كائن يلعب باللغة، بالكلمات، بالحروف، بالموسيقى، بالطيور، بالأشجار، بالأنهار، بالجبال... يلاعبها ويداعبها، يرتفع بها وبك إلى الأعالى الشاهقة، إلى الأسمى والسمو إلى مرارة الحزن ووجع الوحدة، إلى فقر الغرور وثراء الكبرياء. كاتبة تحلق بك فى سماوات المعرفة، تغدق عليك، تستنفرك وتنفرك، تجثو على فكرك وتضغط على مسامك وتسيطر على حواسك، تضل الطريق إلى قلبك وعقلك، وتنسى أنها تخاطب بشرا وليس ملاكا ولا شيطانا. تدور فى فلك ذاتها ظنا منها أنها تحوم حول كونك ومكنونك. تتعالى ولا تدرك أنك أعلى، تتصيد البسطاء ولا تعى أن النخبة تتصيدها. تلجأ إلى الأحلام والأوهام فى مواجهة من يبحثون عن الواقع ويلهثون وراء الحقيقة . ناهيك عن التعلق بالكلمات والتشبث بالمعانى والتوافق مع المترادفات والتصادم مع المتناقضات: الشوق والاشتياق،الشهوة والاشتهاء،الآّهات والتأوهات، الاقتحام والاجتياح،الغزو والاحتلال،الشغف واللهفة،الحنين والأنين،الدمع والابتسام،الضحك والبكاء،المغفرة والغفران،الغرابة والغربة والاغتراب.. وعن الاستنجاد بالكلمات المأثورة: أحب كما لو أن لا أحد سبق أن جرحك .. أحب من شئت فأنت مفارقه.. الحب هو عدم حصول المرء فورا على ما يشتهيه.. الحب انسكاب فى الآخر. إنها «أحلام مستغانمى» الجزائرية حتى النخاع،المنفتحة على العالم،المتطلعة للعالمية «الأسود يليق بك» رواية رائعة ومروعة، جاءت بعد «ذاكرة الجسد» و«فوضى الحواس» و«عابر سرير» و«نسيان». فهل لابد من تلخيص القصة، أم الاكتفاء بملاحظات الناقد، إيجابيا وسلبيا، بحكم الاطلاع والممارسة والمقارنة؟رجل بالغ الثراء، يحب أو يتوهم أنه يحب فتاة شديدة الفقر. يظن أنه يمتلكها بجاهه وسلطانه وسطوته. يفاجأ بأنها أغنى منه كبرياء وأقوى منه إرادة. هو يفتقد السعادة رغم كل الإمكانات والفتيات والنساء، وهى لا تبرح الأحزان والآلام التى تقف سداً أمام كل أمل فى السعادة.. وهكذا تظل العلاقة فى مدّ وجزر، تطفو على السطح وسط الأضواء الواهمة وتسقط إلى القاع فى ظلام أبدى، تصعد إلى السماوات الصافية والسحب الرعدية، وتحط على غابة بولونيا وتهبط إلى حمم بركانية، يهديها ورود التوليب، وتبهجه بالفساتين السوداء. يفقد الحب والسعادة رغم امتلاكه طائرة خاصة تخترق السحب. ويصل أقصى طموحها وهى تحرم من الحب والأمان، بأن تغنى فى حفل مع الكبار فى عاصمة النور.. انتهت الرواية، فهل انتهت القصة، قصته وقصتها وقصتهما معا؟!