مازال الفنان الهولندي فان جوخ (1853 – 1890) قادرًا على إثارة الدهشة رغم مرور 128 عامًا على وفاته، فمنذ أيام أعلن خبراء ترميم بمتحف نيلسون أتكينز بمدينة كنساس الأمريكية عن اكتشاف جرادة ميتة عالقة بلوحة "أشجار الزيتون" لفان جوخ بعد أن أخضعوا اللوحة لفحص مجهري. "أشجار الزيتون من لوحاتنا المفضلة في متحف نيلسون أتكينز وهذه الدراسة العلمية تضيف فقط إلى فهمنا لمدى ثرائها" هكذا قال المسئولون عن المتحف الأمريكي، حسبما نشر الموقع الرسمي للمتحف، مشيرين إلى أن الفنان الهولندي "كان يعمل في الهواء الطلق، ونحن نعلم أنه – شأنه شأن غيره من الفنانين الذين يعملون في العراء- كان عليه أن يتعامل مع الرياح، الغبار، العشب والأشجار، والذباب والجراد". جاءت هذه الدراسة ضمن مجموعة دراسات يجريها المتحف على اللوحات الفرنسية المملوكة له، ولما كان فان جوخ قد رسم هذه اللوحة – أو أتم رسمها- في سانت ريمي بفرنسا، فإن "أشجار الزيتون" خضعت لهذه الدراسة، وخلال فحصها اللوحة بالمجهر تمكنت ماري شافر إخصائية ترميم اللوحات بالمتحف من اكتشاف الجرادة، التي وجد أنها تفتقد لمنطقتي الصدر والبطن. وأشار المتحف إلى أن هذا البحث يأتي ضمن فحص يشير إلى أن فان جوخ استخدم نوعًا من الصباغ الحمراء التي كانت تتلاشى تدريجيًا مع الوقت، الأمر الذي – حسب المتحف- يعني أن اللوحات تبدو الآن مختلفة بعض الشيء عما كانت عليه وقت الانتهاء من رسمها. وقالت شافر إنه: "ليس غريبًا أن يعثر على حشرات في اللوحات التي تم رسمها في العراء، ولكن في هذه الحالة نحن متشوقون لأن نحدد الفصل الذي رسمت فيه اللوحة". مايكل إنجل، أستاذ الحشرات بجامعة كنساس، والذي تم تكليفه بفحص الجرادة التي عثرت عليها شافر، قال إنه اكتشف إن صدر الحشرة وبطنها مفقودان، بالإضافة إلى أنه لم يعثر على أثر لحركة الحشرة على اللون المحيط بها. وبناءً على ذلك، يرجح إنجل أن الجرادة كانت ميتة، وبطريقة ما علقت باللوحة عندما حطت عليها، لذلك لا يمكن الاستعانة بها في تحديد التاريخ. اللوحة التي رسمها "الهولندي المجنون" رسمت عام 1889، بعد فترة غير معلومة من حادثة قطعه لأذنه في ديسمبر من عام 1888 بعد أن قرر صديقه الفرنسي بول جوجان (1848 – 1903) أن يغادر مدينة آرل التي أقام فيها مع فان جوخ في "البيت الأصفر" الذي أعده الهولندي ليستضيف فيه جوجان – الذي كان قد بدأ يحظى ببعض الشهرة في باريس فيما كان فان جوخ فنانًا مغمورًا وبشكل ما غير معترف به- ليرسما لوحاتهما التي أرادا الخروج بها على النمط المألوف في لوحات المدرسة الانطباعية. كان فان جوخ يعاني اضطرابات عقلية مريعة دفعته لأن يتناول الكحول بغزارة ويأتي بسلوكيات غريبة أثارت حفيظة جوجان الذي كان على النقيض منه يبحث عن أجواء أخرى، وبعد مشادات بينهما قرر الفرنسي الرحيل ليقع فان جوخ في هوة اكتئاب شديد انتهى به بأن قطع أذنه بشفرة حادة. في رسالة لأخيه تيو عام 1885 – الذي كان مصدر إمداده بالمال- يصف فان جوخ لتيو طقوسه في الرسم، حيث يذهب للجلوس في العراء للرسم على اللوحة نفسها، وبعدها – يقول تيو- يلتقط عددًا ضخمًا من الذباب، فضلًا عن الرمل والغبار وبقايا الأشجار. الجرادة العالقة باللوحة (من الموقع الرسمي لمتحف نيلسون أتكينز ) فان جوخ