صنعت الثورة الشعبية في يناير أقوي أسلحتها من خلال التمسك بسلمية تحركها, وقدمت الجماهير الغفيرة التي احتشدت لأيام طويلة في ميدان التحرير وبقية الميادين المصرية صورة حضارية رائعة نالت إعجاب العالم. حين اختفت أية مظاهر تشوه سلوك الملايين, بل علي العكس تماما حيث تباري الجميع للمساعدة في تأمين هذه الجموع, ولم تسجل مخالفة واحدة علي الرغم من الظروف البالغة القسوة والعنف المتكرر ضد المتظاهرين وسقوط الشهداء والمصابين, وهي العوامل التي دفعت بالشعب إلي تأييد شباب الثورة ومن ثم سقط النظام بسرعة لم تخطر ببال الذين أطلقوا الصيحة الأولي صباح يوم الخامس والعشرين من يناير الماضي.. والثقة كاملة في أن شباب الثورة يدركون هذه الحقائق لانهم وببساطة أبناء هذا الشعب وعلي دراية كاملة بطبيعته الرافضة للعنف بجميع اشكاله, وكانت النقطة الفاصلة في مواقف الخائفين علي استقرار الوطن هي نزيف الدماء وسقوط الأقنعة بعد حدوث الانفلات الأمني ومحاولة نشر الفوضي لولا نزول قوات الجيش وانتشار اللجان الشعبية لحماية الممتلكات العامة والخاصة في تجربة نادرة نعتز ونفخر بها.. العودة لتلك المشاهد واللقطات أصبحت ضرورة قصوي في ضوء الأحداث الأخيرة التي تدمي القلوب بسبب دماء الشهداء والمصابين بها والتي نطالب بالتحقيق العاجل فيها, ومحاسبة المتسببين في حدوثها وفي الوقت نفسه يتعين علي شباب الثورة العودة إلي التمسك بذلك النداء الشهير والتاريخي الذي كان يتردد في كل مكان( سلمية.. سلمية) وذلك حماية للوطن ونصرة للأهداف المنشودة التي تبني مصر ولا تهدمها وتضع حجر الأساس لمستقبل ينبذ العنف ويفتح الطريق للحوار والنقاش والتفاوض دون تقديم التنازلات.. قد تكون اسباب تدفع ببعض هؤلاء الشباب إلي تجاهل التدخل ومنع اشعال الحرائق إما خوفا علي حياتهم من المندسين بينهم أو استسلاما لحالة إحباط عارضة تخالف طبيعة الثوار.. سلمية شباب الثورة أهم مقومات شرعية المطالب وهي قبل هذا وبعده حماية لمصر من المتربصين بسلامة البلاد والذين يخططون لصب الزيت علي النار ليحدث المزيد من الانقسام بين الجماهير ذاتها وبينها وبين الجيش وثالثا بين جميع القوي السياسية.. سلمية الثورة هي الطريق إلي النجاح ولإفساح المجال أمام الحلول المقبلة حتما.. muradezzelarab@hotmailcom