ورد في جريدة الأهرام 13/8/2011 أن الدكتور علي السلمي قد أرجع سبب عدم تلبية مطلب الأحزاب المتعلق بقصر النظام الانتخابي علي القائمة النسبية إلي وجود عائق دستوري يتمثل في صعوبة تشكيل المستقلين بقوائم حزبية. والواقع أنه لايوجد مانع دستوري إذا كانت القائمة مفتوحة, بمعني أنه يجوز أن تضم القائمة أي عدد من المرشحين يقل عن عدد مقاعد الدائرة حتي لو تدني هذا العدد إلي مرشح واحد. وفي هذه الحالة يستطيع المستقلون الترشح من خلال التجمع في قائمة, أو في أكثر من قائمة, وحتي لو افترضنا أن شخصا واحدا من المستقلين يريد الترشح في قائمة وحده وبمفرده فليفعل. رغم معرفتنا التامة بأن هذا السلوك يعد فاشلا من الناحية السياسية. ويجب التأكيد علي أن القائمة المفتوحة لاتعني فقط السماح بترشح عدد أقل من عدد مقاعد الدائرة, وإنما تعني كذلك أنه يمكن تشكيل قائمة من أكثر من حزب بما يتيح امكانية التحالف بين القوي السياسية المختلفة وهذا افضل بكثير في المرحلة الراهنة خصوصا مع كثرة عدد الأحزاب. ورغم أن هذا الرد علي ماورد كاف جدا, فإن الموضوع يثير عدة قضايا, منها أن كل الحجج التي تساق في الدفاع عن ضرورة وجود النظام الفردي في الانتخابات إلي جانب نظام القائمة هي حجج غير صحيحة. فعلي سبيل المثال تحدث البعض عن أن الاحزاب القائمة لاتضم في عضويتها كل الناخبين, أو أن ليس كل من لهم حق التصويت ينتمون إلي أحزاب, وبالتالي في رأي صاحب هذا الرأي لن يجدوا من يعطونه صوتهم أو من يمثلهم في هذه الأحزاب, ومن ثم لابد من وجود المقاعد الفردية. والحقيقة أن العمل الحزبي ليس من المحتم أن يشمل كل المواطنين, أو ليس من الضروري أن يكون كل مواطن منخرطا أو ناشطا في حزب, وليس معني ذلك أن هؤلاء الذين لاينتمون إلي أحزاب لن يصوتوا لهذه الأحزاب... سوف يصوتون لسببين, الأول أن هناك فرقا بين أن يكون الشخص متحزبا, وبين أن يكون حريصا علي المشاركة في التصويت. وثانيا لأن التصويت في الانتخابات بنظام القائمة ينصب علي البرنامج وليس علي الحزب أو شخص المرشح, وهذا هو المطلوب. ونضيف أنه من الناحية الديمقراطية فإن عدم التحزب قد يعطي للناخب فرصة أوسع في الاختيار لأنه لن يتقيد بمؤازرة حزبه في هذه الحالة. ربما يكون الموضوع أوسع من ذلك, ففي ظل النظام السابق وحيث كانت حرية تكوين الاحزاب مقيدة, كانت ظاهرة وجود المستقلين منطقية لأنهم عبارة عن جماعات منظمة لم يسمح لها بتكوين احزاب, أما وقد تم فتح الباب لحرية تكوين الاحزاب فلماذا يكون هناك مستقلون؟ أعتقد أن المستقلين في هذه الحالة إن وجدوا لاينبغي تصنيفهم, ولايصح توصيفهم, علي نفس منطق المستقلين في النظام المتردي. المستقلون هنا هم من غير هواة العمل الحزبي أو من غير المهتمين بالعمل السياسي اصلا وليس من الناشطين الذين تم حرمانهم. أعتقد أن الفارق واضح, وأن المستقلين الجدد لهم فرصتهم في الترشح والتصويت كما سبق التوضيح. ليس مفهوما ذلك الإصرار علي وجود النظام الفردي إلي جانب نظام القائمة, خصوصا بعد أن عرفنا عيوب النظام الفردي والتي أفرغت العملية الانتخابية من مضمونها السياسي حيث عرفت استخدام العصبية والعنف واستغلال الدين وتقديم الرشاوي, وكلها أدوات غير سياسية. وهي التي أفرزت نواب الخدمات, وتلك نكرر جريمة سياسية, فالنائب في البرلمان يمثل الأمة لا دائرته, ومهامه معروفة ولاعلاقة لها بتقديم أية خدمات لأبناء الدائرة, اللهم إلا إذا قررنا العودة إلي الفساد والغش والتدليس. والغريب أن من يدافعون عن النظام الفردي قد يستخدمون خطايا هذا النظام في دفاعهم, فيرون أنه أدعي لمعرفة الناخب بالمرشح ولخلق صلة بين المرشح ودائرته, وهو مانسعي إلي التخلص منه لاسيما في المرحلة الحالية. وليس هناك سبب مقنع للجميع بين نظامي القائمة والفردي وهو ماأسفر عن نظام غاية في التعقد وآية في إرباك الناخب مهما ارتفعت درجة وعيه السياسي. ويجب ألا ننسي أبدا أن هذا النظام المختلط يخل بمبدأ تكافؤ الفرص, وفي ظني أن مبدأ تكافؤ الفرص من المبادئ الدستورية العامة التي لايخلو منها دستور, وكانت في الدستور السابق وسوف يتضمنها الدستور القادم. وتكافؤ الفرص يعني أن يبدأ الجميع السباق من النقطة نفسها, وأن يخضع الجميع للقواعد والظروف نفسها, ومن ثم فعدم التكافؤ في النظام المختلط مبعثه أن فرصة المرشح في القائمة تختلف تماما عن فرصة المرشح الفردي. وقد سبق أن كتبت في ذلك كما كتب غيري, لكن يبدو أنه ليس هناك من يقرأ. المزيد من مقالات د.صلاح سالم زرنوقة