ليست مصادفة بالطبع.. أن تشتعل الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية فى نفس اليوم الذى تنعقد فيه جولة حاسمة فى مفاوضات وقف حرب غزة. ومع اختلاف الروايات وغياب التفاصيل - حتى كتابة هذه السطور - يبقى الإنذار واضحاً بأن استدراج المنطقة لحرب شاملة يبقى هو الخطر الداهم، ويبقى إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة هو مفتاح استعادة الاستقرار وتهدئة الأوضاع على كل الجبهات. ويتأكد للجميع - ماعدا الذين يربطون مستقبلهم باستمرار الحرب - أن التفاوض من أجل شراء الوقت لم يعد يجدى، وأن إضاعة فرصة إنهاء الحرب ستكون نتائجها كارثية.. والكل يعرف من هو الطرف الذى يرفض إنهاء الحرب ويسعى لتوسيعها ولا يهمه أن تحترق المنطقة (أو العالم) لينجو من سقوط لا مفر منه!! ربما تنجح جهود تطويق هذا التصعيد الخطير، لكنه يؤكد مرة أخرى أن المنطقة على فوهة بركان، وأن الانفجار قد يأتى مع أى خطأ فى الحسابات، وأن «الضربة الاستباقية» الحقيقية كانت موجهة لمحاولة إنهاء الحرب فى غزة والمفاوضات الجارية بشأنها فى ظل العقبات التى لا يتوقف نتنياهو عن وضعها لإفساد أى فرصة جادة للتهدئة ومنع التصعيد. فور اشتعال الجبهة اللبنانية توالت التقارير بأن واشنطن لم تشارك فى الضربة الإسرائيلية. وكان هذا ضرورياً مع احتشاد القوة العسكرية الأمريكية، ومع وجود رئيس أركان الجيوش الأمريكية فى زيارة للمنطقة، ومع مكالمة هاتفية بين وزيرى الدفاع الأمريكى والإسرائيلى قبل ساعات قليلة من اشتعال الجبهة اللبنانية، أكد فيها الوزير الأمريكى الدعم الأمريكى لإسرائيل فى مواجهة إيران وحلفائها فى المنطقة مركزاً على «حزب الله» اللبنانى!!.. والسؤال هنا: هل يكفى التأكيد على عدم مشاركة أمريكا فى أى عدوان ترتكبه إسرائيل لكى تبرئ ساحتها، ولكى توقف تلاعب نتنياهو بكل محاولات التهدئة، ولكى لا تتورط أمريكا نفسها فى حرب لا تريدها؟! الرد الوحيد القادر على إيقاف التصعيد على كل الجبهات، هو إيقاف الحرب فى غزة والمذابح الإسرائيلية التى ترافقها، واشنطن تعلم ذلك جيداً وتسعى إليه ولو متأخراً ولأسباب تتعلق بها وليس انحيازاً للعدالة والشرعية الدولية(!!).. مفاوضات القاهرة قد تكون الفرصة الأخيرة لذلك إذا أرادت أمريكا واستخدمت أوراق الضغط التى تملكها، وقد تكون أيضاً الفرصة الضائعة إذا ظل نتنياهو يقود المنطقة للانفجار فى حماية أمريكا «الغاضبة جداً» مما يفعله نتنياهو.. أو هكذا تقول!!