السؤال الآن.. هل تملك مصر رفاهية تأجيل التفاعل مع الأحداث الخطيرة الجارية في محيطها العربي خاصة في الخليج انتظارا للانتهاء من الملفات الداخلية المتعلقة بترتيبات المرحلة الانتقالية والوصول إلي المؤسسات الدستورية التي تتولي بدورها معالجة تلك الأوضاع بما يتفق مع المصالح المصرية العليا؟ قد تبدو الأجابة غريبة بعض الشيء إذا ذهبنا للاعتقاد بأن مايجري من تسريع للأحداث سعيا لمواجهة وصدام وحرب إقليمية كما تحدث عنها بصراحة ووضوح وزير الخارجية التركي, إذا ذهبنا للاعتقاد بأن ذلك كله يسابق الزمن استغلالا للحالة المصرية الراهنة التي تطغي فيها أوضاع الداخل علي كل القضايا الخارجية مهما تكن أهميتها المباشرة في تحديد مصير المنطقة التي نعيش فيها. كل الأطراف الدولية والإقليمية المتصارعة تدرك تماما أن غياب مصر سياسيا وعسكريا خلال هذه الفترة نتيجة الانشغال الداخلي يتيح فرصة استثنائية لإعادة رسم خريطة المنطقة وفقا لموازين القوي الجديدة التي تدخل فيها إسرائيل لاعبا رئيسيا باعتبارها الحليف الرئيسي بل والوحيد للولايات المتحدة. وبوضوح أكثر نقول أن ماتحدثنا عنه خلال الأيام الماضية من وجود عقبات كبري وقيود حديدية تمنع الرئيس الأمريكي أيا كان من تكرار مغامرات بوش العسكرية إلا أن ذلك ينعش الدور الإسرائيلي التاريخي والذي قامت من أجله وهي أن تكون شرطي المنطقة والحامية للمصالح الأمريكية والأوروبية, وهو المعني الذي يزداد ترسخا بعد الثورات العربية التي أطاحت بقادة موالين لواشنطن وتطرح تساؤلات جادة حول عروش أخري ربطت نفسها بالمصالح الأمريكية. ولعلنا نصل إلي صراحة أكبر بالقول أن هناك من يتمني في استمرار انشغال الجيش المصري بأحوال الداخل حتي يعيث في المنطقة فسادا ويشعل نيران حرب إقليمية يمارس من خلالها سياسة الأمر الواقع التي اعتاد عليها. ولكننا نسارع بالتأكيد علي أن مصر رغم انشغالها إلا أنها ستعود حتما إلي شعار الخمسينيات: نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا, وياخسارة من يعاديه الشعب المصري!!