رسميًا الآن.. ارتفاع جديد فى سعر الذهب عيار 21 اليوم الخميس 10-10-2024 بالصاغة    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الشرق الأوسط يشهد أكبر مراحل الخطورة.. و«اليمين المتطرف» يتسابق لتحقيق أهدافه بالمنطقة    "تيشيرت أكبر قلعة رياضية في مصر".. المقاصة يعلن قميصه الجديد بطريقة طريفة    كرة سلة - الاتحاد يهزم سبورتنج ويتأهل لنهائي البطولة العربية    الباز: السادات تدارك خطأ التعاون مع الإسلاميين.. و«التلمساني» أخطر رجل في تاريخ الإخوان    في رحاب "آل طه".. اللحظات الأخيرة في حياة الخمسيني حسين حجازي    بشأن التقييمات الأسبوعية والامتحان الشهري.. «التعليم» ترد على أسئلة أولياء الأمور (فيديو)    تموين الإسكندرية يشن حملات متزامنة على المخابز والأسواق في 7 أحياء    أسامة السعيد: السادات نفذ الخداع الإستراتيجي قبل حرب أكتوبر بعيدًا عن الشعارات    محمود راتب يطلق أغنيته الجديدة قلبت بجد    مريم الخشت تحتفل بزفافها    محمود بسيوني: السادات نقل مصر من حكم الفرد للنظام المؤسسي    أول تعليق من الصحة على زيادة أسعار خدمات الإسعاف غير الطارئة    عاجل.. تشكيل بلجيكا الرسمي أمام إيطاليا في دوري الأمم الأوروبية    التوعية أهمها.. أحد أسلحة التحالف الوطنى لمكافحة التمييز ضد المرأة    قوات الاحتلال الإسرائيلى تقتحم مدينة طولكرم بالضفة الغربية    الكرملين: الغرب يضغط على بعض الدول كى لا تشارك فى قمة "بريكس" المقبلة    بريطانيا تناقش إرسال مدربين عسكريين إلى أوكرانيا    رحاب الجمل عن «محمد القس»: عبقري في «برغم القانون» وأصبح نجم صف أول| خاص    نائب محافظ أسوان يشهد ختام برنامج تأهيل 200 خريج للطاقة الشمسية    خالد الجندي عبر برنامج "لعلهم يفقهون": القرآن تحدث عن الرجولة بفخر.. والشذوذ مهانة وخروج عن طاعة الله    استعلم عن فاتورة التليفون الأرضي «قبل سحب الخط» .. اعرف رسوم الخدمة بعد الزيادة    الجمارك: قرارات الحكومة الأخيرة بشأن سيارات المعاقين تقضي على السوق السوداء    الكشف على 1272 مواطن بقافلة بقرية سيدي عقبة بالمحمودية    في عيد ميلاده ال 70....هل يستحق محمد منير لقب «صوت مصر الحقيقي»؟ (تقرير)    أنشطة متنوعة للأطفال في احتفالات الثقافة بنصر أكتوبر بالإسماعيلية    ماذا قال أكرم حسني بعد لقائه مع ويل سميث بمنتدى الأفلام السعودي بالرياض؟    الاتحاد المصرى للدارتس ينظم مؤتمرا صحفيا للكشف عن بطولاته بشرم الشيخ.. السبت    "قومي حقوق الإنسان" يعقد الملتقى ال 17 لمنظمات المجتمع المدني الأحد المقبل    الطقس غدًا .. معتدل على القاهرة والدلتا وبارد فترات الليل وعظمى القاهرة تسجل 32°    تحقيقات قتيلة الإسكندرية: المتهم سدد لزوجته 4 طعنات أثناء عودتهما من زيارته أسرته    استشاري حالات حرجة: القلب ينكسر فى هذه الحالات    ربيع ياسين: الأهلي يمرض ولا يموت.. ورمضان سيعيد الاتزان مرة أخرى داخل الفريق    البركة في يوم الجمعة: مكانة الدعاء وأثره في حياة المسلم    ألمانيا والتشيك والنمسا يؤكدون التزامهم بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب    مع تصاعد نذر الحرب.. الكوليرا تفتك بصحة السودانيين في عدد من الولايات    إيهاب أمين يتقدم بأوراق ترشحه على رئاسة اتحاد الجمباز    جامعة قناة السويس تعقد لقاء حواريا حول الصحة النفسية للطلاب    الهلال الأحمر الفلسطينى: هناك استهداف إسرائيلى ممنهج لمقدمى الخدمات الطبية فى غزة    موعد شهر رمضان 2025.. والعطلات الرسمية خلاله    «الإفتاء» تحذر من التحايل للاستيلاء على السيارات المخصصة لذوي الهمم: خيانة أمانة    "كفر الشيخ" تحصد المركز الأول بين الجامعات الحكومية في تصنيف التايمز البريطاني 2025    «زواج وعلاقات».. لمن ينجذب رجل برج الحمل؟    مواعيد امتحانات وإجازة نصف العام الدراسي بالمعاهد الأزهرية 2025    رئيس الوزراء: مصر قطعت شوطًا طويلًا في مواجهة الهجرة غير الشرعية    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة غدآ.. تعرف عليها    تسليم 2218 شهادة استبيان تراخيص إقامة مباني داخل الحيز العمراني بالشرقية    عفت نصار: الزمالك رغم المعاناة يظل أكبر قلعة رياضية في مصر    حملة مرورية مكبرة تضبط 11 ألف مخالفة تجاوز سرعة مقررة    إجراء 1274 جراحة مجانية ضمن مبادرة "القضاء على قوائم الانتظار" بالمنيا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    ضبط عنصرين إجراميين في أسيوط بتهمة الاتجار بالأسلحة النارية والذخائر    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة مفخخة أطلقت من غزة نحو إسرائيل    موعد مباراة العراق وفلسطين في تصفيات كأس العالم والقنوات الناقلة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: الانتهاء من إعداد أكثر من 450 بروتوكولًا    نائب وزير التعليم يكشف تفاصيل مسابقات تعيين معلمي الحصص في المدارس    أسعار الذهب في مصر اليوم الخميس 10 أكتوبر 2024    إصابة 11 شخص إثر حادث تصادم بالطريق الإقليمي في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من رءوف عباس إلى محمود درويش.. العظماء يرحلون
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 08 - 2008

كل المؤشرات أوحت أنه سيكون صيفاً مؤلماً على المصريين، رحل كثير من كبار هذا البلد عن عالمنا، دون أن يتركوا وراءهم من يحمل الراية، ويكمل المسيرة. رحل منذ بداية صيف 2008 المؤرخ رءوف عباس، والروائيان سامى خشبة وألبير قصيرى، والمفكر والسياسى عبد الوهاب المسيرى، والمبدع يوسف شاهين، وأخيراً القيادى العمالى إبراهيم شكرى.. رحل هؤلاء دون أن يتركوا باستثناء شاهين صفاً ثانيا يكمل المشوار، فهل العيب فيهم، أم أنها ثقافة مجتمع وتقاليد بلد بات شبه عاجز عن تفريخ قيادات جديدة فى الكثير من المجالات.
فى يونيو كانت الثقافة المصرية والعربية على موعد مع الحزن، لتفقد المؤرخ الكبير رءوف عباس، والروائيين سامى خشبة وألبير قصيرى، ورغم ما يمثله ألبير قصيرى، وسامى خشبة من قيمة كبيرة إلا أن رحيل رءوف عباس طغى على الشارع المصرى والعربى بشكل كبير.
رحل عباس الخميس 26 يونيو عن عمر 69 عاماً. بعد أن رفض فى منتصف سبعينيات القرن الماضى الاشتراك فى مشروع الرئيس السادات ل"إعادة" كتابه تاريخ مصر المعاصر، والذى عين السادات نائبه آنذاك الرئيس مبارك مسئولاً عنه، كانت وجهة نظر عباس أن السادات أراد تاريخاً ذاتياً بعد أن حدد بداية كتابة التاريخ منذ حبسه وفصله من الخدمة فى الجيش فى قضية التخابر مع الألمان الشهيرة باسم قضية "حكمت فهمى"، حينها قال عباس إن ذلك ليس حدثاً فارقاً فى تاريخ مصر لنبدأ من عنده كتابة التاريخ.
وترك عباس المؤرخين وفى رقابهم أمانة تدوين تاريخ هذا البلد، فهل يكتب التاريخ ما بعد رءوف عباس بين الرغبة فى رضا الحاكم، أو الرهبة منه، أم سنقدم للأجيال المقبلة رؤية تاريخية محايدة، خالية من الزيف، وبعيدة عن المجاملة. تركنا عباس، بعد أن وضع سيرته الذاتية "مشيناها خطى"، والتى عرض خلالها كافة التغيرات والتقلبات التى شهدها المجتمع المصرى على مدار نصف قرن، ورغم رفضه أن يكون مؤرخاً للنظام، إلا أنه نال جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية عام 1999.
تتوالى أحزان المصريين ليرحل السياسى والمثقف المصرى عبد الوهاب المسيرى فى بدايات يوليو الماضى، بعد عمر من النضال فى القضية الفلسطينية التى أثراها بكتاباته ودراساته عن إسرائيل، وبعد أن أفنى سنواته الأخيرة شاغلاً منصب أمين عام حركة كفاية التى حركت كثيراً من المياه الراكدة فى الشارع السياسى المصرى منذ عدة سنوات.
رحل المسيرى بعد أن آثر الشهادة فى ميدان كفاية، وبعد اعتقالات من جانب الأمن المصرى، لم تراع سناً ولا مكانة. ودعنا المسيرى دون أى تكريم من جانب الدولة، بلا نشان أو وسام، لكنه بلا شك حياً فى قلوب الملايين. غاب المسيرى عن كفاية، التى بدأ دورها يتراجع فى الشارع أمام الصعود اللافت للتيار الدينى ممثلاً فى جماعة الإخوان المسلمين، فهل يخرج من كفاية أو غيرها معارضاً مثقفاً فى وزن وثقل المسيرى؟ أم سنمضى مع قيادات حزبية تنادى بإسقاط مشروع توريث الحكم، وتطالب بإسناد المهام للأجيال المقبلة، وأغلبها تجاوز سن التقاعد، أم نكفر بمن فى الأرض ونتجه جميعاً إلى السماء، ونقحم الدين فى السياسة بلا جدوى.
لم يكن رحيل المسيرى "آخر الأحزان"، كما لم يكن رحيل المخرج العالمى يوسف شاهين الذى لحق به آخرها، رحل "جو" فى 27 يوليو بعد أن تركنا مع "الفوضى" فى آخر أفلامه، التى كانت رسالة صريحة فى وجه الجميع، محذراً من حالة الانفلات التى وصل إليها الشارع المصرى.. رحل مع صدور حكم براءة متهمى قضية عبارة السلام، كما لو كانت روحه تأبى العيش وسط هذا الظلم، وكما لو كان يقول "هى فوضى"!!
كانت الإسكندرية التى شغلت فكره وفنه، آخر المشوار، ودع المصريون شاهين فى مقابر الروم الكاثوليك بمنطقة الشاطبى.. ودعوه، لكن أعماله لا تزال بيننا ولا تزال لمساته حية فى كل مشهد من أفلامه. شاهين دون غيره، ترك وراءه من يحمل الراية، ليكمل مسيرته الفنية، والذى حمل اسمه المخرج المبدع خالد يوسف، الذى شاركه إخراج آخر أعماله "هى فوضى".
وفى زمن "الفوضى" فقدنا آخر العظماء، إبراهيم شكرى القيادى العمالى، ووزير الزراعة الأسبق، الذى رحل فى 5 أغسطس الجارى، رحل بعد أن عارض بشدة اتفاقية السلام مع إسرائيل، ووقف فى وجه التطبيع، رحل شكرى ليؤكد أن صيف 2008 كان الأقسى على هذا البلد.
تركنا شكرى بعد عمر من النضال العمالى، وبعد أن شغل عدة مناصب سياسية منها أمين الاتحاد الاشتراكى السابق، وأمينا للمهنيين بالاتحاد الاشتراكى ونقيب الزراعيين لعدة دورات، كما عين محافظاً للوادى الجديد فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ثم وزيراً للزراعة والإصلاح الزراعى وعضواً بمجلس الشعب حتى أوائل التسعينيات.
تركنا شكرى بعد أن فقد الفلاحون قانون الإصلاح الزراعى، الذى دافع عنه حتى تمريره فى أولى أيام ثورة يوليو 1952، تركنا شكرى مع رأسمالية فقدت رأسها، وصوابها، تركنا مع قانون الاحتكار، ومع تصدير الغاز وحتى الفول إلى إسرائيل، تركنا على أعتاب انتفاضة عمال تبحث عن قائد.
وأمام كل الراحلين عن تراب هذا البلد، لم يكن الحزن مصرياً خالصاً، فإذا ما انتسب الحزن قال "أنا عربى".. منذ أيام فقدنا صوت فلسطين والمقاومة الشاعر الفلسطينى محمود درويش، الذى كان حتى كتابة هذه السطور آخر الأحزان.. زميلنا كريم عبد السلام كتب ذات يوم "يونيو أقسى الشهور" لينعى من فقدناهم (رءوف عباس، ألبير قصيرى، سامى خشبة)، لكن على ما يبدو أن صيف 2008 كان الأقسى، وربما العام بأكمله، أو أعوام تالية، لكن متى نقول وداعاً ونحن واثقين فى أبناء هذا الجيل؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.