ناقش منتدى البحوث الاقتصادية على مدار يومين فى مدينة مراكش بالمغرب علاقة «رأس المال بالسلطة» وما ترتب عليها من توغل «المحسوبية والفساد» فى الهيكل الاقتصادى للدول العربية، بمشاركة خبراء الاقتصاد والسياسة فى المنطقة العربية والشرق الأوسط. وكشف الدكتور احمد جلال رئيس المنتدى أن الأبحاث التى تمت مناقشتها سعت الى استكشاف العلاقة بين رأس المال والدولة فى عدد من بلدان المنطقة بهدف تعزيز المنافسة الحرة النزيهة والخالية من استخدام النفوذ السياسى أو تحيزات الدول لصالح هذا أو ذاك، وتقديم توصيات تعزز إمكانات أصحاب المشاريع الخاصة فى النمو والمنافسة وتحسين نوعية الحياة للمجتمع ككل.وشدد جلال على ضرورة ايجاد اصلاح سياسى محورى يحقق التوازن بين السلطات ويضمن قدرا كافيا من الشفافية والوضوح للحد من اختلاط رأس المال بالسلطة، موضحا انه ليس هناك دولة لا يوجد بها هذا الخلط حتى فى الدول العظمى إلا أنه هناك من السياسات ما يضمن ألا يزيد هذا الخلط، اما فى الدول النامية فلا توجد اى سياسات للحد منها. واوضح ان القطاع الخاص هو المحرك الرئيسى للنمو فى اى اقتصاد ناجح ، الا انه يجب أن تكون هناك منافسة حقيقية ونزيهة وبعيدة عن التدخل السياسي، موضحا أن جزء من القطاع الخاص فى المنطقة له دور فعال وناجح فى تحقيق التنمية، إلا أن معظم هذه الشركات غير فعالة واتصالها بالأسواق العالمية ضعيف فى مقابل أن الشركات «المسنودة» سياسيا تزدهر وتنمو وتحصل على كل الإمكانات تحت رعاية الدولة، وتتمتع بامتيازات فعلية لا تمتد إلى الآخرين، مثل القروض والتمويل والمعلومات التى لا تتوفر للآخرين مما يحد من المنافسة الفعلية، ومن ثم تراجع فرص الشركات الأخرى مما يؤثر سلبا على الاقتصاد بصفة عامة وفرص النمو الاقتصادى والاجتماعى لهذه البلدان. وتناول الدكتور اسحق ديوان الأستاذ بجامعة هارفارد فى بحثه القطاع المصرفى فى الدول العربية قبل الربيع العربى وتأثره «بالوساطة والمحسوبية» مشيرا الى ان القطاع المصرفى المصرى منح قروضا للقطاع الخاص تصل الى نحو 30% من الناتج المحلى الاجمالى حصل عليها 5% فقط من عدد الشركات ذات الصلة بالدولة، مضيفا أن عدد القروض الممنوحة للشركات ذات الصلة بالسياسيين نحو 20 شركة كبرى يمتلكها 32 رجل أعمال 4 منهم كانوا أعضاء فى مجالس إدارات هذه البنوك وذلك خلال الفترة من 2003 الى 2010 ، اى ان نحو 82% من القروض تم منحها للشركات ذات الصلة بالسياسيين حتى 2010، مما كان له عظيم الأثر السلبى على الاقتصاد المصرى الذى مازال يعانى من هذه السياسات النقدية حتى الآن، إلا انه أوضح أن هذا النوع من الشركات بعد ثورات الربيع العربى أصبح مرفوضا وبات السوق ينظر إليها على إنها أكثر خطورة ويحجم عن التعامل معها. واستعرض الدكتور عادل مليك الأستاذ بجامعة اكسفورد ورقة بحثية حول «المحسوبية فى عهد مبارك» تناول فيها خلق قوانين من اجل توفير الحماية لبعض الأشخاص السياسيين العاملين بالاقتصاد وما ترتب عليه من تزايد حالات احتكار لبعض السلع الأساسية وتحقيق الكثير من الأرباح لأصحابها على حساب المواطنين وتراجع الحالة الاقتصادية بصفة عامة والإنتاج بصفة خاصة. وطالبت الدكتورة عبلة كامل رئيس المجلس المصرى للدراسات الاقتصادية بضرورة تطوير العلاقة بين مجتمع الأعمال والحكومات لوضع سياسات إصلاحية تخدم بيئة الأعمال بصفة عامة ولا تتحيز لطرف على حساب الأخر، مع إيجاد آليات متابعة ومراقبة لمنع الوساطة والمحسوبية وتربح جهة على حساب الأخري. واستعرض المنتدى التجربة المغربية الناجحة للتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص حيث تم تشكيل لجنة تضم ممثلى الحكومة والقطاع الخاص لتحسين مناخ الأعمال نتج عنها ارتفاع معدلات النمو الاقتصادى وارتفاع تصنيف المغرب من المركز 128 قبل العام 2010 إلى المركز 68 فى 2016 طبقا لمؤشرات البنك الدولى حول تحسن مناخ بيئة الاعمال فى الدول.