يواجه مسلمو جمهورية أفريقيا الوسطي إحدي المستعمرات الفرنسية السابقة مصيرا مجهولا بعد فشل جهود الاتحاد الأفريقي وقوات حفظ السلام الأممية في حمايتهم من العنف الدائر في البلاد ومنع عمليات التطهير العرقي واسعة النطاق التي تستهدف المدنيين في الجزء الغربي من أفريقيا الوسطي ذي الغالبية المسلمة الذي شهد عمليات انتقامية علي يد ميليشيات جماعة أنتي بالاكا المناهضة للمسلمين وذلك وسط اتهامات للمجتمع الدولي بالتقاعس عن القيام بواجباته في حماية المدنيين في البلاد التي تشهد اضطرابات واسعة منذ العام الماضي وقد جاءت تحذيرات الأممالمتحدة لتدق ناقوس الخطر من أن يؤدي تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية إلي تقسيم البلاد علي أساس طائفي لاسيما بعد تغير معادلة التركيبة السكانية الحالية نظرا لعمليات التهجير القسري والنزوح الجماعي نتيجة الصراع بين الطرفين. ويري الدكتور محمود أبوالعينين أستاذ العلوم السياسية والعميد السابق لمعهد البحوث والدراسات الأفريقية جامعة القاهرة أن الصراع الديني والطائفي غالبا ما يكون أمرا متوقعا في المناطق الحدية من أفريقيا، أي بمعني المناطق والدول التي يختلط فيها المسلمون والمسيحيون وتكون فيها أقليات وأغلبيات دينية خاصة في ظل عدم الاستقرار السياسي وانتشار ظاهرة التشدد الديني والطائفي وأفريقيا الوسطي تتكون من 6.4 مليون نسمة، يشكل المسيحيون نحو ثلثي عدد السكان والباقي من المسلمين وعدد قليل من الديانات التقليدية، ويتركز المسلمون كأقلية كبيرة في المناطق الوسطي والغربية من البلاد، كما يوجد عدد يصل إلي نحو 145 ألف نسمة من المسلمين في العاصمة بانجي، وفي السنوات الأخيرة، حينما تم إعادة انتخاب الرئيس بوزيزي في ظل انتخابات قيل إنها مزورة علي نطاق واسع وفي ظل طلب الرئيس مساعدة فرنسية عسكرية لمساعدته في صد هجمات المتمردين الذين سيطروا علي المدن في شمال البلاد منذ عام 2006، وقد حاول ائتلاف المتمردين أن يصل إلي صفقة مع الرئيس في يناير 2013 في إطار حكومة ائتلافية غير أن المتمردين تخلوا عن مواقعهم في الحكومة وهاجموا العاصمة وعلي أثر ذلك بدأت حالة من عدم الاستقرار، خاصة بعد فرار بوزيزي خارج البلاد وسيطرة ميشيل دوجوتوديا علي السلطة بعد انقلاب وفي سبتمبر عام 2013 تم حل ميليشيا " سيليكا"seleka" "وهي ميليشيا من المسلمين تعني " السيف " وكانت حليفة للرئيس السابق وحاول نزع أسلحتهم لكنهم رفضوا وظلوا يعملون خارج الحكومة حيث نشأت في مواجهتهم مليشيا مسيحية تدعي أنتي سيليكا أي ضد السيف ودخلت البلاد في دوامة من العنف الطائفي ضد المسلمين سواء كانوا مدنيين أم مسلحين خاصة بعد تنحي دوجوتوديا في يناير عام 2014 . كما أشار إلي أن الحروب الأهلية خاصة مايدور منها حول الصراعات الدينية أو الطائفية يصعب السيطرة عليها وتحتاج إلي قوات بأعداد كبيرة وبنفقات هائلة يصعب توفيرها وإذا استمرت الصراعات في أفريقيا الوسطي دون إمكانية للسيطرة عليها، سيفر أعداد كبيرة من السكان إلي الدول المجاورة وهو ما حدث فعلا، حيث يقدر أن ربع السكان قد فروا إلي خارج البلاد، خاصة إلي تشاد والسودان وغيرها وسيتم تدويل اتساع الصراع ، وفيما يتعلق بجهود الاتحاد الأفريقي المدعوم فرنسيا وقدرته علي توفير غطاء أمني في البلاد فقد أوضح أن الأزمات كثيرة أمام الاتحاد الأفريقي فالوضع في مالي وفي السودان الشمالي والجنوبي وغيرها يضغط علي الاتحاد الأفريقي ولايمكن للاتحاد الأفريقي في ظل الأوضاع الراهنة أن يتمكن من السيطرة علي الموقف الذي يحتاج إلي حلول سياسية تتعاون فيها الدول الإقليمية في أفريقيا مع مجلس الأمن، كما ينتظر أن تساعد مصر في إيجاد حلول سياسية وأمنية لإنقاذ المسلمين وغيرهم من التطهير العرقي علي الهوية الدينية . وأكدت الدكتورة أماني الطويل مدير الوحدة الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وعضو المجلس المصري للشئون الأفريقية علي أنه لايوجد دعم دولي أو اقليمي مناسب لإفريقيا الوسطي فيما يتعلق بالتحديات المرتبطة بإنهاء الصراع علي أساس الهوية حيث إن الاهتمام الدولي بالأزمة جاء من البوابة الفرنسية وعلي أساس الحل العسكري فقط وذلك بوكالة عن المجتمع الدولي واللجوء إلي هذه البوابة فقط دون شركاء آخرين عزز المناخ المعادي للمسلمين ولم يقلله وذلك في ضوء دعم فرنسي متواصل لحكم الرئيس بوزيزي المنتهية ولايته في خريف 2012 وهو الرئيس الذي لم يف بوعوده المعقودة عام 2008 مع التنظيمات المنبثقة عن المسلمين في الشمال الذين كانت مطالبهم السياسية متبلورة في مواطنة متساوية للجميع ، يضاف إلي ذلك أن التركيز السياسي والإعلامي علي القتل علي الهوية في أفريقيا الوسطي يبدو ضعيفا بل ومتهافتا ربما بسبب أن الدول الإسلامية نفسها لم تدافع عن مسلمي أفريقيا الوسطي لا بالزخم المناسب ولا بالآليات المطلوبة عرقيا وجهويا وحتي الدعم العسكري وتمويله لايبدو كافيا لطبيعة الأزمة التي هي مرشحة للانتقال لعدد من دول وسط أفريقيا التي يوجد بها مكون مسلم أساسي من المواطنين في دول مثل نيجيريا خاصة مع وجود منظمة بوكو حرام ومالي التي يوجد بها توترات علي أسس طائفية . كما لم تستبعد أن تؤدي الظروف الأمنية والإنسانية التي تعيشها أفريقيا الوسطي أن تؤدي في النهاية إلي تقسيمها ربما تشير إلي إمكانية تقسيم الأقاليم علي أساس إعطاء حق تقرير المصير باستفتاءات وربما يكون ذلك هو بوابة الجحيم المفتوحة علي أفريقيا حاليا، وتبدو هناك مصالح دولية حاليا تعزز فرص تقسيم حدود الدول الأفريقية للحصول علي الموارد الطبيعية الأفريقية بتكلفة أقل ومنظمات العمل المدني.