علي الرغم من الأحداث الكبري التي تعيشها مصر منذ الخامس والعشرين من يناير وحتي الآن, إلا أن الأسبوع القادم يحمل علامات فاصلة من شأنها أن تحسم مجريات محاكمة مبارك وبكل ما تعنيه من دلالات في رسم ملامح الحاضر والمستقبل علي حد سواء.. الجلسات السرية التي تقررت ابتداء من الأحد, لسماع شهادات المشير وعنان وسليمان وعيسوي ووجدي, علي التوالي, ستكون وبحق توثيقا لحقبة عاشتها مصر قبل أن يقوم الشعب بثورته الكبري السلمية التي أذهلت العالم.. وماتزال.. واذا كنا نفهم أسباب ومبررات السرية حفاظا علي الأمن القومي, فإن مجرد عقد تلك الجلسات وبهذا الحضور المميز يعني أولا وقبل كل شيء العمق الحضاري الذي يمتثل للعدالة ويفسح لها المجال كاملا حتي يأتي الحكم بعيدا عما يحدث عادة عقب الثورات من تصفية حسابات وإجراءات انتقامية.. هذا التمثيل رفيع المستوي من الشهود يضيف لرصيد مصر ولعدالة أحكام القضاء الشامخ الذي نثق في قدرته علي الوصول الي العدالة الناجزة, التي طالب بها الشعب وارتضي بها منذ البداية.. وهكذا تصنع مصر نموذجها الذي أصبح قدوة لبقية الشعوب الباحثة عن حريتها داخل المنطقة وخارجها, وهو الأمر الذي يحملنا مسئولية إضافية للوصول الي النتائج المهمة التي قامت الثورة من أجلها وهي النهوض بالوطن وبناء الدولة الديمقراطية البعيدة كل البعد عن الفتنة والفوضي.. انها أيام حاسمة تضاف لما سبقها, وأيضا لما ينتظر مصر علي مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية لتحقيق الأهداف كاملة غير منقوصة, ولا يعني ذلك عدم وجود تحديات هائلة, وأخطاء قد تحدث في التطبيق, ولكن الأساس في ذلك كله أن نكون علي ثقة في أنفسنا وفي قدراتنا, وقبل هذا وبعده أن نكون علي دراية تامة بوجود من يخطط لإفساد مسيرة هذا الشعب من الداخل والخارج, خوفا من مصر القوية التي ستغير موازين القوي, وهذه الدراية تفرض علي كل واحد من أبناء الشعب مسئولية خاصة في الحفاظ علي التلاحم ووحدة الصف, وأن نكون جميعا يدا واحدة في مواجهة المتربصين وما أكثرهم وبعدها تكون جميع التفاصيل مطروحة للحوار والنقاش الذي يحقق الإرادة الشعبية..