ذكرنا في الحلقة الماضية ان عادل حبارة كان يرسل بين الحين والآخر مندوبًا إلي زوجته في مركز أبوكبير ليقدم لها المال ويتابع الأحوال، ثم يعود ليبلغه بالتفاصيل، كانت زوجته سيدة قوية، تعرضت لضغوط عديدة، حاول رجال الأمن إجبارها علي الإدلاء بأي معلومات عن زوجها، إلا أنهم فشلوا في ذلك. مضت الأيام سريعة، شهدت البلاد انتخابات رئاسية أثمرت عن وصول »الإخوان»إلي السلطة والتحكم في مقاليد البلاد، لم يكترث حبارة كثيرًا بهذه التطورات، فلم يكن يؤمن بالانتخابات ولا الديمقراطية، لقد كان يري أن كل ذلك مجرد أدوات لإلهاء الشعوب بعيدًا عن حكم الله، وكان يتوقع فشل الإخوان منذ البداية.. وفي زمن الإخوان تزايد نفوذ الجماعات المتطرفة في سيناء وغيرها، وقد استطاعوا في هذه الفترة، تحقيق انتشار واسع في كافة المناطق، وتخزين الأسلحة في المناطق الجبلية، وحفر المزيد من الأنفاق بين مناطق رفح وقطاع غزة، حيث تم استخدامها لتهريب البضائع والأسلحة وضمان حرية التنقل للعناصر المتطرفة، التي كانت تتلقي تدريباتها العسكرية علي أيدي المنظمات المتطرفة وحماس في قطاع غزة. وبعد الأحداث التي تلت ثورة الثلاثين من يونيو وسقوط حكم الإخوان، ازدادت شراسة حبارة وجماعته، شاركوا في عمليات الهجوم علي المنشآت الشرطية والعسكرية، وقتلوا وأصابوا العديد في هجمات إرهابية متعددة. في هذا الوقت توصل الأمن في سيناء إلي الهاتف الخاص بعادل حبارة، بدأوا في مراقبته وتسجيل المكالمات التي كان يقوم بها مع عناصر جماعته والآخرين، واستطاع الأمن أن يحبط العديد من العمليات التي كان عادل حبارة ينوي القيام بها، إلا أن وجوده في المناطق الصعبة داخل بعض قري رفح والشيخ زويد كان يحول دون القبض عليه. بعد فض الاعتصام المسلح في منطقة »رابعة العدوية» في الرابع عشر من أغسطس من عام 2013، تزايدت حدة الأعمال الإرهابية في البلاد، وفي يوم الثامن عشر من نفس الشهر تجمع عدد من جنود الشرطة بمنطقة المرج بالقاهرة، حيث كانوا متجهين إلي معسكر الأمن المركزي بمنطقة الأحراش في مدينة رفح بشمال سيناء، وذلك بهدف إنهاء إجراءات خدمتهم العسكرية، وتسليم العهدة التي كانت لديهم. كان الجنود قد ودعوا أهاليهم، وبدأوا في رسم ملامح حياتهم لمرحلة ما بعد العودة مباشرة، كانت الآمال تحدوهم، منهم من كان ينتظر الزواج، ومنهم من كان علي وعد بالحصول علي فرصة عمل، إنها ساعات قصيرة ثم يعودون إلي منازلهم مرة أخري، بعد أن انهوا فترة تجنيدهم في قطاع الأحراش في سيناء. بعد أن تجمع الجنود الذين تواعدوا علي اللقاء في هذا المكان، استقلوا سيارتين ميكروباص من منطقة المرج متجهين إلي منطقة القنطرة للقاء عدد من زملائهم الآخرين من المحافظات القريبة من سيناء وعندما وصلوا إلي منطقة »القنطرة» قاموا بتغيير السيارتين ثم عبروا إلي مدينة العريش التي وصلوها في السادسة من مساء ذات اليوم، رفض السائقان توصيلهما إلي رفح في وقت المساء، وطلبا منهم الانتظار حتي الصباح. امتثل الجنود لمطلب السائقين، افترشوا الأرض داخل الموقف، كما أن بعضهم قرر النوم داخل السيارتين انتظارًا لبزوغ شمس صباح اليوم التالي. وفي الخامسة والنصف من صباح 19 أغسطس 2013 استيقظوا جميعًا، وتم التحرك علي الفور باتجاه مدينة رفح، وعندما وصلوا إلي كمين »الريسة» في حوالي السادسة وخمس دقائق، طلب منهم ضابط الكمين الانتظار لحين فتح الطريق في السابعة صباحًا، امتثالًا لحظر التجول في هذه المنطقة، والذي كان يستمر حتي السابعة صباحًا. كان عادل حبارة وعدد آخر من الإرهابيين قد علموا عشية 18/8/2013 بمبيت ثمانية وعشرين مجندًا في مدينة رفح، وأن هؤلاء ينتمون إلي قوة قطاع الأحراش التابع للأمن المركزي. وأكدت المعلومات التي وصلت إليهم أن الجنود سيتوجهون في صباح اليوم التالي إلي مقر عملهم بقطاع الأحراش برفح، وذلك لتسليم متعلقاتهم وإنهاء خدمتهم بالمعسكر. في هذا الوقت عقد حبارة ومجموعته العزم علي قتل هؤلاء الجنود أثناء توجههم إلي المعسكر، التقوا في هذا المساء وقرروا تنفيذ المخطط، في الطريق من العريش إلي رفح. أعدوا الأسلحة والذخائر التي سينفذون بها جريمتهم، دبروا وسيلة انتقالهم، وتوجهوا إلي الطريق الذي ستسلكه السيارتان علي طريق العريش - رفح، الذي تأكدوا من مرور الجنود فيه، لقد تلقي حبارة مكالمة في الساعة الخامسة وواحد وخمسين دقيقة من صباح 19/8/2013 حيث أخبره فيها محدثه بما يفيد الانتظار عند المنحني الواقع قبل منطقة السدود، وقال له حرفيًا »أيوه يا أبوعائشة.. بقولك.. قول لأبوعثمان عند قبل السدود.. عند اللفة اللي قبل السدود، رد عليه حبارة بالقول: اللفة اللي قبل السدود.. ماشي يا حبيبي جزاكم الله خير». مضي حبارة ومرافقوه إلي المنطقة المحددة، بعد أن أحضروا معهم أسلحتهم وذخيرتهم، وعند أحد منحنيات المنطقة المذكورة كمنوا للجنود في انتظار وصولهم. كان القلق يسود المجموعة كلها، إلا أن حبارة كان يقول لهم، دقائق قليلة وسيصلون إلي المكان عليكم الاستعداد جيدًا، حيث كانوا قد اختبأوا في مزرعة متاخمة للطريق. أبصر أحدهم السيارتين قادمتين، أعطي حبارة الإشارة، كان الإرهابيون ملثمي الوجوه، قطعوا الطريق علي سيارتي الجنود، واشهروا أسلحتهم في مواجهة سائقيها، وأطلقوا الأعيرة النارية في الهواء لإرهابهما، فأجبروها علي التوقف. تقدم اثنان من الإرهابيين، واستوليا علي مفاتيح السيارتين، وارغموا المجني عليهم علي الترجل والخروج من السيارتين تحت تهديد السلاح، طلبوا الإطلاع علي كارنيهاتهم، فتأكدوا بالفعل أنهم مجندون ينتمون إلي جهاز الشرطة. صاح أحد الإرهابيين فيهم، قائلًا: »انتوا قتلتوا سبعة وثلاثين واحد، وموش عاجبكم الشرعية.. أنتم عساكر يا ولاد الكلب». كان الإرهابي يقصد موت ال37 إخوانيًا في منطقة سجن أبوزعبل، والذين حاولوا التمرد، فتم ضربهم بقنابل الغاز لضمان عدم هروبهم، بعد أحداث رابعة، إلا أنهم أصيبوا بالاختناق، فمات 37 شخصًا منهم. كانت الأسلحة مشهرة والطلقات تدوي في السماء، طلب حبارة من الجنود الانبطاح أرضًا علي وجوههم، تقدم الإرهابيون وأوسعوهم ضربًا وركلًا بالأحذية، ثم سرعان ما تلقوا الإشارة من كبيرهم، فأمطروهم بالأعيرة النارية في أنحاء متفرقة من أجسادهم، واحدًا تلوالآخر، فتمكنوا من قتل 25 جنديًا منهم، صعدت أرواحهم إلي السماء وسط صرخات الألم وحالة الهلع التي انتابتهم، بينما أصيب ثلاثة آخرون ظنوا أنهم لقوا حتفهم مع الآخرين. وقد استشهد في هذا اليوم كل من: سالم محمد سالم البنا، إسماعيل محمد أحمد، أحمد محمد مهدي، محمود زكريا حجازي، إبراهيم عبداللطيف عبدالغفار،السيد محمد السيد، عصام نبيل إبراهيم، إبراهيم نصر سيد أحمد، معوض حسن معوض، عمروشبل فرحات، عبدالناصر محمد صابر، أنيس نصر سعد النبي، أحمد عبدالعاطي حسين، إسلام عبدالعزيز عبدالقادر، محمد منصور عبدالرحمن،عبدالفتاح عبدالحميد محمد، عفيفي سعيد عفيفي، محمد علي إبراهيم، محمد محمود علي الضبع، عبدالرحمن حسن عبدالرحمن، يعقوب عبدالعزيز عبدالحميد،محمد عبدالحميد محمد عمر، مصطفي السيد الربيعي، السيد صلاح عبداللطيف، ممدوح علي السيد. أما الثلاثة الذين كتب لهم النجاة منهم: مينا ممدوح منير، محمد حمدي عبدالعزيز، عبدالله أحمد الصيفي.. بعد انتهاء العملية، وبعد أن روت دماء الشهداء أرض سيناء، غادر الإرهابيون ساحة المكان، وتولي الإرهابي أسامة الشوربجي إخفاء السيارة التي استخدمت في نقلهم، تمهيدًا لإحراقها، لإخفاء أحد أهم أدلة الجريمة،إلا أن الإرهابي »أبوعبدالله المقدس» أرسل برسالة نصية علي الهاتف المحمول إلي الإرهابي عادل حبارة طالبه فيها التريث وعدم حرق السيارة، وكانت الرسالة التي أرسلها أبوعبدالله المقدس، وهوفلسطيني الجنسية، من هاتف 0097059548811، وهورقم من شبكة المحمول الخاصة بمدينة غزة. كان الطرف الآخر الذي يبلغ بالتحركات والمعلومات هو الإرهابي إسماعيل إبراهيم عبدالقادر، وكان يجري اتصالاته من الهاتف وفي الساعة الواحدة و13 دقيقة من بعد ظهر 19/8/2013، تلقي عادل حبارة مكالمة من إسماعيل عبدالقادر، يسأله فيها إسماعيل عن أخباره، فيجيب حبارة بقوله: »أنت سمعت أخبار الصبح ولا حاجة؟»، فيرد إسماعيل بارتباك »أه أه أه، الله أكبر، خمسة وعشرين شمعة»، فيعقب حبارة بالقول: »لا تسعة وعشرين»، فيرد عليه الإرهابي إسماعيل بقوله: »هوبيقولك خمسة وعشرين ربنا يتقبلهم»،فقاطعه الأول: »المهم ألف مبروك»، فرد عليه إسماعيل: »الله يبارك فيك يا حبيبي، ربنا ييسرلك»، ثم يستطرد عادل حبارة القول: »شد من أزر إخوانك وشغل الناس، مفيس حد ينام»، فيقاطعه إسماعيل قائلًا: »والله الناس هنا انضربوا علي رؤوسهم، بعد اللي حصل امبارح، ولا عارف أجمّع عليهم أساسًا»، فيعقب عادل حبارة قائلًا: »الله المستعان.. الله المستعان.. أنا كلمت صاحبك يشوف أي وسيلة عشان يشد من أزرك». وفي الساعة الثالثة و11 دقيقة من عصر ذات اليوم، تحدث عادل حبارة من هاتفه إلي رقم مجهول، فيسأله: »إيه الحكاية؟»، فيرد عليه حبارة قائلًا: »أبدًا مفيش حاجة كنت بباركلك بس.. ألف مبروك»،ويستفهم محدثه بالقول: »الله يبارك فيك، علي إيه إن شاء الله؟»، فيجيبه عادل حبارة بالقول: »ولا حاجة.. علي الخمسة وعشرين شمعة، ولا التسعة وعشرين شمعة دول»، فيعقب محدثه، وكأنه فهم المغزي من كلامه قائلًا: »أيوه أيوه، لسه عارف من ساعة كدة، الله يبارك فيك يا عم الشيخ، ربنا يعينكوا يارب».. طلب عادل حبارة من محدثه أن يحفظ السر، ولا يبوح به لأحد، قائلًا: »مع نفسك، متحكيش مع حد». فقال له محدثه: »طبعًا.. طبعًا.. ولا يهمك». وفي الساعة السادسة و48 دقيقة مساء ذات اليوم، تلقي حبارة مكالمة واردة من هاتف رقم 0097059545881، من غزة بفسلطين، حيث حدثه شخص يدعي »أبوعيشة» يسأله عن الأحوال، فيجيبه حبارة بالقول: »ال، ال، الأباتشي عمال بيلف عند البيت.. عمال يلف فوق مني»، فيعقب أبوعيشة بالقول: »طب وأنت إيه؟»، فيرد عليه حبارة قائلًا: »عمال يلف فوق مني أهه»، ثم يكمل حديثه بالقول: »وأبوعمر جه قال لي الدنيا ومش عارف إيه، والحكاية ولازم نداري، وكفاية، ولازم نخف شوية والدنيا»، فيقاطعه محدثه متسائلًا عما ينوي فعله قائلًا: »طيب أنت شوسويت هالحين؟»، فيجيبه حبارة قائلًا: »ولا حاجة هاخد العيال واتحرك»، فيعقبه محدثه بالقول: »خلاص خدهم وطلعهم من المنطقة»،فيقاطعه حبارة قائلًا: »ماشي، ماشي، هكلمك بعدين عشان متعطلنيش، عشان لوالليل ليل خلاص»، وبادره أبوعيشة: »طيب قول لي، هتكون فيه تغطية في وقت إيه، أوهتكلمني وقت إيه، هتروح في منطقة مفيش فيها تغطية؟»، فيعقب عليه محدثه بالقول: »خلاص ميه في الميه.. ميه في الميه.. أتوكل علي الله..ماشي، أقسم بالله، الله المستعان، لا حول ولا قوة إلا بالله»، ثم يكمل حبارة ما بدأه من حديث بقوله: »مرحب بالجنة.. جت تدلي»، ثم يسترسل منهيًا الحديث: »يلا سلام عشام متعطلنيش بس..»، فيرد محدثه قائلًا: »بدنا نشتغل لسه.. بدنا نشتغل.. بدنا نشتغل»، فيقاطعه الأول: »يلا السلام عليكم.. السلام عليكم». بعد أن أنهي عادل حبارة مكالمته مع »أبوعيشة»، راح ينتقل من مكان إلي آخر، حتي استقر به المقام في منطقة الجورة، وفي الساعة الحادية عشرة و24 دقيقة مساء 23/8/2013، قام زكريا شوق شطا والمكني باسم »عمروالدمياطي»بإجراء اتصال مع عادل حبارة قائلًا له: »أبوصهيب كان بيكلمني النهاردة وبيقولي ممكن نجيب.. بس أن عايز أتكلم معاك كلمتين، الأول الشيخ أبوبكر البغدادي كنت قاعد معاه والشيخ عمر الشيشاني، وهما عايزين يفتحوا شغل عندكوا، ويدعموا الشباب اللي عندك»، فرد عليه حبارة بالقول: »طيب يا عم، يا ريت، أقسم بالله ياريت»، فرد عليه عمروالدمياطي بالقول: »هوأداني عشرة آلاف دولار، قالي تسافر مع الشباب، تشوف هما عايزين إيه وتتواصل معاهم وإديهم العشرة آلاف دولار دول ويشتغلوا ويورونا مجهودهم، ويعملوا فيديو ويبايعوا أبوبكر البغدادي ويبايعوا الدولة الإسلامية فيه، وإحنا نبعتلهم اللي هما عايزينه، ونبعتلهم الفلوس، وهنعمل اللي هم عايزينه.. المهم دبحوهم يا شيخ، دبحوهم، عبوات، شغل عبوات، وشغل الألغام.. وأحرقوهم حرق يا شيخ»، وهنا قاطعه عادل حبارة قائلًا: »أنت يا أخي أنت عارف، أنت عارف بفضل الله عز وجل، اللهم لك الحمد ولك الشكر يارب، أنا هقولك علي خبر رهيب.. رهيب، رهيب.. بس لما أقعد معاك علي النت، ده أخوك بفضل الله عز وجل، هواللي عمله بفضل الله عز وجل، بفضل الله»، وهنا عقب الإرهابي عمروالدمياطي بالقول: »تمام، تمام، دلوقت أنت هتبايع الشيخ أبوبكر ولا مش هتبايع؟»، فرد عليه مجيبًا: »أنا أبايع الشيخ أبوبكر البغدادي،ومستعد كل الإخوة اللي معايا بفضل الله عز وجل». كان العميد هشام السيد درويش مدير مباحث شمال سيناء يتابع الأحداث، وقد تمكن من تسجيل المكالمات الهاتفية، إلا أنه كان يعجز عن الوصول إلي مكان تواجد حبارة داخل المناطق الجبلية الوعرة، لقد حصل الضابط علي إذن من النيابة العامة بالقبض علي حبارة وآخرين في 17/8/2013، ولكن ظل إذن القبض معطلًا. استطاع الضابط رصد مكالمة بين عادل حبارة وآخرين مكنته من القبض عليه،كان حبارة قد وصل إلي العريش قادمًا من الجورة يوم 31/8/2013 وبصحبته أحمد مصبح وعلي مصبح ومصبح أبوحراز، وذلك للاتفاق علي شراء قنابل يدوية، وبويات لطمس السيارة المستخدمة. لقد كان يستقل السيارة رقم 5798/ط.أ.ب، مضي في طريقه، ولم يكن يدري أن هناك عددًا من السيارات المدنية التي يتواجد بها بعض الضباط والمخبرين السريين تنتظره لمتابعته والقبض عليه. وبالفعل، ما أن هبط من سيارته، يتبعه الآخرون، حتي استطاعت قوات الأمن القبض عليهم جميعًا، وشل حركتهم، بعد أن نجحوا في السيطرة علي حبارة قبل أن يحاول تفجير نفسه. في 3 نوفمبر 2013 أحالت نيابة أمن الدولة العليا القضية المتهم فيها عادل حبارة و34 آخرين إلي محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي بتهمة قتل 25 جنديًا من الأمن المركزي فيما عرف باسم مذبحة رفح الثانية، وبدأت المحكمة في نظر القضية تباعًا. في الثامن والعشرين من يونيو2014، كان عادل حبارة ومعه عدد من المتهمين الآخرين المتورطين في مذبحة »رفح الثانية» قد انتهوا من جلسة المحاكمة عصر اليوم، وقد أصدر القاضي محمد شيرين فهمي رئيس محكمة جنايات القاهرة قرارًا بعودتهم إلي محبسهم في سجن العقرب بمنطقة طرة، والاتيان بهم لجلسة 30 يونيو لسماع الشهود في هذه القضية المهمة والخطيرة. وقد قام رجال الأمن بقيادة ضابط برتبة مقدم بإيداع حبارة والآخرين داخل سيارة الترحيلات دون وضع القيود الحديدية في يده، كما تم استبدال السيارات المصفحة المعتاد نقلهم بها بسيارة أمن مركزي متهالكة. وقد لوحظ أن أفراد الأمن، الذين يفترض وجودهم علي باب السيارة لم يكونوا موجودين، وقد قام أفراد التأمين بتعليمات من الضابط بوضع قفل صغير ومتهالك علي الباب الجانبي لسيارة الترحيلات دون إغلاقه جيدًا. انطلقت سيارة الأمن المركزي وعلي متنها عادل حبارة وتسعة متهمين آخرين ومن أمامها سيارة للتأمين وأخري من الخلف، إلا أن سيارة التأمين اختفت فجأة، بعد وصول السيارة التي تقل حبارة وزملاءه إلي إحدي المناطق القريبة من الطريق الدائري بالقرب من المعادي والبساتين. انتهز حبارة ومن معه وصول السيارة إلي أحد المطبات، وقاموا بالقفز منها للهروب إلي المعادي والبساتين دون أن يكتشف أحد هروبهم في نفس اللحظة، وبعد سماع ضجيج داخل السيارة، توقفت علي بعد 200 متر من نقطة نزول الهاربين. بدأت عملية الهروب في كافة الاتجاهات، حبارة وأربعة من زملائه، غاصوا في المساكن الشعبية بمنطقة البساتين بحثًا عن مكان للإيواء، وعندما تقدم حبارة إلي أحد الأكشاك طالبًا زجاجة مياه غازية، نظر إليه صاحب الكشك في ريبة، واستلفت انتباهه ملابس السجن التي كان يرتديها، وفجأة أمسك بزجاجة المياه الغازية من يده ودارت بينهما معركة، كان صاحب الكشك يصرخ خلالها أمسكوا مسجون هارب، أمسكوا مسجون هارب، التف الناس سريعًا حول حبارة وزملائه دون التعرف علي هويتهم، وأوسعوهم ضربًا، ثم أجروا اتصالًا بشرطة النجدة، والتي جاءت علي الفور ومن خلفها قوات أمنية وتسلمت المتهمين،وقامت علي الفور بترحيلهم إلي منطقة سجون طرة. في 6 ديسمبر 2014 أصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي وعضويه المستشارين عبدالشافي عثمان وحمادة الصاوي حكمًا بإعدام حبارة و6 آخرين ومعاقبة 3 متهمين بالمؤبد و22 آخرين بالسجن 15 عامًا وبراءة ثلاثة آخرين، وبمجرد النطق بالحكم حدثت حالة هياج داخل قفص المحاكمة، إلا أن قوات الأمن أسرعت بنقل المحكوم عليهم إلي سجن العقرب وسط إجراءات أمنية مشددة. غير أنه وبعد نظر محكمة النقض للقضية حكمت في 13 يونيو2015 دائرة أخري لمحكمة الجنايات، ثم تردد بعد ذلك أن السبب في نقض الحكم هوحدوث لبس في التوقيع علي محضر الحكم كما قيل في هذا الوقت. وبعد إحالة القضية إلي دائرة أخري، لم يستغرق نظرها طويلًا، فأصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار معتز خفاجي بإعدام حبارة حكمًا و6 آخرين، وأيضًا أحكام أخري بالسجن والبراءة، ثم إحالة القضية إلي محكمة النقض لتصدر حكمها البات والنهائي في القضية بعد فترة المحاكمات التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات. وفي 10 ديسمبر 2016 أصدرت محكمة النقض برئاسة المستشار محمد محمود حكمًا برفض الطعن المقدم من دفاع عادل حبارة وآخرين. وفي يوم 14 ديسمبر أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها وبعدها صادق الرئيس السيسي علي الحكم، وتم الاستعداد لتنفيذه، وفي يوم الخميس 15 ديسمبر نفذت مصلحة السجون حكم الإعدام شنقًا في حق المحكوم عليه في سجن الاستئناف بحضور ممثلين عن النيابة العامة ودار الإفتاء والطب الشرعي وطبيب السجن،بعد أن تم نقله من سجن العقرب في وقت سابق. انتهت قصة »حبارة»، ولكن يبقي السؤال: من المسئول الحقيقي عن تحول حبارة من إنسان مسالم يعاني ظروفًا اجتماعية صعبة إلي إرهابي يقتل بلا رحمة؟!