في الأسبوع الماضي, وقبل أن تشتعل الأزمة, طالبت في ذات المكان بضرورة البدء في إصلاحات سياسية عميقة قبل الاصلاحات الاقتصادية, وقد أصبحت هذه الاصلاحات مطلبا ملحا الآن بعد أن خرج الشباب في مظاهرات سلمية عبروا خلالها عن رغبتهم في الإصلاح السياسي والاقتصادي طوال الأسبوع الماضي. دعوة السيد عمر سليمان أول أمس للقوي الساسية للبدء في الاصلاحات السياسية لابد أن تكون خطوة أولي يتبعها خطوات سريعة ومتتالية لوضع أجندة للإصلاح السياسي مرتبطة بتوقيتات زمنية محددة تتضمن تعديلات دستورية وتشريعية تمهد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة باسرع وقت ممكن. اجتماعات الاصلاح السياسي باتت ضرورة ملحة حتي لا تخرج التعديلات المقترحة شائهة أو متسرعة, وانما تخرج بعد أن تتم دراستها بدقة من كل الجوانب علي أن يتم عرضها بعد ذلك للاستفتاء الشعبي لتكون جاهزة للتطبيق خلال أقرب انتخابات مقبلة وهي الانتخابات الرئاسية. الأحداث الأخيرة وخروج الشباب في المظاهرات التي بدأت سلمية طرحت مطالب مشروعة لابد من الاستماع اليها والاستجابة لها, خاصة فيما يتعلق بمطالب الاصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية لأن الاصلاح السياسي يوفر ضمانة الشفافية للسياسات الاجتماعية والاقتصادية, فالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية كان الثالوث الأساسي في مظاهرات الشباب البعيد عن التخريب والأطياف السياسية المختلفة, والشباب في شعاراته لا يعنيه هذا الحزب أو تلك الجماعة, وانما يعنيه الذي يستطيع تحقيق شعاره الذي ينادي به الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية. الخبز يعني توفير مقومات الحياة الأساسية لكل المواطنين بعيدا عن غلاء الأسعار الذي يلهب ظهور الجميع, والحرية تعني تحقيق الاصلاح السياسي بما يضمن تلبية طموحات الشباب في انتخابات حرة ونزيهة سواء أكانت تلك الانتخابات تخص المحليات أم البرلمان وكذلك الانتخابات الرئاسية.. أما العدالة الاجتماعية فهي تعني تقليل الفوارق الطبقية, وأن تكون الطبقة المتوسطة هي سيدة طبقات المجتمع وأغلبيته العددية كما هو حال معظم المجتمعات المتقدمة بعكس الوضع الحالي الذي شهد تدهورا في حياة الطبقة المتوسطة لتسقط منها أعداد كبيرة الي الطبقة الفقيرة, في حين ازداد الأغنياء غني لتتسع الفوارق الطبقية في المجتمع الي درجة هددت وحدة النسيج الاجتماعي للمجتمع المصري. اجتماعات الاصلاح السياسي عليها أن تناقش كل تلك المحاور من أجل وضع تصور لمستقبل هذا الاصلاح علي أن يتم تشكيل جمعية وطنية من داخل الاجتماعات بأطيافها السياسية المختلفة لوضع التعديلات الدستورية والتشريعية موضع التنفيذ. في تصوري أن التعديلات التشريعية والدستورية المقترحة لابد أن تتضمن تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وعودة الاشراف القضائي علي الانتخابات علي أن يكون ذلك ضمن التعديلات الدستورية وكذلك فيما يتعلق بالمادتين76 و77 من الدستور. المهم أيضا أن يضمن الدستور أن تكون الدولة المصرية دولة مدنية عصرية.. المواطنة سمتها الأساسية بعيدة عن المذهبية والطائفية والديانة ومراعاة التعدد الديني الموجود في مصر, وحتي نقضي علي التوترات الدينية التي تظهر أحيانا وتختفي أحيانا أخري ويعبث بها وفيها الأطراف والقوي الخارجية التي لا تريد خيرا لمصر وشعبها وتتمني أن تظل مصر دائما مهمومة بمشكلاتها رجل مريض لا يموت ولا يتعافي. مصر درة العرب كانت ولاتزال وسوف تكون دائما وأبدا إن شاء الله فهي كالفارس النبيل يمكن أن يقع في كبوة لكنه فورا يتخلص منها ليعود كما كان مرفوع الرأس, وهي الآن تمر بظرف صعب قد نتفق أو نختلف في أسباب حدوثه لكن علينا أن نعترف بصعوبة الموقف, وعلينا أيضا مسئولين وقوي سياسية وحزبية وشعبا أن نتكاتف للخروج من هذا المأزق الصعب, ولا داعي لتكسير العظام, فلا هازم ولا مهزوم, وانما كلنا يد واحدة لإنقاذ مصر من الفوضي والخراب الذي ضرب جنباتها منذ مساء الجمعة وكلف الاقتصاد الوطني المليارات, واستمرار الأزمة يعني المزيد من الخسائر والدمار وهروب الاستثمارات وضرب السياحة الي أجل لا يعلم أحد مداه. لقد عاش الشعب المصري حالة من الخوف والرعب منذ مساء الجمعة ولعدة أيام, واعتقد أن مصر تستحق منا جميعا ما هو أفضل من ذلك وإلا فنحن لا نستحقها.