أكدت الدكتورة إسراء عادل الحسيني المدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أهمية ان تراعي الموازنة العامة للسنوات المقبلة إعداد إطار مالي متوسط الأجل لوضع مخصصات مالية لقطاعي التعليم والصحة لمدة 3 سنوات متتالية علي الأقل بما يضمن الارتقاء بخدمات القطاعين بصورة حقيقية . وقالت إن هذه الموازنات القطاعية متوسطة الأجل هي خطوة ضرورية للتحول إلي موازنات البرامج والأداء التي تستهدف الدولة تطبيقها بدلا من النظام الحالي المعتمد علي موازنة بنود لا ترتبط بتحقيق أهداف محددة، مشيرة إلي أن هذا التحول يحتاج أيضا لتعديلات تشريعية وتغيير اللوائح والإجراءات الإدارية إلي جانب تدريب العاملين بالهيئات الموازنية علي النظام الجديد. جاء ذلك في ختام فعاليات ورشة العمل والبرنامج التدريبي حول إصلاح منظومة إدارة المالية العامة التي نظمها مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية برئاسة الدكتورة هالة السعيد عميد الكلية بالتعاون مع المجلس الوطني المصري للتنافسية برئاسة سيف الله فهمي والتي استمرت لمدة 4 أيام وشارك فيها برلمانيين وممثلين عن الأحزاب المصرية وكوادر وزارتي المالية والتخطيط والجهاز المركزي للمحاسبات وإعلاميين وشباب. وأضافت د.إسراء عادل أن القانون المصري يفرض ضوابط لعمليات نقل مخصصات مالية من بند لآخر بذات الباب بالموازنة تتمثل في موافقة وزارة المالية أولا علي عمليات المناقلة وإلا تتجاوز القيمة عن 10% من مخصصات الباب أو 1% من إجمالي الاستخدامات بالموازنة أيهما اقل كما لا يسمح بنقل مخصصات من باب لأخر إلا بموافقة السلطة التشريعية. وردا علي هذه الضوابط التي تضعف درجة مرونة الموازنة وتعاملها مع المتغيرات الاقتصادية خلال العام، كشف ممثلي وزارة المالية عن قيام قطاع التمويل بوزارة المالية منذ عام 2011 وحتى الآن بالتنسيق مع الجهات العامة التي لديها فائض مالي بحيث يتم رده إلي احتياطي عام الموازنة قبل نهاية العام المالي ثم يقوم قطاع التمويل بإعادة توجيه هذه المبالغ مرة أخري للجهات العامة التي تحتاج لزيادة مخصصاتها بما يضمن رفع كفاءة استخدام الموارد العامة. وردا علي ما أثارته ابتسام أبو رحاب عضو مجلس النواب من إمكانية استخدام أكثر من نوع من أنواع الموازنة العامة أشارت د.إسراء عادل إلي إمكانية استخدام الموازنة الصفرية والتي يتم إعدادها لفترة قد تصل إلي 3 سنوات إلي جانب موازنة سنوية بطريقة البنود وهو ما يتغلب علي مشكلات الموازنة السنوية خاصة افتقادها لرؤية طويلة الأمد نسبيا للأهداف التي تسعي لتحقيقها. من جانبها أكدت الدكتورة ياسمين محي الدين أخصائي الإدارة المالية الحكومية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ضرورة تطوير منظومة الرقابة المالية وعمليات التدقيق المالي الداخلي والخارجي من خلال تطبيق المعايير الصادرة عن المنظمة الدولية للمؤسسات العليا والمراقبة المالية لأهداف عمليات الرقابة وهي التأكد من ممارسة عمليات منظمة وأخلاقية قائمة علي مبادئ الاقتصاد والكفاءة والفعالية وتنفيذ متطلبات المساءلة والالتزام بالقوانين واللوائح المتعلقة بجمع وصرف المال العام خاصة قوانين مكافحة الفساد والحفاظ علي الموارد العامة من الإهدار وسوء الاستخدام والتلف نتيجة الإهمال او سوء الإدارة او وجود مخالفات وتزوير. وقالت إن الاتجاهات الحديثة للرقابة تحدد مهام محددة للرقابة تشمل التصرف في الموارد العامة والسجلات الحكومية ومراجعة إجراءات منح وإصدار التراخيص علي أن تتأكد من وجود فصل في المهام الوظيفية للقائمين بمنح التراخيص عن القائمين بتنفيذ المعاملات المالية عن القائمين بإعداد التقارير وعمليات المراجعة، إلي جانب مراجعة نتائج التحقيقات المتعلقة بمخالفات قد تكون حدثت في بعض الجهات العامة وأيضا الرقابة علي تسوية المخالفات والنزاعات ومراجعة الأداء التشغيلي للعاملين والموظفين. وأضافت انه في كل هذه الأنشطة فان المراقب المالي يمكنه ان يلعب دور إصلاحي لعلاج الخلل في الوضع القائم او التركيز علي استيضاح الحقيقة وراء المخالفة، مشيرة إلي إن تكنولوجيا المعلومات يمكن استخدامها لتعزيز نطاق الرقابة والتأكد من جودة الخدمات الحكومية. وحول العوائق التي قد تحد من كفاءة عمليات المراقبة المالية للأنشطة الحكومية المختلفة أوضحت د.ياسمين محي الدين انها تتمثل في عدم استقرار البرامج والسياسات الحكومية والتي قد تفرض إعادة تصميم للبرامج الرقابية، الي جانب ضعف تدريب العنصر البشري القائم بالرقابة وأيضا نقص الموارد المالية المخصصة لمنظومة الرقابة المالية وعدم تماشيها مع المخاطر التي تتعرض لها الجهات الحكومية والتغييرات التنظيمية بالجهات الرقابية نفسها او تغيير سياستها. وحول النظم الرقابية التي تستخدم بدول العالم المتقدم أشارت إلي وجود 3 نماذج الأول النموذج البرلماني ويطبق بالمملكة المتحدة وايرلندا وبيرو وتشيلي وتنصرف عمليات الرقابة إلي التدقيق المالي لعمليات الأنفاق والإيرادات العامة والثاني نموذج قضائي ويطبق بالدول الفرانكفونية والبرازيل وكولومبيا وتنصرف عمليات الرقابة من خلاله إلي التدقيق القضائي للتأكد من عدم وجود اية مخالفات قانونية والثالث نموذج إنشاء مجلس وطني ويطبق في ألمانيا وهولندا واليابان واندونيسيا ومهمة الرقابة من خلاله متغيرة لتشمل التدقيق المالي والتحقق القانوني. وحول النظام المصري أشارت إلي وجود نوعين من الرقابة المالية الأول تقوم به وزارة المالية للرقابة قبل الصرف والثاني رقابة بعد الصرف ويقوم بها الجهاز المركزي للمحاسبات، مشيرة إلي أهمية تعاون الجهتين مستقبلا في عمليات الرقابة بما يساعد علي القيام بعمليات رقابة فعالة علي المال العام نتيجة الفهم الجيد لأوضاع ومتطلبات عملية التدقيق والمخاطر التي تواجه المؤسسات العامة الي جانب القضاء علي الازدواجية في عمليات التدقيق المالي ما يوفر الكثير من الوقت والجهد وبالتالي توسيع نطاق التغطية للتدقيق المالي الخارجي. وحول التجارب العالمية التي يمكن لمصر الاستفادة منها أشارت إلي تجربة فرنسا التي تقوم جهة التدقيق المالي بتقييم أداء المؤسسات العامة أيضا خلال عمليات التدقيق المالي كما أنها تساعد البرلمان في تقييم السياسات الحكومية علي ضوء عمليات الإنفاق العام علي هذه السياسات لقياس مدي كفاءتها وفعالياتها في تحقيق الأهداف العامة. من جانبها أشارت الدكتورة أسماء عزت مدرس المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الي ضرورة الاهتمام بمبادئ الشفافية والمشاركة المجتمعية والمساءلة في جميع مراحل إعداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة لتعزيز المشاركة الشعبية في الشأن العام وهو ما يتطلب تعديل قانون إنشاء الجهاز المركزي للمحاسبات بما يسمح بنشر تقاريره علي الرأي العام والخبراء والباحثين بمجال السياسات المالية. وقالت إن إرساء نظام رقابي فعال علي العمليات المالية الحكومية يتطلب الاهتمام بشفافية الموازنة العامة وضمان مشاركة واسعة لشرائح المجتمع في إعدادها وتعزيز سلطات الإشراف والرقابة من قبل المؤسسات الحكومية، مؤكدة ان غياب أي عنصر من هذه العناصر يؤدي لضعف النظام بالكامل. وحول النظام المصري قالت أن المتابع لملاحظات جهاز المحاسبات عن أداء الوزارات والهيئات العامة يجد ان نسبة كبيرة من هذه الملاحظات تتكرر سنويا دون أي تعديل وهو ما يتطلب إجراء دراسة تحليلية لأسباب عدم تلافي هذه الملاحظات وهل يتطلب الوضع تعديل تشريعي لمنح الجهاز سلطة إلزام الجهات العامة بتنفيذ ملاحظاته. وأضافت ان التجارب الدولية حددت مجموعة من الوثائق التي يجب ان تتاح للرأي العام لتعزيز الشفافية والمسائلة ، وهي تشمل وثائق الموازنة العامة وتقارير تنفيذ الموازنة والحسابات الختامية لتنفيذ الموازنة وتقارير التدقيق المالي الخارجي وذلك خلال 6 اشهر من تاريخ انتهاء عمليات التدقيق وأيضا العقود الحكومية التي تتجاوز قيمتها 100 ألف دولار للعقد الواحد ومخصصات وحدات الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وبرامج اجتماعية.