يبدو ميدان التحرير وما يحدث في بقية الميادين المصرية مستعصيا علي فهم البعض, مما يثير الجدل حول طريقة الحوار وكيفية اتخاذ المواقف والقرارات التي يفترض أن تعبر عن الشعب صاحب الثورة. وقد نفهم أسباب ومبررات التشكيك والقلق المزعوم عندما يأتي من أطراف تضررت مصالحها وتنتظر المحاسبة القادمة حتما, ولكن ما قيل علي لسان الدكتور محمد أبوالغار وهو صاحب الدور الواضح والمعروف في أحد البرامج الفضائية الشهيرة يجعلنا نحاول التشخيص من جديد سعيا لمعرفة حقيقة ما يجري في ميادين التحرير. قال الدكتور أبوالغار إنه يخشي من فقدان السيطرة علي الثوار, حيث يجد وجوها غريبة لا يعرفها تتصدر المشهد وقد تدفع الجماهير لمواقف تفقد الثورة معها التأييد والتعاطف الشعبي الذي كان عاملا حاسما في نجاحها. وبالطبع لا يمكن لأحد المزايدة علي صدق الرجل وتوجهاته الوطنية الخالصة. ونستطيع القول: ان حالة التحرير تلخص تماما الحالة المصرية كما هي بخيرها وشرها, وليس مستغربا أن تجد إلي جانب الثوار نماذج أخري موجودة بالمجتمع لا يمكن تجاهلها وانكارها, إنه صورة مصغرة لشعب يعاني أمراضا سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية وبدنية بسبب أنظمة تكالبت عليه منذ أن عرفت مصر الحكم الشمولي الذي استمر نحو60 عاما وهو يزداد فقرا ومعاناة في حين تتمتع الطبقة الحاكمة بكل المزايا بصرف النظر عن الشعارات المرفوعة سواء كانت اشتراكية أو رأسمالية مزعومة. ليس مستغربا أن تجد بين الجماهير الخارج علي القانون, وأن ترصد سلوكيات مرفوضة موجودة في الواقع والشارع, وأن يكون بين الثوار من يحاول القفز فوق الأعناق بحثا عن مغانم سياسية, بل يتسلل إليها من ينتمي أصلا للقوي الرافضة التي تسعي للفوضي خوفا من لحظة حساب آتية لا ريب فيها. ذلك كله لا يخيفنا لسبب بسيط وبدهي حينما ننظر إلي شريط الأحداث وندرك حجم المعجزة التي تحققت علي أرض مصر ونعرف أن مثل هذا الشعب لا خوف عليه من المتسلقين والمتسللين مهما تكن أغراضهم, وأن لميدان التحرير وبقية الميادين عقلا وطنيا خالصا لا يمكن اختراقه والقفز فوقه لأهداف أخري معروفة ومكشوفة. علينا الاطمئنان ونحن نتابع علامات المعجزة وبراهينها التي تتوالي إلي يومنا هذا. muradezzelarab@hotmailcom