الجندي المجهول في انتخابات الرئاسة هو الحملات الانتخابية للمرشحين, التي لعبت دور البطولة من خلف الستار, وكانت سببا رئيسيا في تفوق مرشحين, وفشل آخرين. أخطاء عديدة ارتكبتها بعض الحملات, في حين أن حملات أخري نجحت في وقت قياسي في رفع فرص مرشحين آخرين. والسؤال: إلي أي حد كان للحملات الرئاسية دور في تفوق أو فشل المرشحين؟! في البداية يقول الدكتور فاروق أبوزيد أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن معظم عناصر الحملات الإعلامية لمرشحي الرئاسة غير متخصصين, بعكس ما يحدث في الدول عميقة الديمقراطية مثل بريطانيا, وأمريكا, وفرنسا التي تنفذها شركات ومراكز بحوث متخصصين في تلك الأمور, ففي مصر ليست لدينا هذه التقاليد, لأن معظم أفراد الحملات من الإعلاميين أو الصحفيين أو المنتجين, وهم ليست لديهم خبرة, وغالبيتهم عملوا في مجال الإعلانات وتعاملوا لترويج السلع والمنتجات عبر الإعلانات لجذب المواطنين لشرائها, وقد تعاملوا بالمنطق نفسه مع المرشحين علي أنهم سلع يوزعونها علي الجماهير, وهذا خطأ كبير تسبب في مشكلات كثيرة, وتوقع ازدياد الخبرات في الفترات المقبلة. ويري أنهم ركزوا علي البرامج التليفزيونية والتوك شو لاقتناع لديهم بأن لها تأثيرا كبيرا علي المشاهدين, علي عكس كل الدراسات في هذا المجال. بالإضافة إلي كل ما سبق فإن الإعلان لم يستخدم الاستخدام المناسب في الحملات الانتخابية للمرشحين, وذلك نتيجة عيوب في الإعلام المصري والعربي, أما الإعلام الغربي فيتداركها بحيث تعرض صفحات في الصحف ببرامج المرشح وخطته بشكل واضح بحيث يستطيع الناخب معرفة ما سيقدمه المرشح. ويري أبوزيد في المجمل أن الحملات الانتخابية كانت ضعيفة, بالإضافة إلي خطأ المرشحين في عدم اختيار نجوم الإعلام كمنسقين إعلاميين بدلا من الذين اختاروهم من المغمورين. أما بالنسبة لحملة محمد مرسي فأكد أبوزيد أن مشكلتها الأساسية أن الوقت بالنسبة لها كان ضيقا بسبب طرح الجماعة للشاطر وبعد ذلك طرحوا مرسي, وهو ما أعطي انطباعا للجماهير أنه البديل. أما عن حملة شفيق فيري أبوزيد أن شفيق قدم نفسه علي أنه المنقذ للشعب المصري من اللصوص والمجرمين والإخوان المسلمين, بحيث أنه سينقذ النساء من القوي الرجعية القادمة, والأقباط من التمييز, وبدأ يظهر نفسه علي أنه رجل الاستقرار. لكن ستظل حملة شفيق محصورة في إطار أنها ليست الحملة المتعاطفة مع الثورة أو الثوار. الدكتور عمرو هاشم ربيع رئيس وحدة الدراسات البرلمانية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام أكد أن حملة د. مرسي اعتمدت علي التنظيم الخاص بالإخوان المسلمين فقط, ولم يعتمدوا علي القاعدة الشعبية لهم لأنها منهارة. أما حملة عمرو موسي فكانت ضعيفة لأنها ضمت مجموعة لم تعاونه فيه, وتسببت في خسارته الانتخابات, هذا بالإضافة إلي استطلاعات الرأي الخاطئة التي أوهمت عمرو موسي وصورت له أنه في المقدمة, مما أعطاه انطباعا بالغرور. أما أبو الفتوح فكان يغني علي كل تيار, ولم يستطع أن يحصد بذلك إلا الهزيمة. وشفيق لعب علي وتر قدرته علي الحفاظ علي الأمن والأمان, ووعد الناس بأنه سيأتي لهم بذلك. أما فريدة النقاش رئيسة تحرير جريدة الأهالي فتري أنه من الواضح في حملتي الإخوان وشفيق الإنفاق الباهظ, واستخدما الرشاوي الانتخابية, صحيح أنها لم تمارس أمام اللجان, لكنها استخدمت طوال فترة الانتخابات, وتري النقاش أن الانتخابات زورت بشكل موضوعي عن طريق دفع الأموال والمواد العينية للناخبين في اتجاه هذا المرشح أو ذاك. أما عن باقي المرشحين فلم يستطيعوا أن ينافسوا في هذا السياق نفسه. ويقول د. أحمد كمال أبوالمجد الفقيه الدستوري وعضو المجلس الاستشاري: إن ما يشغله ليس أداء الحملات الانتخابية أو فوز مرشح بعينه, بقدر قلقه من الذي يمكن أن يحدث خلال الشهر المقبل. ويري أبوالمجد أن برامج مرشحي الرئاسة كانت فريدة في بعضها, ومن استطاع الوصول للإعادة كانت له أرضية في الشارع المصري, لذلك حصل علي نسبة تصويت أعلي والكياسة في السياسة تلزم المرشحين بالتعامل مع الجمهور وكسب وده وعدم تخويفه. إيهاب خليفة متابع محلي للانتخابات يري أن حملة الإخوان المسلمين اعتمدت علي الدعوة الفردية المباشرة, كما اعتمدت علي دور المرأة من خلال توزيعها للبيانات والبوسترات, بالإضافة إلي عقد المؤتمرات والندوات برعاية أعضاء مجلسي الشعب والشوري. أما حملة أبو الفتوح فكانت ضعيفة وكان مقلا في عقد المؤتمرات, أما حمدين صباحي فلم تكن له حملة, بل اعتمد علي لقاءاته التليفزيونية وحديثه من خلالها للفقراء وشباب الثورة. أما حملة عمرو موسي الميدانية فكانت ضعيفة للغاية, وركز علي الظهور الإعلامي في البرامج وإلغاء الخطابات الموجهة. وبالنسبة لأحمد شفيق فقد برع في وجوده في اللجان برغم عدم وجوده الفعلي من خلال ظهوره في البرامج والمؤتمرات, فظهر للمواطنين علي أنه المخلص والمنقذ من بعبع التيار الإسلامي, وأنه رمز الأمان والاستقرار. ويؤكد نبيل زكي المتحدث باسم حزب التجمع, أنه المرشح الذي استطاع أن يلمس الوتر الحساس لدي الناخبين, وهو الأمن والأمان, في المجتمع المصري والمرتبط بالنشاط الاقتصادي, أي ضمان لقمة العيش, وهو الأمر الذي جعل هذا المرشح يحصد أصواتا عالية. ويري زكي أن دخول د. مرسي الإعادة ارتبط بالتنظيم الذي أدار معركته الانتخابية, الذي أسرف في استخدام الشعارات الدينية والرموز, واستخدام دور العبادة. ويقول المستشار علاء قطب نائب رئيس مجلس الدولة أن النظام القانوني للانتخابات حظر أي دعاية في فترة الصمت, كما حظر أيضا إصدار استطلاعات للرأي أو الإحصائيات والتكهن باتجاهات التصويت خلال هذه الفترة وحتي إعلان النتائج النهائية.