هل أصبح تقسيم جمهورية «أفريقيا الوسطى» وشيكا؟ ربما كان هذا السؤال الأبرز على الساحة الأفريقية بل والدولية فيما يتعلق بتطورات الوضع فى جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يتعرض المسلمون هناك لحرب إبادة جماعية وتطهير عرقى، وتأتى تلك المذابح فى ظل تدهور أمنى منذ أكثر من عام، وتحديدا منذ الانقلاب الذى نفذته حركة « سيليكا» العام الماضى، وأطاحت من خلاله بالرئيس «فرانسوا بوزيزى»، ونصبت بدلا منه «ميشيل جوتوديا» ليكون أول رئيس مسلم، لكنه لم يستمر سوى عشرة أشهر، حيث تنحى بضغط من رؤساء دول وسط أفريقيا بعد الاتهامات التى وُجهت إلى حلفائه فى ائتلاف «سيليكا» الذى يطغى عليه المسلمون بارتكاب فظائع بحق سكان مسيحيين، مما دفع المسيحيين إلى تشكيل ميليشيات للدفاع باسم «أنتى بلاكا». وعلى الرغم من تولى «كاترين سامبا بانزا» رئاسة أفريقيا الوسطى، إلا أن العنف لم يتوقف، حيث لاتزال ميليشيات «أنتى بلاكا» تمارس أبشع أنواع المذابح ضد المسلمين، من قتل وحرق واغتصاب، مما أدى لنزوح ربع سكان البلاد خوفا من الهجمات الانتقامية. وقد توعدت رئيسة أفريقيا الوسطى جماعة «أنتى بلانكا» بالحرب، فى نفس الوقت الذى أطلق وزير الدفاع الفرنسى وقادة القوات الفرنسية الأفريقية تهديدات مماثلة ضد الجماعة نفسها، كما تحدثت الرئاسة الفرنسية عن إرسال 400 جندى إضافى إلى أفريقيا الوسطى ليصل عدد جنودها هناك إلى نحو ألفى مقاتل، فيما أكدت كاترين أشتون مسئولة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى أن الاتحاد ينوى نشر ألف جندى جديد بالبلاد للمساعدة على حفظ الأمن. وقد تعددت تحليلات الصحف فيما يتعلق بالوضع المأساوى لهذا البلد الأفريقى الفقير، وإن كانت اتفقت أن المسلمين يتعرضون لحرب إبادة جماعية، وأن السيناريو الأقرب هو التقسيم، فمن جانبها ذكرت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية فى تقرير لها من العاصمة بانجى أن المسلمين فى هذه الدولة الأفريقية يعيشون رعباً حقيقياً بعد تصاعد عمليات التصفية للمسلمين والتهجير المنظم لهم من المناطق ذات الغالبية المسيحية فى العاصمة بانجى وفى جنوب البلاد خاصة، ونقلت الصحيفة عن أحد المسلمين هناك قوله «لم يعد للمسلمين فى هذه البلاد خيارات كثيرة، فإما الهرب أو الموت». وقالت الصحيفة «يدفع المسلمون اليوم حياتهم ثمنًا باهضًا لتجاوزات المتمردين السابقين سيليكا، القوات التى تشكلت من غالبية مسلمة وعاملت السكان المحليين عند الإطاحة بالنظام السابق وهم من المسيحيين فى أغلبهم معاملة العبيد، واليوم وبعد انهيار سيليكا يدفع الأبرياء من المدنيين ثمن البربرية السابقة بعد إصرار الضحايا السابقين على الانتقام». أما مجلة «سليت أفريك» الفرنسية فرأت أن النزوح الجماعى للمسلمين من غرب أفريقيا وتراجع الجماعات المسلحة المنتمية إلى جماعة سيليكا فى الشرق يزيد من شبح تقسيم البلاد الخارجة بالفعل عن أى سيطرة، وقالت المجلة إن مسألة التقسيم أثارها أمين عام منظمة الأممالمتحدة بان كى مون شخصيا، حيث اعتبر أن تقسيم البلاد ممكن جدًا، بالنظر إلى العداء بين المسيحيين والمسلمين، كما حذر من أنه بعد أشهر من العنف، صارت الأعمال الوحشية الطائفية فى طريقها لأن تغير من التركيبة السكانية للبلاد، وصار التقسيم الفعلى يمثل خطرًا حقيقيا. وفى نفس الإطار قالت صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية إن منظمة العفو الدولية أصدرت تقريرا قالت فيه إن جميع المسلمين يتعرضون للتهجير من مناطقهم منذ شهر يناير، ويوضح التقرير أن بعضا من عمليات القتل أخذت طابعا انتقاميا لما قام به المتمردون من جماعة سيليكا والجماعات المسلمة ضد المسيحيين.