إذا كنا قد تحدثنا أمس عن المبادرة الكبري التي تنتظرها مصر للخروج من الأزمات الراهنة, وللعودة إلي الصورة الحضارية الرائعة التي تظهر الملامح الحقيقية للثورة بكل ما فيها من توحيد للقلوب والمشاعر بعيدا عن العنف والانقسامات, فإنه من الصحيح تماما القول أيضا إن العالم بدوره ينتظر مصر حتي يتمكن من التعامل معها وفقا لنتائج الأوضاع الحالية. وبصورة أوضح, نقول إن تصريحات الدكتور الجنزوري الأخيرة والتي حملت نوعا من العتاب للمجتمع الدولي وللأشقاء العرب بسبب التقاعس عن تقديم المعونات والمساعدات التي جري الإعلان عنها, سواء في قمة الثماني والمقدرة بنحو35 مليار دولار والمخصصة لكل من مصر وتونس, وأيضا المساعدات العربية والبالغة نحو عشرة مليارات ونصف المليار دولار, والأخري الأمريكية والمقدرة بمليارين ونصف المليار دولار, ولم تحصل مصر من كل ذلك سوي علي مليار دولار واحد, هذا العتاب من رئيس الوزراء يجب أن يوجه للداخل المصري وليس إلي الأصدقاء والأشقاء في الخارج, لأن تلك المساعدات لن تأتي قبل أن يتحقق الأمن والاستقرار, وضمان وضوح خطوات الانتقال السلمي نحو الدولة المدنية بعد الانتهاء من المرحلة الانتقالية. ونستطيع في ضوء ذلك أن نقرر أن الخطوات الوحيدة التي تبعث علي الاطمئنان والثقة لدي المجتمع الدولي هي المتعلقة بسير الانتخابات البرلمانية, والتي جرت في أجواء من النزاهة والشفافية ونالت شهادة من جميع المراقبين في الداخل والخارج, ولم يتبق سوي المرحلة الأخيرة المقبلة ومن بعدها تأتي انتخابات الشوري, ثم الانتخابات الرئاسية البالغة الأهمية لتكتمل مراسم تسليم السلطة للمؤسسات المنتخبة. والعالم سوف يقبل بمن يختاره الشعب المصري, والانتظار هنا ليس لمعرفة الفريق الفائز وإنما لإتمام المراحل الديمقراطية وضمان الانتقال السلمي البعيد عن العنف والفوضي, كما تخطط بعض القوي المعادية لمصر وثورتها. علينا أن نساعد أنفسنا حتي يبدأ العالم في التنافس علي مساعدتنا والنتائج ستكون مبهرة إذا نجحنا في ذلك.