تبدو الخريطة الاقتصادية بعيدة عن أعيننا وسط الانشغال المستحق بالمسار السياسي وضرورة الإسراع في إعادة بناء المؤسسات الدستورية والانتهاء من الانتخابات البرلمانية التي تصل اليوم إلي محطتها الأخيرة للشوري فيما تتجه الأنظار نحو الرئاسية التي تبدأ في العاشر من الشهر المقبل. والخريطة الاقتصادية التي نتحدث عنها تخرج عن الملفات المطروحة حاليا, حيث تفرض الأوضاع معالجة المشكلات والأزمات المتراكمة منذ سنوات ومحاولة احياء ثقافة الإنتاج بعد أن تعرضت للإهمال بل والانقراض نتيجة الأجواء الفاسدة وإنتاج سلالات جديدة من السلوك الانساني القائم علي المراوغة والقفز وخدمة توصيل الخدمات! والعلاج معروف وموجود إذا ما طبقت القوانين بشفافية واعتمدت القواعد والمعايير المحددة لشروط الصلاحية. ولكن القضية الأهم هي ما يرتبط بالمستثمر خاصة القادم من الخارج, ولن ننتظر أفواجا جديدة منهم إلا بعد تحقيق عدة شروط أهمها بطبيعة الحال إعادة الأمن إلي الشارع وانتهاء مظاهر الانفلات والخروج علي القانون, وأن تعمل الدولة علي تأمين الممرات الاستثمارية سواء في المصانع والمشروعات الخدمية والسياحية الكبري, وبعد ذلك تبدأ المهمة الخاصة في البحث علي المستثمرين الجدد الذين نري مثيلا لهم في البلدان المتقدمة والحاملين للتكنولوجيا الحديثة وليس الأموال فقط. وبصراحة أكبر نقول إن الغالبية من المستثمرين الذين عرفتهم مصر خلال العقود الماضية ولا نقول كلهم كانوا أقرب إلي أصحاب العمولات والسماسرة ولذلك جاء الاهتمام الأكبر بالمجال العقاري وإقامة المدن السياحية والمنتجعات واستخدام النفوذ في الحصول علي الأراضي بأسعار زهيدة, ومن ثم يجري طرحها علي الطبقة القادرة بالملايين, وهذه المشروعات شارك فيها عدد كبير من رجال الأعمال المصريين والعرب, وأيضا بشراكة فيما بينهم ولو خلف الكواليس. المطلوب التركيز علي المستثمرين الجادين في مجالات الصناعة بكل تخصصاتها والزراعة والسياحة ذات المستوي العالمي وليس فقط لعملاء العطلات الأسبوعية والصيفية. مصر دولة تملك إمكانات هائلة, والاستثمار يحتاج إلي خريطة متكاملة علينا أن نبدأ في إعدادها اليوم قبل الغد. [email protected]