء الضريبة باتباع اسلوب التقدير دون ضوابط محددة في التشريع تحكم هذا الاجراء بمثابة عدم توازن بين حق الدولة في تحصيل الضريبة وبين حق الممول في تحديد حقيقي لوعاء الضريبة وهو شرط اساسي في العدالة الضريبية المنصوص عليها في الدستور حيث يمكن ان يتم التقدير الجزافي الذي تقوم به مصلحة الضرائب بغير ضمانات تكفل تحديد المقدرة التكليفية للممولين تقديراً حقيقياً بالاضافة الي التفرقة بين صغار الممولين ممن لا يمسكون دفاتر منتظمة وبين من لديهم هذه الدفاتر ويعتمدون اقرار تم من المحاسبين القانونيين فالطائفة الاولي من حق المصلحة اهدار اقرارتهم وتقدير وعاء الضريبة جزافيا دون شروط او ضوابط والطائفة الاخري يلزم ان تقوم المصلحة باثبات عدم صحة ما ورد بالدفاتر حتي يمكن لها اللجوء لاسلوب التقدير وهو مايعد تفرقة بين الممولين الخاضعين لذات الضريبة الواحدة دون مبررمعقول مما يعد مخالفة لاحكام الدستور بشأن العدالة الاجتماعية التي يجب ان تتوافر في النظام الضريبي. ونري ان بهذا الحكم فإنه يمتنع علي المصلحة تطبيق اسلوب التقدير لوعاء الضريبة حيث قضي بعدم دستورية نص المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وهنا يثور التساؤل عن مدي امتداد هذا الحكم الي المنازعات المنظورة امام لجان الطعن الضريبي والمحاكم علي اختلاف درجاتها في ظل سريان احكام القانون 157 لسنة 81 وحيث ان احكام المحكمة الدستورية تطبق بصفة فورية علي الجميع وليس علي من صدر الحكم لصالحهم. فإن المنازعات سالفة الذكر يطبق عليها الحكم بعدم دستورية نص المادة 38 من القانون 157 لسنة 81. ويثور تساؤل اخر وهو ان القانون 187 لسنة 1993 قد عدل احكام القانون 157 لسنة 81 ومنها المادة المحكوم بعدم دستوريتها الا انه يلاحظ ان المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 هي بذاتها نفس المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 وكل ما تم تعديله وهو تغيير رقم المادة فقط. ولذلك نري ان عدم الدستورية ايضا يلاحق المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 وعلي ذلك فإن تقديرات المصلحة التي تمت تحت مظلة المادة 38 من القانون 157 لسنة 81 او المادة 103 من القانون 187 لسنة 93 سوف يتم الغاؤها بالكامل ويكتفي بما ورد بإقرارات الممولين دون تعديل لان حق المصلحة في التقدير قد سقط دستورياً. ونحن نهيب بالسيد الدكتور/ وزير المالية ان يبادر بإجراء تعديل لاحكام التصالح الضريبي الواردة بالقانون 91 لسنة 2005 حتي يسمح لجميع الممولين بالاستفادة من احكام التصالح سواء كانت لهم منازعات امام المحاكم او لجان الطعن قبل سريان احكام القانون الضريبي الجديد 91 لسنة 2005 والايقتصر التصالح علي من اقام الدعوي امام المحكمة قبل 1/10/2004 وبذلك يستفيد كل من الخزانة العامة والممول. حيث ان الخزانة تستفيد من تحصيل نسبة من الضريبة المتنازع عليها بصفة فورية بدلاً من الدفع بعدم الدستورية السالف الذكر وضياع جميع هده الضرائب والممول يستفيد من عدم الخوض في منازعات امام المحاكم وتكاليفها الادارية مقابل سداد الضريبة المخفضة وفق اسلوب التصالح الواردة بالقانون 91 لسنة 2005 وبذلك نقضي علي التفرقة بين الممولين الذين اقاموا دعاوي قضائية قبل 1/10/2004 او بعدها لتوافر شبهة عدم الدستورية علي النحو الوارد في حكم المحكمة الدستورية سالفة الذكر. ومما هو جدير بالذكر ان المادة 90 من قانون ضرائب الدخل الجديد رقم 91 لسنة 2005 قد نصت علي الحالات التي يمكن للمصلحة ان تقوم بإجراء تقديرات للضريبة او تعديل الربط في ضوء بعض الضوابط وتنص هذه المادة علي الآتي:ت للمصلحة ان تعدل الربط من واقع البيانات الواردة بالاقرار والمستندات المؤيدة له كما يكون للمصلحة اجراء ربط تقديري للضريبة من واقع اية بيانات متاحة في حالة عدم تقديم الممول لاقراره الضريبي او عدم تقديمه للبيانات والمستندات المؤيدة للاقرار واذا توافرت لدي المصلحة مستندات تثبت عدم مطابقة الاقرار للحقيقة فعليها اخطار الممول واجراء الفحص وتصحيح الاقرار او تعديله وتحديد الايرادات الخاضعة للضريبة، ونري انه من الاهمية بمكان اصدار تعليمات ملزمة للمصلحة بعدم التعسف عند تطبيق هذه المادة بشأن اجراء التقديرات السابقة وان تكون هذه التقديرات في حدود المستندات المتاحة للمصلحة فقط دون غيرها وعدم المغالاة في تقديراتها حتي لا يطعن عليها بعدم الدستورية ايضا. عضو مجلس ادارة جمعية الضرائب المصرية.