انتظارا للمرحلتين الثانية والثالثة في الانتخابات البرلمانية, تشهد الساحتان السياسية والإعلامية مخالفات صارخة ينبغي الانتباه إليها, والتصدي لها منعا لمضاعفات غير مأمونة العواقب, ونحن في غني عنها. وإذا كنا قد تحدثنا أمس عن ضرورة اعتبار نتائج المرحلة الأولي مجرد مؤشرات مهمة لا تحسم المعركة الانتخابية, وطالبنا الاحزاب الفائزة بالتريث وعدم اطلاق التصريحات المنتصرة التي يشوبها الغرور المرفوض من الجماهير, فإننا وعلي الجانب الآخر نرصد هذه التجاوزات الصارخة من القوي والاحزاب التي تستشعر خسارتها مقدما, فإذا بها تسير علي خطين متوازيين في نهج الحملات السياسية والإعلامية, فهي من ناحية تثير الخوف والفزع من الفريق الفائز وتطرح تساؤلات عن مصير أهداف الثورة ومستقبل الدولة المدنية والكثير من القضايا الاقتصادية والاجتماعية, ومن ناحية أخري تبدأ في تشويه المشهد الانتخابي خاصة في المحافظات القادمة وتتحدث عن نسبة الأمية وشراء الاصوات ووجود تجاوزات في التأثير علي الناخبين وفي مجمل مراحل التصويت. ولسنا في حاجة لتذكير هؤلاء بأن محافظات المرحلتين الثانية والثالثة تضم كغيرها بقية الشعب المصري الذي قام بثورته واسقط النظام, وفتح الطريق لهذه الانتخابات التي تجري في اجواء من الحرية والديمقراطية يشهد لها العالم اجمع. ولسنا ايضا في حاجة لتذكير هؤلاء بأنه من الخطأ بل والخطيئة ان ينتهي الأمر في سباق المنافسة إلي توجيه الاهانات للشعب, والتركيز علي اوصاف مرفوضة مثل الجهل والاستعداد لبيع صوته الانتخابي, وقد رأينا باعيننا وسمعنا من المشاركين في المرحلة الأولي والاغلبية منهم من البسطاء ما يؤكد وجود اسباب قوية دفعتهم للمشاركة الايجابية ليس من بينها الحصول علي منافع, كما كان يحدث في الماضي وإنما لتأدية الواجب الوطني المفروض علي كل مواطن خاصة في مرحلة التحول الحاسمة التي نعيشها. نريد من هؤلاء اعطاء الشعب حقه المستحق في ضوء المشاركة الواسعة التي تمت, كما نريد منهم أن تقتصر حملاتهم علي ما يمكن أن يقدموه من برامج وخطط للنهوض بالوطن بدلا من استخدام' الفزاعة' القديمة التي ظل النظام السابق يعتمد عليها حتي سقطت الاقنعة, وظهرت الحقائق واضحة وجلية. وما نقوله ليس بأي حال من الاحوال دفاعا عن هذا الحزب أو ذاك, وإنما دفاعا عن التجربة الديمقراطية المصرية التي تسابق الزمن وتنال احترام العالم وتقديره وليس مقبولا أن نهيل عليها التراب بسبب اخطاء بسيطة غير متعمدة, وتحت مبررات يرفضها الرأي العام الذي اصبح أكثر وعيا مما يظنون.