بعد نحو ثلاثة أسابيع على انطلاق العام الدراسي، ظهر العديد من المشكلات جراء تطبيق القرارات الوزارية الجديدة التي هدفت بالأساس لجذب الطلاب إلى المدرسة مرة أخرى، وكان أبرزها تحديد واجبات منزلية موحدة على مستوى الجمهورية يلتزم الطلاب بأدائها يوميَا ويحصلون على درجات في مقابلها، وهى خطوة حظيت بترحيب واسع في بداية الأمر، لكن التطبيق كشف أن المعلمين والطلاب ينغمسون فى كتابة الأسئلة ونقلها إلى كراسة الواجب أثناء الحصة التي تعد بالأساس مخصصة للتعلم وتوصيل المعلومات إلى الطلاب. ◄ عجز المعلمين يفاقم المشكلة ◄ شكاوى من استهلاك وقت الحصص فى نقل الأسئلة والدروس ■ طلاب المرحلة الابتدائية قررت وزارة التربية والتعليم هذا العام إعداد المادة الخاصة بالأداءات التي يكلف بها المعلم الطلاب أثناء الحصة وكذا الواجب الذى يقوم بأدائه الطلاب فى المنزل والتقييمات الأسبوعية، وكان مقرراً أن يقوم الطلاب بطباعة الواجبات المنزلية من على الموقع الرسمى لوزارة التربية والتعليم، غير أن ذلك واجه اعتراضات كبيرة من جانب أولياء الأمور واعتبروا أن ذلك يضاعف الأعباء المالية عليهم. ■ وزير التعليم محمد عبداللطيف ودفع ذلك الوزارة للتأكيد على أن الواجب المنزلي عبارة عن تكليفات خاصة بالدرس الذي تم تدريسه يكلف بها المعلم طلابه لإنجازها فى المنزل ومتابعتها وتصحيحها ومن خلالها يمكن للمعلم تقدير مدى الالتزام، وأكدت أنه لن يتم تكليف الطلاب بطباعة الواجب المنزلي، واستخدام السبورات في الكتابة عليها ويقوم الطالب بنقل الأسئلة. وأوضحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أن خطوات أداء الواجب المنزلى تتضمن قيام المعلم بالاستعانة بمجموعة من الأسئلة الخاصة ب»الواجب المنزلى» على موقع الوزارة، حيث يقوم بكتابتها على السبورة داخل الفصل على أن يقوم الطالب بنقلها ثم حلها فى المنزل ليقوم بتسليمها فى اليوم التالى للمعلم لمراجعتها وتقييمها. ◄ عقد نفسية وقالت إحدى معلمات محافظة المنيا، طلبت عدم ذكر اسمها، إن تطبيق الواجبات المنزلية والأداء الصفى على طلاب المرحلة الابتدائية، تحديداً الصفوف الأولى يعد أمرا سلبيا للغاية لأن الحصة التى لا تصل إلى 45 دقيقة يأخذها الأطفال فى الأغلب لكتابة الدروس والواجبات ولا أستطيع القيام بمهامى كمعلمة يجب أن أقوم بتوصيل المعلومات إلى الطلاب وبخاصة فى السن الصغيرة التى يحتاج فيها الطلاب للإنصات وليس الكتابة الكثيفة التى قد تكون سبباً فى عقدهم النفسية. وأضافت أنها تعمل بإحدى مدارس قرى مركز مغاغة، وهناك صعوبات كبيرة فى إجادة القراءة والكتابة لدى الطلاب، وبالتالى فهم لا يعرفون بالأساس كيفية نقل الأسئلة ويكون عليّ أن أساعدهم فى عملية الكتابة ويستغرق ذلك وقتَا يمكن توفيره فى شرح المناهج، وفى المقابل يقوم التوجيه بدوره فى التعرف على مدى الالتزام بالخريطة الدراسية، لكننى فشلت هذا العام الالتزام بها لأننى لا أجد وقتَا لشرح الدروس، وعلى الجانب الآخر لابد أن يقوم الطلاب بأداء الواجب المنزلى لتقييمهم ومنحهم درجات أعمال السنة، ويبقى الأطفال فى حالة كتابة مستمرة دون أن يدركوا طبيعة ما يقومون بكتابته. وأشارت إلى أن فصلها يتواجد به 47 طالبَا وأغلبهم يحتاجون المساعدة ومن الممكن أن يستغرق نقل السؤال الواحد أكثر من ربع ساعة، وفى نهاية الأسبوع يكون عليّ إجراء التقييم الأسبوعى لكن بالأساس لا يوجد منهج جرى تدريسه بالفعل، ويكون عليّ أن أصحح يوميَا واجبات أكثر من 100 طالب فى الفصول الدراسية المختلفة ويشكل ذلك عبئا عليها داخل المدرسة وفى المنزل أيضَا. ◄ اقرأ أيضًا | التعليم في أسبوع | إعلان نظام الدراسة والتقييم لطلاب الثانوي العام.. الأبرز ■ أميرة يونس ◄ صعوبات الكتابة وقالت أميرة يونس، مؤسس جروب مصر للتعليم على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، إن الأطفال يعانون من صعوبات الكتابة ومع الانتهاء من كتابة الأسئلة وبعض المعلومات التى تدونها المعلمة على السبورة يكون وقت الحصة انتهى بالفعل، مشيرة إلى أن بعض المعلمين يلجأون إلى حيل تتمثل فى كتابة الأسئلة وتصويرها بالموبايل وإرسالها عبر جروبات الماميز عبر «الواتساب»، لكن ذلك لا يتناسب مع جميع الطلاب فى المدارس الحكومية، وفى الوقت ذاته أصبح هناك عبء آخر على ولى الأمر. وأوضحت أن عجز المعلمين يفاقم المشكلة لأن هناك فصولا لا يوجد بها معلمون لكافة المواد وبالتالى لا يتم تقييم الطلاب بالصورة السليمة، والبعض من المعلمين يستغلون الصعوبات التى يواجهها الطلاب لتشجيعهم على الدروس الخصوصية، وأضحى الطلاب ملزمين بالحضور إلى المدرسة وكذلك فى فترات مختلفة ثم الذهاب إلى الدرس الخصوصى. وشكت يونس من التوسع فى تطبيق الفترات المسائية، مشيرة إلى أنها تؤدى إلى اختصار اليوم الدراسى ومن ثم تقليص زمن الحصة، وعلى الجانب الآخر تُرغم أولياء الأمور على الذهاب إلى المدرسة ثلاث مرات يوميَا وذلك ينطبق على أولياء الأمور الذين لديهم أبناء فى سنوات تعليمية مختلفة، إذ إن الأولى فى الصباح ثم مع انتهاء اليوم الدراسى والانتظار لبدء الفترة الثانية ثم العودة ثالثة مع نهايتها فى الخامسة عصراً، ومع زيادة تكليفات الواجبات لا يوجد وقت للطلاب من أجل المذاكرة أو الاستمتاع. ◄ حضور كثيف من جانبه، أكد أسامة عياد مدير مدرسة السلام الثانوية بمدنية سانت كاترين بمحافظة جنوبسيناء، أن الواجب المنزلى يعد أمراً إيجابيَا للغاية بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية الذين يمتلكون الأدوات التكنولوجية التى تجعلهم يقومون بالإجابة عن الأسئلة مباشرة من على التابلت دون الحاجة إلى النقل عن طريق الكتابة، مشيراً إلى أن الصفين الأول والثانى الثانوى هذا العام شهدا حضورا كثيفاً من الطلاب بعكس الأعوام الماضية بعد أدركوا بأن 70٪ من إجمالى الدرجة النهائية سيكون عليهم تحصيلها من خلال الحضور والسلوك والواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية والشهرية. وأضاف أن وزارة التربية والتعليم تعمل بشكل مستمر على متابعة مستويات الطلاب من خلال الاطلاع على الواجبات المنزلية والتقييم الأسبوعى، وبالتالى فإنه من المتوقع هذا العام أن تتزايد معدلات تعرض الطلاب للفصل جراء تخطيهم النسب المقررة، وفى حال جرى تطبيقها فإن ذلك سوف يساعد على انتظام العملية التعليمية داخل المدرسة الأعوام القادمة. ◄ تخصيص الدرجات وأوضحت وزارة التعليم أنه يتم تخصيص 5 درجات لكراسة الواجبات المنزلية، و5 درجات على النشاط، و5 درجات للتقييمات الأسبوعية، و10 درجات للتقييم الشهرى، إضافة إلى 5 درجات للمواظبة والسلوك و10 درجات للمهام الأدائية، من أعمال السنة لطلاب المرحلة الابتدائية. وبالنسبة للمرحلة الإعدادية، أوضحت وزارة التربية والتعليم، أنه سيتم تخصيص 10٪ للواجب المنزلى من الفصل الدراسى الواحد، موضحة أن تقسيم درجات تقييم الطلاب يتضمن 30٪ لامتحان الفصل الدراسى الواحد، إلى جانب 15٪ لاختبار شهر أكتوبر و15٪ لشهر نوفمبر، وكذلك 10٪ للسلوك والمواظبة، و10٪ لكراسات الواجب، و20٪ للاختبارات الأسبوعية. ■ عاصم حجازي ◄ تقييمات المعلم وقال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة القاهرة، إن التقييمات والواجبات المنزلية جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية لكافة المراحل الدراسية، لكن ليس بهذا الشكل الذى يتم تنفيذها به فى مدارسنا فهذه التقييمات ضرورية لضمان الكشف المبكر عن أى مشكلة تعوق مسيرة الطالب التعليمية والعمل على حلها مبكرا، ولتحقيق هذا الهدف يجب أن تكون هذه التقييمات نابعة من المعلم وليست مفروضة عليه من الوزارة، وأن تكون متنوعة لتناسب المستويات المختلفة من الطلاب، وألا تستغرق جزءا كبيرا من وقت الحصة ولا من وقت الطالب فى المنزل، وكذلك ألا يحاسب الطالب على الدرجات التى يحصل عليها فى هذه التقييمات، حيث إنها ليست معدة أصلا للحكم على الطالب وإنما لاكتشاف مشكلاته وعلاجها. وشدد على أهمية أن تكون الواجبات المنزلية وسيلة لمساعدة الطالب وليست هدفا فى حد ذاتها، وأن تكون بسيطة بالنسبة لطلاب الصفوف الأولى وأن تركز على نواتج التعلم بشكل أساسى، ولا يشترط أن تكون أسئلة بل يمكن أن تكون على صورة مهام مثل إعداد خريطة ذهنية أو حل مشكلة. وأكد أن تطبيق هذه التقييمات بالشكل الحالى قد يتسبب فى وجود عدد من المشكلات منها زيادة الضغوط الملقاة على كلٍ من المعلم والطالب وولى الأمر، وحرمان الطالب من ممارسة أنشطة أخرى مهمة والاستقطاع من وقت الطالب بشكل مبالغ فيه، وفى تلك الحالة يتمحور تركيز بعض المعلمين على هذه التقييمات باعتبارها معيارا أساسيا لتقييمهم ويهملون عملية التعليم ذاتها أو لا يجدون لها وقتا، وتعتبر بشكلها الحالى من أقوى الأسباب الداعية إلى انتشار الدروس الخصوصية. وذكر أن الاختبارات بصورتها الحالية تساعد على اكتساب الطلاب بعض السلوكيات الأكاديمية السلبية مثل الانتحال أو الاعتماد على الحلول الجاهزة التى توفرها المكتبات والغش، وعلى انتشار وتفشى الشعور الوهمى بالتعلم وتضع مؤشرات غير موضوعية للحكم على الطالب، كما أنها تصرف الطالب عن الاهتمام بالتعلم لأجل الإتقان وتغذى لديه فكرة التعلم لأجل الاختبار.