توالت نتائج فرز أصوات المصريين بالخارج فى أول مشاركة لهم لانتخاب رئيس لمصر، وعكست تلك المشاركة فى التصويت عدة دلالات هامة وحملت إشارات عدة، لكن قبل الحديث عنها، أشير إلى تلك الروح الوطنية التى سرت فى وجدان المصريين بالخارج، وهم يتوجهون إلى مقار السفارات والقنصليات المصرية مصطحبين أولادهم ليشهدوا عُرس الحرية وفرحة تجسد انتصار الثورة المصرية، وهزَّنى مشهد الدموع فى عيون إخوتنا المصريين، وهم يشاركون معبرين عن مشاعر الحب والحنين لمصر العظيمة، وطوال فترة التصويت التى امتدت أسبوعاً، تمازج المصريون معبرين عن وحدة الشعب المصرى، وأن تعدد المرشحين وتنوع برامجهم لا يفسد أخوة الوطن ولا يُعكر صفو المشهد، وأن النتيجة الحقيقية هى الفوز الكاسح لمصر وأن الفائز الحقيقى هو الشعب المصرى. وقد حملت النتائج شبه النهائية لأصوات المصريين بالخارج عدة دلالات هامة، أولها: هذه النتائج قسمت المرشحين فريقين، الأول يشمل المرشحين الذين حصد كل واحد منهم 10% من أصوات الناخبين بالخارج، وهم خمسة يتقدمهم الدكتور محمد مرسى، ويليه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والأستاذ حمدين صباحى وعمرو موسى وأحمد شفيق. بينما الفريق الثانى يشمل بقية المرشحين الذين لم يتمكنوا من حصد أصوات المصريين بالخارج بقدر تنافسى. ولم تحمل هذه النتائج مفاجآت من العيار الثقيل، بل جاءت متوافقة مع القراءات الصحيحة للمشهد الانتخابى والتوجهات الأساسية للرأى العام المصرى سواء فى داخل مصر أو خارجها، قد تكون الأصوات التى حصدها المرشح حمدين صباحى مفاجأة لتوقعات بعض المراقبين، لكنها تبقى فى الإطار المتوقع، كما أن الأصوات التى حصل عليها المرشحان عمرو موسى وأحمد شفيق تتماشى مع السياق الانتخابى والميول السياسية للشارع المصرى، إذ أن غالبية الأصوات التى حصلا عليها جاءت من قبل الكتلة التصويتية للمصريين الأقباط المتواجدين فى أمريكا وأستراليا وأوروبا أكثر من دول الخليج وإفريقيا. ثانياً: أنصفت هذه النتائج الدكتور محمد مرسى وأظهرت مدى الشعبية التى يحظى بها داخل مصر وخارجها، حيث حصد أعلى الأصوات وبشكل متميز عن بقية المرشحين، على الرغم من قصر المدة التى استغرقتها الدعاية الانتخابية له، وشدة الحملات المضادة التى تعرض لها دون بقية المرشحين بمن فيهم بقايا النظام السابق. كما أظهرت تلك النتائج عدم مصداقية كثير من استطلاعات الرأى التى أعلنت عنها بعض المراكز الإعلامية والمعلوماتية، وكشفت النتائج عن افتقار هذه الاستطلاعات للمهنية والعلمية والموضوعية، بل كانت استطلاعات موجهة تروج لبعض المرشحين، وخاصة عمرو موسى وأحمد شفيق، وتحاملت كثيرًا إلى حد الجناية على د محمد مرسى، فجاءت النتائج مغايرة لاستطلاعات الرأى التى انتشرت فى الشهرين الماضيين، فيتقدم د مرسى للمركز الأول فى فرز الأصوات، بينما تؤخره - عن عمد وترصد - استطلاعات الرأى المضروبة، ويتأخر عمرو موسى وشفيق فى نتائج التصويت الحقيقية، بينما يتلقيان الدعم والتلميع من استطلاعات الرأى، وآخرها ما نشرته صحيفة الأهرام يوم الأحد20/5، وهى تبرز تقدم عمرو موسى وأحمد شفيق. ثالثاً: هذه النتائج تبدو غير مؤثرة إذا قورنت عددياً بمجموع الناخبين الذين تجاوز عددهم خمسين مليوناً، إذ أن أصوات المصريين بالخارج لم تتجاوز واحدًا فى المائة من المجموع الكلى للناخبين، ومن ثمَّ تبدو نتائج الخارج غير حاسمة عدديًا وغير مؤثرة. لكنها تحمل إشارات هامة، إذ أعطت انطباعاً جيدًا للمرشحين الذين تصدروا النتائج ومنحت أنصارهم دفعة معنوية قوية تمكنهم من مواصلة السباق الانتخابى يحدوهم أمل الفوز به، وعلى العكس، خلفت هذه النتائج انطباعاً سلبياً للمرشحين الذين فشلوا فى نيل ثقة المصريين بالخارج على نحو يشفع لهم فى الاستمرار فى المنافسة، وربما يلجأ بعضهم إلى الانسحاب من السباق حفظًا لكرامته. النائب السابق / أسامة جادو المحامى بالنقض والدستورية العليا