سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أزمة الرئاسة والقضاء بدأت فى باكستان ووصلت لمصر.. رئيس المحكمة العليا الباكستانية فصله برويز مشرف فى 2007 مرتين فاشتعل الشارع قبل أن يعيده القضاء لمنصبه فى 2009
سيناريو تتكرر أحداثه من جديد، وإن اختلف المكان والنهاية، فالأزمة المشتعلة حاليا بين مؤسسة الرئاسة والسلطة القضائية فى مصر بعد عزل الدكتور محمد مرسى للنائب العام عبد المجيد محمود من منصبه، وتعيين آخر دون الرجوع للقضاء، فضلا عن إصدار إعلان دستورى، وصف ب"احتكار السلطة"، ربما هذا يعيدنا لنفس الأزمة التى شهدتها باكستان مابين عامى 2007، 2009، حينما قرر الرئيس الباكستانى، آنذاك، برويز مشرف إقالة رئيس المحكمة العليا الباكستانية افتخار تشودرى وثمانية قضاة رفضوا التصديق على المرسوم الدستورى المؤقت الذى أصدره مشرف، مما دفع الرئيس لإقالة تشودرى، وهو ما أدى إلى اشتعال الشارع الباكستانى الغاضب من قرار الرئيس بالتدخل فى أعمال السلطة القضائية. حالة الاحتقان السياسى والقضائى التى يعانى منها الشارع المصرى خلال تلك الآونة وانقسامه ما بين مؤيد ومعارض لقرارات الرئيس الأخيرة، تختلف بعض الشئ عما شهده الشارع الباكستانى خلال أزمة مشرف ورئيس المحكمة العليا الباكستانية، فكان الشارع الباكستانى وقتها رافضا للقرار الرئاسى، وتحداه بشراسة رغم أن الدستور يعطى للرئيس هذا الحق لكن بشروط منها إذا كان القاضى متلبسا بجريمة أو هناك دلائل قوية على فساده تستوجب محاكمته ثم إقالته، لكن الرئيس اتخذ قراراته دون الرجوع إلى القضاء لإثبات فساد القاضى من عدمه. وقتها لم يشغل الشارع الباكستانى سوى إعادة هذا القاضى إلى منصبه بعد إزاحته مرتين عن منصبه، واعتبر المراقبون السياسيون فى باكستان أن تمسك افتخار شودرى بأمانة مهنته وإخلاصه لها وعدم رضوخه، للضغوط السياسية أعطته مكانة خاصة بين الأوساط الشعبية ليتحول إلى رمز للإنصاف، والقضاء تحيط به جميع شرائح المجتمع بما فيهم عدد من العلمانيين والإسلاميي،ن ووسائل الإعلام ونقابة المحامين، ممن خرجوا للمطالبة بإعادته إلى منصبه للمرة الثانية باعتبار أنه الرجل المثالى والكفء لمنصب رئاسة المحكمة العليا الاتحادية الباكستانية. وكانت أهم أسباب إقالة افتخار شودرى عن منصبه هى وقوفه أمام الرئيس السابق برويز مشرف ومطالبته بالتوضيح حول قضايا انتهاك حقوق الإنسان وقضية خصخصة مصانع الحديد والصلب، مما دفع ذلك مشرف ورفاقه لاتخاذ قرار عزل رئيس القضاء وهذا ما جعل عامة الناس يتعاطفون مع شودرى الذى اعتبر المتحدث باسم الطبقة الفقيرة وأسر المفقودين خلال فترة حكم الرئيس مشرف. أزمة القضاء والرئاسة فى باكستان بدأت فى الثامن من مارس 2007 عندما استدعى الرئيس الباكستانى، القاضى افتخار محمد شودرى إلى منزله وطلب منه تقديم الاستقالة عن منصبه باعتبار أنه شخصية غير مرغوبة فى الأوساط الحكومية، لقيامه بفرض القانون الباكستانى على السياسيين ورجال الحكومة وإيقاف الصفقات الحكومية الخاصة بخصخصة ممتلكات الدولة باستخدام صلاحيات المحكمة العليا وفى إطار القانون الباكستانى، كما عرض عليه مشرف منصبا حكوميا مرموقا فى الحكومة الباكستانية مقابل الاستقالة، إلا أن القاضى شودرى رفض العروض التى قدمها له مشرف وواصل مهام عمله على الرغم من المخاوف التى كانت تدور حوله، وذلك للحفاظ على سيادة الدستور، وأدى ذلك إلى قيام مشرف بإقالته عن منصبه على الفور وفى نفس اليوم تم تعيين قاضٍ آخر فى مكانه، الأمر الذى فجر الصراع بين الرئاسة والقضاء إذ رفض شودرى التنحى عن منصبه وأصر مشرف على ذلك وخرج الخلاف بينهما إلى الشارع الباكستانى الذى شهد عامة خروج مسيرات للمحامين. وبعد أربعة أشهر من المسيرات المتواصلة والضغوط الشعبية اضطر الرئيس مشرف إلى إعادة شودرى إلى منصبه فى 20 يوليو من عام 2007، إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً إذ عاد الرئيس مشرف فى الثالث من نوفمبر 2007 إلى إعلان حالة الطوارئ فى باكستان وأبعد القاضى شودرى عن منصبه للمرة الثانية، إلى جانب ذلك تم إحالة 60 قاضياً موالياً لشودرى إلى الإقامة الجبرية فى منازلهم بعد عزلهم عن مناصبهم، وقام بتعيين قضاة جدد فى المحكمة العليا موالين للحكومة، وظل القضاة المعزولين قيد الإقامة الجبرية لمدة أربعة أشهر. وبعد إجراء الانتخابات العامة فى باكستان فى 18 من فبراير عام 2008، نادت الأحزاب السياسية التى فازت فى الانتخابات بإعادة القضاة المعزولين إلى مناصبهم، حيث تم إلغاء قيود الإقامة الجبرية عن شودرى وزملائه القضاة، وبعد تعهدات خطية تم توقيعها بين زعيم حزب الرابطة الإسلامية نواز شريف ونظيره قائد حزب الشعب الباكستانى آصف على زدارى الذى ورث الحزب بعد رحيل زوجته بينظير بوتو، حدثت انقسامات فى رأى الحزبين الحاكمين حول إعادة القضاة، خاصة بعد أن وصل الرئيس زردارى إلى كرسى الرئاسة، مما أدى إلى انفصال نواز شريف عن الحزب الحاكم ولجوئه إلى مقاعد المعارضة فى البرلمان الاتحادى الباكستانى ليطالب الحكومة بإعادة القضاة والإيفاء بالمعاهدة، إذ كان بإمكان التحالف الحكومى إعادة القضاة بسهولة وبموجب قرار برلمانى سهل. وقد انتهت أزمة القضاء فى باكستان فى 16 مارس 2009 حينما وافقت الحكومة الباكستانية على إعادة القضاة المعزولين وبينهم رئيس المحكمة العليا افتخار تشودرى فى خطوة تهدف إلى نزع فتيل الأزمة السياسية المتفاقمة بينها وبين المعارضة. يذكر أن افتخار أحمد شودرى هو قاضى باكستانى شغل منصب رئيس المحكمة العليا الباكستانية، أصدر حكما بوقف العمل بقوانين الحسبة الإسلامية فى باكستان، وقد عرف بقراراته الصارمة ضد بعض تصرفات الحكومة وخاصة فى مجال حقوق الإنسان، ومن أبرز أحكامه الصارمة التى أغضبت للرئيس الباكستانى، أمر رئيس المحكمة الباكستانية العليا، افتخار شودرى، الخميس 27 سبتمبر 2007، بإطلاق سراح المعارضين السياسيين الذين اعتقلتهم الحكومة بشكل فورى، فى تحد مباشر للرئيس برويز مشرف.