بعد ثورة يناير ظن المؤقتون بوزارة التربية والتعليم أن حلمهم سوف يتحقق وتتغير أحوالهم إلي الأفضل, خاصة أن غالبية العاملين بها تحت خط الفقر من عمال وإداريين, فانصب اهتمام الوزارة علي المدرسين. ونسوا أن هناك فئة أخري تكاد تعاني الجوع, وهي فئة العمال, فبرغم قيامهم بوقفات احتجاجية متعددة, فإنها لم تجد نفعا عند المسئولين حتي وصل الأمر إلي حرمانهم من رواتبهم بحجة أنه قطاع خدمي غير منتج, وأن الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات أثرت علي تلك الفئة بالذات!الأهرام المسائي التقي مجموعة من العمال والإداريين من العاملين المؤقتين بمديرية التعليم بمحافظة القليوبية, الذين يمثلون جزءا من المشكلة. الأهرام المسائي التقي مع مجموعة من العمال والاداريين المؤقتين بمديرية التعليم بمحافظة القليوبية الذين يمثلون جزء من المشكلة يقول علاء علي مرسي(40 سنة) عامل نظافة بمدرسة القشيش الجديدة بمركز شبين القناطر: إنه منذ10 سنوات وهو يعمل بعقد وراتبه لا يتعدي ال130 جنيها, وهو الأمر الذي جعله يبحث عن عمل آخر لكي يستطيع تحمل أعباء المعيشة, خاصة أنه لديه7 أولاد, منهم فتاة ستتزوج خلال4 أشهر, وهو الأمر الذي جعله مضطرا إلي توقيع وصولات أمانة لصاحب محل أدوات منزلية الذي اشترط عليه دفع مبلغ قدره1000 جنيه شهريا. ويضيف أنه حاول البحث عن عمل آخر يستطيع من خلاله سد ديونه, إلا أنه فشل في ذلك حيث يتطلب ساعات طويلة منذ الصباح الباكر, وهو الوقت الذي يمضيه في عمله بالمدرسة منذ الساعة السادسة صباحا وحتي الثانية ظهرا, ونظرا لأنه لا يستطيع سد حاجات أبنائه الأساسية منعهم من الذهاب إلي المدرسة لأنه لا يقدر علي دفع المصروفات وثمن الدروس الخصوصية, ويضيف أنه كان يتوقع أن الحال سيتغير إلي الأحسن بعد الثورة, وسيتم تثبيتهم كما وعد الكثير من المسئولين, إلا أنه حتي الآن لا يجد ثمن العيش الحاف علي حد قوله, ومازالوا مدفونين تحت الأرض, مشيرا إلي أن الكثير منهم يخشون المطالبة بحقوقهم خوفا من بطش المسئولين هناك, أو أن يتخلوا عنهم بعدما ضاعت سنوات عمرهم أملا في التثبيت. ويقول ياسر سمير عباس(35 عاما فراش) متزوج ولديه طفلان بمراحل التعليم المختلفة: إنه يعمل بعقد منذ خمس سنوات, وراتبه لا يتعدي130 جنيها, وإنه يستأجر حجرة ليعيش فيها هو وأسرته بمبلغ قدره120 جنيها شهريا, وأضاف: كيف أعيش أنا وأبنائي وأنا لا أجد ثمن العيش الحاف بخلاف فواتير المياه والكهرباء التي لا يستثني من غلوها أحد, مشيرا إلي أنه لم يحصل علي راتبه هو وزملاؤه منذ أربعة أشهر, وعندما سألوا مدير المدرسة عن أسباب التأخير رد عليهم بأن الإدارة التعليمية ببنها والمحافظة لم يرسلا الشيكات بعد. ويلفت إلي أنه حاول كثيرا البحث عن عمل خلال فترة الظهيرة بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية له بالمدرسة, إلا أنه يبدو أن إعاقته, التي تتمثل في انعدام الرؤية بعينه اليسري لتمزق شبكية لعين نتيجة حادث, كانت سببا في رفضه, بخلاف أنه من الصعب إيجاد عمل خلال هذه الفترة, ويقول إنه عندما ذهب إلي مديرية التعليم ببنها طالبا العمل ضمن ال5% معاقين وتقديم ما يثبت ذلك, رد عليه الموظف المسئول قائلا: لا توجد درجات خالية! وتضيف أمل محمد الشحات عاملة بالإدارة التعليمية بشبين القناطر: إنها تعمل منذ أربع سنوات بعقد محددة المدة, وتتقاضي راتبا130 جنيها برغم حصولها علي دبلوم تجارة من سنة1992, وأنها شاركت بوقفات احتجاجية خلال الثورة, مطالبة بحقوقها هي وبقية العمال والإداريين, ووعدهم المسئولون بوزارة التربية والتعليم بالتثبيت ووضعهم علي بند الوزارة خلال شهر7 الماضي, إلا أنه حتي يومنا هذا لم تنفذ الوعود ومازالوا يذوقون مر المعاناة. وتشير إلي أنهم محرومون من المكافآت السنوية ومنح الأعياد برغم أنهم في أشد الحاجة إليها, وأن راتبهم الذي لا يكفي ثمن العيش الحاف منعوا منه ولا يسمعون سوي وعود وفاكسات حبيسة الأدراج برغم أن البعض منها قرار بتثبيت المؤقتين, فما كان لهم سوي الاعتصام المفتوح أمام المديريات التعليمية هي وغيرها من آلاف العاملين بالوزارة من إداريين وعمال مطالبين بحقوقهم المهدرة. وتقول عبير مسمح عايش(35 عاما) تعمل إدارية بعقد منذ ثلاث سنوات, وتتقاضي راتبا216 جنيها شهريا: إنها العائل الوحيد لأسرتها المكونة من زوج وأربعة أطفال, فزوجها يعمل باليومية ولا يستطيع الوقوف لساعات طويلة متواصلة نتيجة ظروف مرضية, فتضطر للسلف والدين من الأهل والأقارب حتي تستطيع سد حاجة أطفالها. لافتة إلي أن أبناء كبار الإداريين بالمديرية التعليمية بشبين القناطر يتم تعيينهم بالوساطة, وكل ذلك يحرمهم من حقهم في التثبيت فيكونون هم الضحية, بخلاف أنهم يقومون بفسخ عقود العاملين لأتفه الأسباب برغم أن غالبيتهم من محدودي الدخل وتحت خط الفقر, إلا أن الوزارة مازالت تهتم بتعيين المدرسين علي حساب حقوق العمال, وعندما يطالبون بالتعيين يخبرونهم بأنه لا توجد ميزانية متاحة! وبسؤال الدكتور يوسف سليمان وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة القليوبية قال: إن مشكلة العمال والإداريين موجودة منذ خمس سنوات, وأنه كان من المفترض عمل كشوف بأسمائهم ورفعها ليتم تثبيتهم بعد الثورة, والانتهاء من آخر دفعة تعيين خلال شهر أكتوبر الماضي, إلا أنه لم يتم تنفيذ هذه القرارات حتي الآن! وأن سبب تأخير مستحقاتهم حتي الآن أنهم ليسوا علي درجات مالية ممولة من وزارة المالية, حيث يتقاضون رواتبهم من صندوق دعم الخدمات التعليمية, سواء عمالا أو إداريين, وأما الآن فالصندوق خال إلا من الهواء. وأشار إلي أنه يحاول مع محافظة القليوبية البحث عن بند خدمات تتوافر به أموال تكفي سد رواتبهم, لافتا إلي أن السبب الرئيسي في هذه الأزمة المالية المتعثرة هو كثرة الاحتجاجات التي تتسبب في خسارة اقتصادية كبيرة تؤثر بالتالي علي دعم خدمات المواطنين, خاصة أن التعليم خدمي وليس منتجا, أي غير مربح. ويقول: إنه تم حصر أسمائهم ووضعها بكشوف تم إرسالها إلي جهاز التنظيم والإدارة تمهيدا لتثبيتهم هم وجميع العمال المؤقتين بوزارة التربية والتعليم, أما عن مشكلة الإداريين من المعينين بحافز إثابة المتمثل في33.5% ووزير المالية والجهاز المركزي يرفضان ذلك بحجة أنهم يتقاضون مكافأة الامتحانات, وأن محافظ القليوبية قابل ممثلين عنهم منذ عدة أيام وقام بإرسال خطابين أحدهما لوزير المالية, والآخر لوزارة التربية والتعليم يطالب فيهما بتلبية مطالبهم.