مع بداية شن إسرائيل لحرب الإبادة على الشعب الفلسطينى فى غزة، كان الانحياز الأمريكى لإسرائيل بلا حدود.. ومع إرسال الأساطيل والسلاح وحضور الرئيس الأمريكى بنفسه للإعلان عن صهيونيته، كان التأكيد على أن كل ذلك يتم من أجل عدم توسيع الحرب «!!» ولم تستمع واشنطن ولشهور طويلة لأصوات الحقيقة التى تشير إلى أنها تطلب المستحيل، وأن انحيازها الكامل ودعمها لحرب الإبادة سيقود حتماً الى توسيع الحرب وفتح العديد من الجبهات وانفجار الأوضاع فى كل المنطقة.. وهو ما وجدت الإدارة الأمريكية نفسها فى مواجهته بعد أن قادها نتنياهو إلى ما كانت دائمًا تحاول تجنبه.. وهو أن تتورط فى حرب مباشرة تفجر المنطقة كلها وتطلق خطر حرب عالمية لا أحد يريدها أو يتمناها! أمريكا تتحرك الآن لأن الخطر داهم، ولأن سياستها الخاطئة -على مدى عقود- أطلقت كل عناصر الخطر الصهيونى على المنطقة والعالم!!. القضية لم تعد هوس نتنياهو وإنما تجاوز ذلك بكثير.. كل إسرائيل الآن يجتاحها جنون الحرب والخلاف فقط فى التفاصيل.. الكيان الصهيونى فى قبضة اليمين المتطرف والتعصب الدينى- والتمييز العنصرى، الأخطر قادم لا محالة إذا لم تكن هناك مواجهة حاسمة قبل انفجار الأوضاع. لا ينبغى نسيان أن انفجار الأوضاع فى غزة جاء كرد فعل على جرائم إسرائيل فى القدس والضفة الغربية حيث قلب الصراع الحقيقى. ليست مصادفة الآن، أن يكون العالم كله منشغلًا بجهود إنهاء الحرب فى غزة وتجنب الحرب الإقليمية الشاملة.. بينما يقود الإرهابى بن غفير قوة اقتحام للمسجد الأقصى فى حماية الشرطة الإسرائيلية هذا إجراء لا يتم إلا بموافقة نتنياهو، ولا تصلح فى مواجهة الأكاذيب الإسرائيلية عن أنه تصرف فردى والكل يدرك سعى إسرائيل لتهديد القدس، والجهود التى يقودها نتنياهو وصبيانه فى التطرف لتوسيع الاستيطان.. لكن الأكثر خطورة يجرى تجنب الحديث عنه، وهو السعى المتواصل من أجل تحويل الصراع من قضية احتلال صهيونى عنصرى، ومنحط إلى قضية صراع دينى هى الأساس فى عقيدة اليمين الحاكم لإسرائيل الآن وهو يستفز مشاعر مليارات المسلمين فى أنحاء العالم دون إدراك لعواقب هذا الجنون الصهيونى!!. منذ نشأ الكيان الصهيونى وهو يمثل خطراً على المنطقة العربية كلها لكنه كان أحد أدوات أمريكا والغرب لتحقيق مصالحهم الاستراتيجية فى المنطقة.. الآن أصبحت إسرائيل خطراً على هذه المصالح، بل وأصبحت إسرائيل «وهى فى قبضة الإرهاب الصهيونى والتطرف الدينى» خطراً على نفسها وتهديداً لوجودها. أمريكا ودول الغرب الرئيسية تدرك الآن أن إيقاف الحرب فى غزة هو الوسيلة لمنع الرد الإيرانى على جرائم إسرائيل ولتهدئة باقى الجبهات.. هذه خطوة على الطريق الصحيح لوقف التصعيد ومنع الكارثة التى يسعى إليها نتنياهو وعصابته التى ستقاتل حتى النهاية، وستواصل إرهابها الصهيونى فى القدس والضفة الغربية مهما كانت العواقب! المهمة الرئيسية لأمريكا بعد كل أخطائها فى الانحياز الأعمى لإسرائيل، ستكون بجانب إنقاذ مصالح أمريكا الأساسية، هى إنقاذ الكيان الصهيونى من مصيره المحتوم، إذا ظل فى قبضة فاشية عنصرية تقوده للهاوية، وإذا لم يدرك- قبل فوات الأوان- أن كل إرهابه لن يجدى شيئاً، وكل ما يتلقاه من دعم لن يصمد أمام الحقيقة الباقية أبداً، فلسطين الحرة المستقلة وعاصمتها للأبد القدس العربية.