تكليف محمد عبد الغني نائبًا لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات    مديرية العمل بالإسكندرية تعلن عن 320 فرصة عمل للشباب (تفاصيل)    ب300 جنيه للمادة.. نشر خطوات التظلم على نتيجة الثانوية العامة 2024    قرار رئاسي بالتجديد لرئيس هيئة الرقابة المالية لعام آخر    تعرف علي جهود التحالف الوطني لتنمية ثقافة التطوع عند الشباب المصري    اختبار باركود "السعر مش سر".. جولة لرئيس حماية المستهلك على أسواق بني سويف    5 توصيات لمبادرة "ابدأ" لدعم المصنعين والمستثمرين.. تعرف عليهم    سامسونج تحدث انقلابًا في عالم السيارات الكهربائية ينهي مشكلتها الرئيسية    البورصة تقرر شطب شركة ثقة لإدارة الأعمال إجباريًّا    «فولكس فاجن» تستعد لإطلاق سيارتها الخدمية T7 الجديدة بحلول 2025    وزير الدفاع الإسرائيلي يبحث هاتفيا مع نظيره الألماني الوضع في الشرق الأوسط    شلل أطفال بغزة ومجاعة بالسودان.. تحديات كبرى في حالات الطوارىء في الإقليم    سيناريو يمنى عياد.. استبعاد لاعبة هندية من الأولمبياد بسبب الوزن    يونايتد يعرض راتبا مغريا على نجم بيرنلي    أمن المنافذ: ضبط 54 قضية متنوعة.. وتنفيذ 190 حكمًا قضائيًا    "الأسفلت اتكسر".. الأمطار الغزيرة تغرق الطرق بشرق العوينات- صور    من هنا.. رابط التظلم على نتيجة الثانوية العامة 2024    السادس "علمى رياضة" بالثانوية العامة: يجب تنظيم الوقت مع تحديد الأولويات    "ذهب ورحلة عمرة".. سيل من الهدايا للأولى على الثانوية العامة في المنوفية    بعد فيديو الغش الجماعي.. إعادة امتحان الكيمياء لطلاب مجمع مدارس بالدقهلية    شيوخ وعلماء يهاجمون فيلم "الملحد".. شاهد ماذا قالوا؟    دعم ذوي الهمم ومعرض فني للموهوبين ضمن الأنشطة الصيفية بثقافة الدقهلية    بسمة داود تتعرض لإصابة في العين بسبب مشهد في "الوصفة السحرية"    مشاركون ببطولة الكرة الشاطئية بمهرجان العلمين الجديدة: «متوقعناش الجمال ده»    "هحبسها".. هل ينهي حسام حبيب مسيرة شيرين عبدالوهاب الفنية ؟    رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع اللجنة المختصة لاختيار عميد معهد جنوب مصر للأورام    "الدكتور قالي مش هتخلف".. الورداني يكشف عن أمراض لا يجوز إخفاؤها قبل الزواج    حكم ترك حضور صلاة الجمعة لموظف الأمن    انطلاق قافلة حياة كريمة الطبية المجانية فى مركز الحسنة بوسط سيناء    الصحة تطمئن مرضى السكر: «جاري ضخ كميات كبيرة من الأنسولين في الصيدليات»    تضامن الفيوم تنظم قافلة طبية لغير القادرين في 4 قرى بمركزي الفيوم وسنورس    لترشيد الكهرباء.. تحرير 138 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    الحماية المدنية بالفيوم تنجح فى إنقاذ شخص احتجز داخل مصعد    وزيرة العدل البريطانية تدعو إيلون ماسك للتصرف بمسؤولية.. ما القصة؟    الصحة: إصدار 1.8 مليون قرار علاج على نفقة بتكلفة 10 مليارات جنيه خلال 6 أشهر    «خسائر مالية».. توقعات برج الحوت غدًا الخميس 8 أغسطس 2024 (تفاصيل)    محافظ الجيزة : تخفيض القبول بالثانوي العام إلى 220 درجة    توافق سياسي جديد.. نجاحات الحوار الوطني في معالجة الملفات الشائكة    أحمد الجندي: أخوض أولمبياد باريس بهدف التتويج بميدالية    محمد صبحي: قدمت شخصيات عديدة من الواقع ورفضت تكرارها وأتمنى تقديم أعمال لسعد الدين وهبه    «مغارة علي بابا».. حسين لبيب يكافئ جماهير الزمالك ب «ميركاتو» تاريخي| أبرزهم بن شرقي    بركلات الترجيح.. ميلان يهزم برشلونة وديا    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع مجلس المراكز والمعاهد والهيئات البحثية    وزير الإعلام اللبناني: اجتياح إسرائيل للبنان سيكلفها أكثر من حرب 2006    306 أيام من الحرب.. إسرائيل تواصل حشد قواتها وتوقعات برد إيراني    رئيس الأركان يتفقد إحدى وحدات التدريب الأساسى لإعداد وتأهيل المجندين    «تمنع تشكيل الحصوات».. ما تأثير تناول المانجو على مرضى الكلى؟    وزيرة التضامن تلتقي ممثل «يونيسف» في مصر لبحث سبل التعاون المشترك    بلومبرج: المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس الأمريكي تربطه صلات قوية بالصين    الصين تحذر من انهيارات طينية وفيضانات محتملة بسبب الأمطار الغزيرة    العثور على جثث 20 قياديا في حزب الشيخة حسينة ببنجلاديش    السجن المشدد 5 سنوات للأقارب الأربعة بتهمة الشروع في قتل شخص بالقليوبية    طارق سليمان: كل لاعبي المنتخب جاهزون لمواجهة المغرب باستثناء واحد    منافسات منتظرة    موعد مباراة منتخب مصر وإسبانيا في كرة اليد بربع نهائي أولمبياد باريس والقنوات الناقلة    أسامة قابيل: الاستعراض بالممتلكات على السوشيال يضيع النعمة    هل يجوز ضرب الأبناء للمواظبة على الصلاة؟ أمين الفتوى يجيب    للسيدات.. هل يجوز المسح على الأكمام عند الوضوء خارج المنزل؟ الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التخطيط الاستراتيجى والإرادة السياسية

الحقيقة أن جوهر المنطق الاستراتيجى المراد تطبيقه على الحياة السياسية هو: هل تستطيع الدولة أن تركز على المستقبل دون أن تحصر نفسها فى بديل واحد يقيد من خياراتها عندما تتغير الظروف ... وهى لابد أن تتغير؟ وهل يمكن لها أن تعظم من الفرص وتتحاشى المخاطر التى يأتى بها المستقبل مع استعداد مسبق لذلك؟
تلك الفكرة عبر عنها البعض بمصطلح« فن بُعد النظر أو فن النظر على المدى الطويل The Art of Long View وهى هى كما نراها «البصيرة الاستراتيجية التى تقوم على توقع المستقبل والاستعداد لكافة احتمالاته. ومن ثم يراها البعض فى المجال الوطنى أوعلى الصعيد السياسى العام مرادفا لفكرة « توسيع قائمة خيارات السياسة وحساب السيناريوهات المستقبلية التى يمكن أن تؤثر على قرارات اليوم«، وصاغها البعض فى معنى واحد هو»أنها بمثابة امتداد للصنع الجيد للسياسة العامة« مع التأكيد على أن الهدف منها هو الوقاية وليس العلاج.
وعموما يرى البعض أن التخطيط الاستراتيجى يتناقض مع السياسة، أو بالتحديد مع العمل السياسي. ويسوقون سببين لهذا التناقض: السبب الأول هو غياب الرشد فى بيئة العمل السياسي. ولعل أصحاب هذا الرأى يقصدون صعوبة تطبيق التخطيط الاستراتيجى خارج قطاع الأعمال، صحيح أن قطاع الأعمال فى عمومه يتوافر على قدر من الرشادة حيث يقرر كل فرد اختياراته بشكل رشيد وبالتالى تصبح السوق بمثابة منظومة من القرارات الرشيدة. لكن هناك حالات غير قليلة تدلل على غياب الرشد فى قرار المستهلك، وربما المُنتِج، وبالتالى حركة السوق. وحتى لو افترضنا الرشد الكامل فى مجال الأعمال وغيابه فى المجال السياسي؛ فهل يعنى ذلك عدم جدوى التخطيط الاستراتيجى فى حقل السياسة؟ الحقيقة أن التخطيط الاستراتيجى نفسه هو الذى يؤكد ضرورته وجدواه فى المجالين، ففى القطاع الخاص ليست مهمته إخضاع هذا القطاع لقوى السوق، وإنما مهمته هى إدارة المشاكل والمخاطر التى تولدها قوى السوق، ومن هنا تأتى قيمته. ونفس الأمر فى العمل السياسى فأهمية التخطيط الاستراتيجى تتشكل من كونه قادرا على توقع ما يمكن أن يحدث ولديه حلوله المعدة سلفا لمواجهة المفاجآت والمخاطر.
والسبب الثانى هو قصر النظرة فى العمل السياسى ؛ فقلما يوجد سياسى يستطيع أن يتجاوز فى نظرته ما هو أبعد من الانتخابات القادمة . بعبارة أخرى ضيق الأفق الزمنى - وربما العقلى فى العمل السياسي، حيث لا يكترث الذين يمارسون العمل السياسى بالأمد الطويل ، فى حين أن التخطيط الاستراتيجى يفترض - فى كل المستويات والمجالات طول المدى أو اتساع الأفق الزمنى حتى يمكنه استشراف صور المستقبل والتغلب على ما يحمله من مخاطر. فى هذا الصدد نجد أن الحكومة لا تختلف عن القطاع الخاص؛ فالقطاع الخاص قد يراجع قراره الاستراتيجى بسبب تصرف غير متوقع من جانب شركة منافسة، وكذلك الحكومة قد تراجع قرارها بسبب تصرف غير محسوب أو مفاجئ من جانب بعض القوى السياسية أو جماعات الضغط. والحقيقة أن المراجعة والتعديل مكون أساسى فى التفكير الاستراتيجى .
والحقيقة أن فشل التخطيط الاستراتيجى فى العالم العربى قد يرجع لهذه الأسباب السياسية المذكورة؛ حيث لا يحظى السياسيون غالبا بالقدر اللازم من الرشادة فى السلوك، ولايكترثون كثيرا بالمستقبل بسبب قصر النظرة والمصالح الخاصة. لكن هناك فارق كبير بين وجود إرادة سياسية لدى الدولة لانتهاج التخطيط الاستراتيجى ، ثم تتم عرقلته من جانب العمل السياسى - قصير النظر والمبنى على المصالح الخاصة، وبين حالة لا تتوافر فيها الإرادة السياسية أصلا. أغلب الظن أن الدولة فى عالمنا العربى مصابة بهذا الداء الأخير، وفى هذه الحالة لن تفلح الحلول الواردة فى الفقرة السابقة. وأغلب الظن أيضا هو أن غياب الإرادة السياسية يعد نتيجة منطقية لتضخم قصر النظر وغياب الرشد وتغليب المصالح الخاصة الضيقة، مع أن الحصافة السياسية تقتضى بُعد النظر والاهتمام بالصالح العام حتى لو كان الهدف هو المصلحة الخاصة أو الاحتفاظ بالسلطة ؛ فالصالح العام والرشادة والنظر للمستقبل هو المفتاح الصحيح لتحقيق المصالح الخاصة. أى أن التخطيط الاستراتيجى هو صمام الأمان للجميع، والبداية الصحيحة هى توافر الإرادة السياسية، والتى تعد شرطا جوهريا فى هذا الصدد.
أستاذ علوم سياسية
لمزيد من مقالات د.صلاح سالم زرنوقة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.