اتطلع أن تحتفظ الإسكندرية هذه المدينة المعاصرة بكل مقومات الحضارة التاريخية, وفي ذات الوقت تقود عملية مستدامة تراعي كل الاعتبارات البيئية والاقتصادية والاجتماعية, يحصل فيها المواطن السكندري علي كل حقوقه واحتياجاته بعزة وكرامة. أنا متضامن رئيسي للحملة الصحفية التي تقودها الأهرام علي الجريمة الاجتماعية المستمرة في حق المجتمع السكندري وهي الانتشار السرطاني للعقارات المخالفة والتي تمثل الخطر الأول علي الإسكندرية. جريمة يشارك فيها معدومو الضمير, وأيضا المواطنون.. الظروف والأحداث الجارية حاليا لم تمنع مواطني الإسكندرية من الحلم بأن تصبح من أجمل مدن العالم. بهذه الكلمات كانت بداية الحوار مع الدكتور أسامة الفولي, محافظ الإسكندرية, الذي بادر بإبداء رأيه فيما تناولته الأهرام علي مدي أسبوعين حول عمارات اليوم الواحد الإسكندرية آيلة للسقوط.. فبدء حديثه قائلا: منذ اللحظة الأولي من تولي مسئوليتي محافظا للإسكندرية وأنا اعتبر مأساة مخالفات المباني تمثل الخطر الأول علي الإسكندرية بعد الاستقرار الأمني الذي يعتبر أمرا لازما لكل مجتمع. بل يمكن القول إن عدم الاستقرار الأمني له دور كبير في استمرار مخالفات البناء علي هذا النحو. وقد تمت مناقشة هذا الموضوع علي محاور متعددة مع السادة المسئولين وعلي كل المستويات وكان آخرها في اجتماع مجلس المحافظين الأخير, والذي أثرت فيه تلك القضية الخطيرة وشارك فيها السادة المحافظون علي مستوي مصر, لاسيما وأن الاعتداءات والمخالفات امتدت بشراسة إلي الأراضي الزراعية وكان التأكيد في الاجتماع علي حتمية التدخل العاجل بتشريع قد يذهب إلي حد مصادرة العقارات المخالفة أو اقرار حق انتفاع طويل الأجل للدولة علي الوحدات المخالفة, وذلك بعد التأكد التام من السلامة الانشائية لهذه المباني. ويشير بقوله.. ولكن في ظل ضعف العقوبات المقررة علي المخالفات وفي ظل محدودية الإمكانات للتدخل بقوة مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة والإدارات الهندسية بالأحياء, فإن الأمر يغري ضعاف النفوس بالتمادي في السلوك المخالفة من هدم وبناء وتعلية بدون ترخيص وأيضا بدون مراعاة لقواعد السلامة الإنشائية المقررة في القانون, وهذا الأمر يمثل انتحارا مجتمعيا جماعيا لا يمكن السكوت عليه وإلا فسيؤدي إلي نتائج كارثية لا يعلم مداها إلا الله. ومن هنا كان الاجماع في مجلس المحافظين علي ضرورة التدخل التشريعي السريع لمواجهة هذه الظاهرة ونأمل أن يكون ذلك في أسرع وقت ممكن وأن يتضمن هذا التشريع منع سماع دعوي ومبررات من المخالفين الذين قاموا بالهدم أو البناء والتعلية دون الحصول علي ترخيص ونطالب أن يكون هناك منع من الحصول علي المرافق الحيوية الأساسية أو فرض عقوبات مالية بسعر السوق الآن حتي تمثل ردعا كافيا لأمثال هؤلاء من الاستمرار في ممارستهم الإجرامية. ويضيف المحافظ: أتوقع في حالة عدم التصدي الحاسم لهذه الظاهرة حدوث انفجار حتمي للبنية التحتية من صرف صحي وكهرباء ومياه وشبكة تليفونات, ناهيك عن حدوث شلل مروري محقق بسبب عدم وجود جراجات واستخدام الشارع كبديل وهو ما نعاني منه بالفعل الآن, ولذلك فأنا أناشد وبقوة كل أطياف المجتمع وكل فئاته ضرورة التصدي المجتمعي لهذه الظاهرة وأري ضرورة اتخاذ موقف مثلما يحدث في دول العالم المتقدم تجاه أي ظاهرة تتعارض من مصلحة المجتمع وهذا يتأتي بالامتناع عن شراء الوحدات السكنية المخالفة وهو ما حذرنا منه بشكل مستمر في عدم التعاقد علي شراء أي وحدة سكنية إلا بعد الرجوع للحي والتأكد من وجود التراخيص. ولابد أيضا أن يكون هناك انكار مجتمعي حقيقي لكل من يشارك في هذه الجريمة كالمقاول والمهندس والعامل والمحامي, ويستطرد الدكتور الفولي بقوله في إطار حملة جريدة الأهرام لا يعتبر حديثي بمثابة رد علي ما نشر بل أنا متضامن رئيسي في هذه الحملة الوطنية علي الجريمة المستمرة خاصة أنني منذ اليوم الأول لتولي المسئولية أردد ذات الكلام وأوجه ذات التحذير ولم نتأخر في التنفيذ في حدود ماهو متاح من امكانات لانقاذ الإسكندرية من الانتحار المجتمعي الجماعي ولذلك أناشد كل المتخصصين من رجال القانون والهندسة التصدي الفوري ببحث هذه القضية الخطيرة ووضع التصورات الواقعية والقانونية العاجلة للتنفيذ ثم طرحها علي المسئولين من متخذي القرار. كما أناشد المواطنين التوقف عن مشاركة هؤلاء من معدومي الضمير في التدليس علي التنفيذيين المسئولين عند القيام بتنفيذ قرارات الإزالة الأمر الذي يصل إلي حد إلقاء الحجارة واشهار الأسلحة بكل أنواعها ووضع دروع بشرية للحيلولة دون تنفيذ القانون, لأن كل ما أخشاه أن تتعرض الإسكندرية لحادث طبيعي كالزلزال أو غيره وما يمكن أن ينتج عنه بالنسبة لهذه العقارات الهشة. ويوضح أننا الآن عاكفون علي إعداد الاشتراطات البنائية تفعيلا لقانون البناء الموحد الجديد بما يحقق العدالة للمجتمع ومحاولة التغلب علي التشوهات التي خلقتها القواعد التي كان معمولا بها في السابق, ويتم هذا بالتنسيق مع المجتمع المدني, خاصة أن الوضع الحالي يمثل تشويها كاملا لسوق البناء في مصر لأن المواطن الملتزم بالقانون تصبح وحداته أعلي تكلفة من غير الملتزم الأمر الذي يعصف باقتصاديات الاستثمار العقاري ويمثل تهديدا كارثيا للاقتصاد المصري. وفيما يتعلق بالمخالفة في حد ذاتها يقول إن شيوع المخالفة دون وجود الردع الفوري يغري يوما بعد يوم الأفراد بالمخالفة, حتي ممن كانوا بعيدين كل البعد عنها وهذا يؤدي إلي تفسخ السلوك المجتمعي وانهيار فكرة سيادة القانون عند المواطن.