لمتابعة انتظام الدراسة.. محافظ شمال سيناء يتفقد «جرادة» بالشيخ زويد    رئيس الوزراء من الأقصر: الدولة تهتم بالتوسع في الكليات التكنولوجية.. صور    شيخ الأزهر يستقبل رئيس معهد «ديا ماليلا» الإندونيسي ووفد طلاب «المعايشة اللغوية»    «التضامن» تتفق مع «الشباب والرياضة» لبدء تنفيذ مبادرة «بإيدك تنقذي حياة»    استخراج 2218 شهادة استبيان تراخيص لإقامة مباني داخل الحيز العمراني في الشرقية    مدبولي: مصر قطعت شوطًا طويلًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية    خبراء الضرائب: 6 تعهدات من وزير المالية لبدء مرحلة جديدة مع الممولين    «الصحة الفلسطينية»: 35 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    صحة غزة: عدد شهداء الحرب يتجاوز 42 ألفا    أمجد الشوا: غزة تخوض معركة من أجل البقاء على قيد الحياة    موعد عودة رونالد أراوخو لاعب برشلونة للملاعب    بقيمة 8.5 مليون جنيه.. ضبط عنصر إجرامي بالقاهرة لاتهامه بالإتجار بالمخدرات    التقييمات الشهرية لطلاب المدارس.. «التعليم» تتيح النماذج عبر موقع الوزارة    وزارة الداخلية تقرر رد الجنسية المصرية ل 24 مواطن    تزامنا مع إعلان الفائز اليوم.. نجيب محفوظ الكاتب العربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل للأدب    ناقد فني: محمد منير أثر في مختلف الأجيال.. وأغانيه تتميز بصدق المشاعر    الحلقة 20 من مسلسل برغم القانون.. الشرطة تُلقي القبض على أكرم    الثقافة تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بقصر روض الفرج    لؤي عمران يعلن موعد ومكان جنازة والده: ادعوا له بالرحمة والمغفرة    يوم الجمعة: يوم البركة واستجابة الدعاء وراحة القلوب    محافظ الغربية يتفقد التجهيزات النهائية بمستشفى حميات طنطا الجديد    إجراء 1274 جراحة مجانية ضمن مبادرة "القضاء على قوائم الانتظار" بالمنيا    "شعار رسمي".. متحدث الزمالك يكشف مفاجأة بشأن عبارة أكبر قلعة رياضية في مصر    توجيه جديد من وزير الإسكان بشأن موعد تسليم شقق سكن لكل المصريين    "ماذا فعلت ل الزمالك ليحدث معي ذلك؟" يوسف حسن يتحدث عن معاناته بسبب الإصابة    الكشف عن قائد منتخب إنجلترا في غياب هاري كين    الاحتلال يعزل شمال القطاع عن مدينة غزة    الأرصاد: استمرار الطقس الخريفي المعتدل على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 32    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    الشريعي يكشف سبب عدم انتقال كالوشا ل الزمالك    محافظ الإسماعيلية: تطور ملحوظ في الخدمات الطبية بمركز المستقبل    مصر ترد على اتهامات قائد مليشيا الدعم السريع ببيان قوي    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    علوم حلوان الأهلية تختتم أسبوعها التعريفي للطلاب الجدد    لحاملى ال«Fan ID».. «مصيلحى» يخصص حافلات مجانية لنقل جماهير الاسكندرية لمؤازرة فريقها فى البطولة العربية للسلة ببرج العرب    ضبط عنصرين إجراميين في أسيوط بتهمة الاتجار بالأسلحة النارية والذخائر    «الداخلية»: تحرير 698 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1457 رخصة لعدم وجود «الملصق الإلكتروني»    إعلامي يكشف عن النادي الجديد للقندوسي بعد قرار الأهلي ببيعه    حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية علوم ذوي الاحتياجات الخاصة جامعة بني سويف    المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية: موقف إيران من تصنيع السلاح النووي ثابت ولم يتغير    مصرع طفل اختل توازنه وسقط من الطابق الخامس بالعجوزة    عام على العدوان| إسرائيل على صفيح ساخن    نائب وزير الإسكان يلتقي ممثلي إحدى الشركات العالمية المتخصصة في تنفيذ وإدارة المرافق    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    محافظ المنوفية: قافلة طبية مجانية على مدار يومين بقرية المصيلحة بشبين الكوم    سياسيون: الحوار الوطني مناخ صحي ديمقراطي تشهده مصر تحت رعاية الرئيس السيسي    جدول مباريات اليوم.. يد الزمالك في إفريقيا.. دوري السيدات.. ومجموعة مصر    السماحة في البيع والشراء موضوع خطبة الجمعة القادمة    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    لإسكات الأصوات.. جيش الاحتلال يتعمد استهداف الصحفيين الفلسطينيين    مدحت صالح نجم افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال32    تراجع كبير في أسعار مواد البناء: انفراجة جديدة في سوق الحديد والأسمنت    للراغبين في أداء العمرة.. تعرف على سعر الريال السعودي اليوم    حكم الالتفات في الصلاة.. الإفتاء توضح    ذكرى نصر أكتوبر| «الشهيد الحي»: فقدت قدماي وذراعي وطلبت الرجوع للجبهة    بسبب «النسيان أو النوم».. حكم قضاء الصلاة الفائتة    بعضهم كرماء وطيبون.. تعرف على أكثر 3 أبراج عنفًا    علي جمعة يكشف عن شرط قبول الصلاة على النبي وأفضل صيغة ترددها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"امرأة خائفة" تمتلك شجاعة القرار والمقاومة
نشر في أخبار الأدب يوم 14 - 06 - 2014

"امرأة خائفة" هو النص الروائي الأول بعد مجموعة قصصية واحدة بعنوان "ليلة زفاف زوجي" للكاتبة الصحفية سلوي علوان.
النص الجديد يستحق الحفاوة والتقدير، ليس فقط لأن صاحبته حملته أوجاع وطن ولكن أيضا لأنه نص يحتفي بلغتنا الجميلة ويبرز بقوة قدرات الكاتبة في هذا المجال، وينبض بالصدق والإنسانية، يبرز الصورة، ويصنع الحالة ولا يفلت القاريء من براثن الوجع، لكنه نص أبدا لا يقبل بالاستسلام.
كتبت الرواية بضمير المتكلم حيث البطلة هي الصوت المنفرد الذي نري من خلاله كل شخصيات النص الأخري ونرصد بعيونها الوقائع التاريخية
وتسير الدراما في النص في خط أفقي حيث تعتبر كل ذكري من ذكريات البطلة حدثا متناميا منغلقا علي نفسه يصنع في النهاية مع جملة الذكريات تلك الصورة الكاملة لحال الأوطان ويؤرخ لها من منظور امرأة خائفة لديها كل هذا الموروث من القهر ويشكل النص في النهاية صورة كاملة لشخصية تلك المرأة وواقعها الاجتماعي والنفسي مؤرخا لأحداث دموية مرت علي مصر والوطن العربي من خلال شخصية الصحفية بطلة النص.
لم تقسم الكاتبة روايتها إلي فصول معنونة فكانت كل ذكري بمثابة فصل من فصول روايتها حيث اعتمدت تقنية استرجاع الأحداث التي تتبعثر علي درب الذاكرة دون ترتيب زمني وتتوازي مع تلك الأحداث قصة حب تبدأ في لقاء أثناء زيارة البطلة للبنان وتنتهي بالفشل قبل عامين من نهاية النص الذي تؤرخ البطلة نهايته في 2010 ،وتصر البطلة علي الربط بين الحبيب والوطن في أكثر من موضع لتجعل من قصة الحب تلك معادلا موضوعيا لانكساراتنا وكل مايعانيه من أحب الوطن من قهر ضاغط وشعور بالهزيمة.
كانت التيمة الرئيسية في النص هي حالة الفرح التي تتحول إلي الحزن، ص 20"بدا المشهد مثل لوحة مجنونة لفنان تشكيلي أراد ان يجمع في لوحته صورة مزدوجة متناقضة انقسمت إلي نصفين،جانب منها يحمل حزنا وألما وموتا ووجعا ونصفها الآخر لتفاصيل ليلة عرس حية تنبض بالسعادة"، هذا المشهد يتكرر في فرح خال البطلة الذي يسقط صريعا برصاصة يتم الاتفاق علي أنها "حادث قدري"وهو الحادث الذي لم تستطع جدة البطلة "أم المتوفي" من الحياة بعده إلا لشهور قليلة.
ويتكرر نفس المعني في وفاة ابنة العمة "رقية"التي التي تعتبر هي وأمها رمزين للفرح والبهجة، حيث كانت رقية تنتظر مولودا وتعيش أمها لحظات الفرح وسعادة الترتيبات المبهجة في انتظار هذا المولود ثم تموت رقية بفعل فيروس غامض،كما يتكرر في مشهد احتضان الصغيرة أحلام لأشيائها التي اشتراها والدها للمدرسة في صباح سعيد ينتهي بسقوط صخرة الدويقة وانهيار البيت وموت الطفلة أحلام، وأيضا تسقط البطلة ليلي في يوم فرح أختها وتدخل فيما يمكن تسميته غيبوبة تقترب فيها من الموت، وفي لحظة فرح العائدين إلي الوطن بعد طول اغتراب أو لأجازة سعيدة سيقضونها مع الأهل والأحباب تغرق العبارة السلام 98 بركابها.
ويمكن "إستثناء"إضافة مشهد رحيل الأم كمشهد مدهش للسكينة والطمأنينة انتهي بالموت، ففي لحظة وفاة الأم تنبعث السكينة والطمأنينة في الغرفة التي تفوح منها رائحة المسك دون أن تعطر به وتصبح شديدة الإضاءة دون مصابيح إضافية وتختفي كل مظاهر المرض ويغمر النور وجهها..تعود بنت عبد الرحيم جميلة ثم تفيض روحها إلي بارئها.
وقد تنقلت الكاتبة بين واقع القرية والمدينة راصدة المتغيرات، وكانت رقوة الجدة التي كانت تتلوها علي البطلة وهي تخرم العروسة الورقية هي تميمة البطلة التي تجلب لها الطمأنينة والتي ظلت تتمني أن تعيد الجدة الراحلة تلاوتها عليها علي مدار النص، في ارتباط دائم بالجذور، وفي حالة مستمرة من الحنين إلي الطمأنينة التي كانت تبعثها تلك الرقوة، وهي سكينة افتقدتها البطلة وراحة لم تحصل عليها حتي النهاية، وقد خرجت الروائية برقوتها الأثيرة من حدو\د الخاص إلي العام لتصبح طمأنينتها المفقودة هي نفسها طمأنينة الوطن المفقودة «كم أنا بحاجة إلي رقوة من جدتي الآن، ونفحة من بركتها، جدتي التي رحلت ولم تمنح الوطن رقوتها وبركتها فتركت جسده معتلاً يعاني المرض وكثرة المصائب وقسوة العلل (140 سورة علي جتتك منشورة. يكفيك شر الحسد والنفس والعين والضرر. والعين عنك يا وطن تفترق.. كما افترق الندي عن الورق. والعين عنك يا وطن تفترق.. كما افترق الندي عن الورق. اطفي يا عين. اطفي يا عين).
أين إبرة جدتي لتثقب بها عين الحسد التي أصابت جسد الوطن؟ أين بركة جدتي لترتق بها جسد الوطن الذي امتلأ بالثقوب والنتوء والعلل؟"
وقد أجادت البطلة توظيف الموروث الشعبي الشفاهي لأغاني الأفراح ورصعت وقائع نصها بأبيات جاهين وفاروق جويدة وصوت كاظم الساهر وعبد الحليم حافظ، وموسيقي آلة "البان فلوت" للفنان الروماني جورجي زامفير، في توظيف يبدو مثاليا لتلك النصوص والألحان والأغنيات، كما استعانت أحيانا بالأصوات "صوت القطار"للتعبير عن حالة الصداع والحالة النفسية. وقد تعددت تقنيات الكاتبة إلا أن تيار الوعي في الكتابة بدا حاضرا بقوة، من خلال لغة الشاعرة متمكنة كتبت بحساسية شديدة كما امتلكت الكاتبة القدرة علي التصوير فأوقفتنا أمام لقطات سينمائية حية في قانا وتحت التراب في الدويقة وفي مشاهد التظاهرات، وأحداث الزاوية الحمراء، وغيرها من المشاهد، حيث الصور الجمالية المركبة والصور الجزئية والموسيقي الداخلية للسرد. ورغم أننا أمام نص مأساوي غارق في السوداوية حيث لا تبدو بارقة أمل دائما إلا أن فعل المقاومة الدائم يتيح لنا الخروج من تلك الدائرة ويمثل منطلقا إيجابيا يفتح مجالات الأمل في التغيير،فالخوف لم ينف المقاومة والضغوط لم تنف القدرة علي صنع القرار، حتي وإن كان اتخاذ مثل تلك القرارات شبه مستحيل.. ومن ذلك: قرار فسخ الخطبة بابن الخال..قرار الطلاق من زوج تكرهه..قرار العمل والتعليم..قرار السفر إلي لبنان وسط الحرب الشرسة والموت والخراب، الوقوع في الحب وخوض التجربة رغم الخوف، قرار التظاهر ضد العدوان علي غزة، هي قرارات لا يمكن لامراة خائفة أن تتخذها إلا إن كانت تملك القدرة علي قهر الخوف الذي تربت عليه وكما تقول ورثته في جيناتها، وحتي عندما تنهي البطلة قصة الحب ففي ذلك شجاعة واضحة علي اتخاذ القرارات الصعبة خاصة اننا أمام علاقة تظن البطلة أنها قدرية.
وتعتبر الرواية من نصوص البوح وهو ما أعطي الكاتبة مساحة واسعة لوصف مشاعرها بدقة كما قامت الكاتبة باستخدام الإحصاءات في رصد الحوادث وهو ما يتوافق مع شخصية الصحفية بطلة النص.
نحن امام حالة خوف امرأة مصرية حتي النخاع يمكن اسقاطها علي المرأة العربية فكما كانت الطفلة التي ماتت في بحر البقر مصرية كان أطفال قانا عرب ..وهو اسقاط واضح علي تشارك الهم والمصير، وتبرز في النص اشكالية كثيرا ما تتعرض لها الأعمال الأولي خاصة لمن يملكون ناصية الكتابة فجاء الإفراط في الوصف والإطالة وخاصة في ثلث الرواية الأول، بينما استفادت الكاتبة كثيرا من عملها الصحفي فربما لم يكن أحد آخر سواها ليكتب نصا كهذا، فبحكم تاريخها الصحفي ومن خلال مسؤوليتها عن باب مراسيل بجريدة الأسبوع تعايشت وتفاعلت واحترقت بوجع الكثير من القصص الإنسانية حيث حصلت علي جائزة القصة الإنسانية من نقابة الصحفيين عام 2009.
لقد كتبت سلوي علوان في هذا النص جزء من روحها وخبراتها وتجربتها الإنسانية.. فأبدعت لنا نصا جميلا، بقدر جماله بقدر مايسببه لنا من وجع. صدر النص عن سلسلة حروف التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.