الحوار الوطني يناقش التحول من الدعم العيني إلى النقدي اليوم    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 30 سبتمبر في سوق العبور للجملة    أسعار الفاكهة في سوق العبور اليوم 30 سبتمبر    حريق ضخم في مختبر كيميائي بولاية جورجيا.. إخلاء المنطقة وإغلاق الطرق    موقف الزمالك من تجديد عقد جوميز.. وسبب غضبه قبل مباراة السوبر الإفريقي    حالة الطقس اليوم.. سقوط أمطار ليلا وانخفاض في درجات الحرارة    اصطدام «توكتوك» بتريلا ومصرع سائقه في المنوفية    ملخص مسلسل برغم القانون الحلقة 12.. زوج إيمان العاصي يحاول إنهاء حياته    اغتيال أحد قادة حماس وعائلته في غارة إسرائيلية بجنوب لبنان    4 شهداء وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على دير البلح بقطاع غزة    زيادة قيمة الدعم النقدي في مصر.. ضرورة ملحة لتحقيق العدالة الاجتماعية    القبض على أربعة متهمين بتلفيق سحر للاعب مؤمن زكريا: الحقيقة الكاملة وردود الفعل القانونية والدينية    موعد مباراة النصر السعودي ضد الريان اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    ضربات سريعة في القلب.. القصة الكاملة لدخول وخروج محمود كهربا من المستشفى اليوم    «هيئة الدواء» : شراكة استراتيجية مع«الصحة العالمية» لتعزيز نظام الرقابة على الأدوية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 30 سبتمبر    أوصى ببناء مقام.. سيدتان تدفنان دجالًا أسفل سريره تبركًا به في الفيوم    من مدرسة البوليس بثكنات عابدين إلى «جامعة عصرية متكاملة».. «أكاديمية الشرطة» صرح علمى أمنى شامخ    هبوط مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    «معلومات الوزراء» يستعرض التجربة الهندية فى صناعة الأدوية    تعرف على سعر الدولار اليوم في البنوك    مصرع 4 أشخاص جراء مشاجرة على قطعة أرض بأسيوط    على عاطف يكتب: سياسة واشنطن إزاء إيران حال فوز ترامب أو هاريس    موظف أمام «الأسرة»: «مراتى عايزة 4 آلاف جنيه شهريًا للكوافير»    الحوثيون باليمن: مقتل وإصابة 37شخصا في قصف إسرائيلي بالحديدة    السعودية تعرب عن قلقها البالغ من تطور الأحداث في لبنان    الأهلي يلجأ للطب النفسي بعد خسارة السوبر الأفريقي (تفاصيل)    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    لبنان: استشهاد 53 شخصا وإصابة العشرات في أحدث الهجمات الإسرائيلية    بعد الهزيمة أمام الزمالك.. 4 أسماء مرشحة لمنصب مدير الكرة ب النادي الأهلي    نقيب الفلاحين: الطماطم ب 50جنيها.. واللي يشتريها ب "أكثر من كدا غلطان"    العثور على جثة حارس مهشم الرأس في أرض زراعية بالبحيرة    محمد أسامة: جوميز من أفضل المدربين الذين مروا على الزمالك.. والونش سيعود قريبًا    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    أحلام هاني فرحات بين القاهرة ولندن    10 تغييرات في نمط الحياة لتجعل قلبك أقوى    5 علامات للتعرف على نقص الفيتامينات والمعادن في الجسم    مستقبل وطن البحيرة يطلق مبادرة للقضاء على قوائم الانتظار    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    المفتي: الإلحاد نشأ من أفهام مغلوطة نتيجة خوض العقل في غير ميدانه    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    أجواء حماسية طلابية في الأنشطة المتنوعة باليوم الثاني لمهرجان استقبال الطلاب - (صور)    انطلاق أولى ندوات صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    من خلال برنامج القائد| 300 ألف يورو لاستكمال المركز الثقافي بالقسطنطينية    مكون في مطبخك يقوي المناعة ضد البرد.. واظبي عليه في الشتاء    جامعة المنيا تقرر عزل عضو هيئة تدريس لإخلاله بالواجبات الوظيفية    نسرين طافش أنيقة وفيفي عبده بملابس شعبية.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| اعتذار شيرين لشقيقها وموعد عزاء زوجة فنان وانطلاق مهرجان الجونة السينمائي    "الحماية المدنية" تسيطر على حريق هائل في سيارة تريلا محملة بالتبن بإسنا جنوب الأقصر    جثة أسفل عقار مواجهة لسوبر ماركت شهير بالهرم    سقوط غامض لفتاة يثير لغزًا في أكتوبر    الأنبا باسيليوس يترأس قداس المناولة الاحتفالية بكاتدرائية يسوع الملك    د.حماد عبدالله يكتب: فى سبيلنا للتنمية المستدامة فى مصر !!    عميد معهد القلب يكشف تفاصيل إنقاذ حياة شاب بعملية الأولى من نوعها    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيرى .. ليلة بكى فيها الوطن!
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 07 - 2008

الناس موتى..وأهل العلم أحياء"...مقولة عتيقة تبين حقيقة هذه الحياة، وأنها مهما امتدت واتسعت بين يدى الإنسان، فإنها منتهية، إلا أن هناك أناسا وصلوا أسباب الحياة بأسمائهم، حتى بعد رحيلهم؛ لأنهم كانوا زمنا فى الزمن، وحياة فى الحياة، تألقًا وتوهجا بالفكر، وسموا بالعلم..فتمر عليهم السنون والقرون، ومازالت أسماؤهم دائرة على حوافِّ الألسن، محفوفةً بالثناء والإجلالِ والدعوات..وهناك من انكفئوا على أنفسهم الفانية، ورغباتهم اليابسة المتلاشية، فانطمست بغيابهم معانى أسمائهم، وارتحل برحيلهم عن الحياة ذِكْرُهم؛ لأنهم لم يعيشوا لأمتهم، بل لذواتهم، ولم ينطلقوا من أبعاد شخوصهم إلى معاناة الناس..فالناس ينسون من لم يَعِشْ لهم، وتسقط من العقول أسماءٌ لم تُفِدْهَا شيئا..
والدكتور عبدالوهاب المسيرى طراز فريد من أولئك المفكرين الذى عاشوا لأمتهم، فكان دائما حاملاً هموم وطنه على كتفيه، ليس من خلال قلمه وحسب، وإنما بالنزول من برج المفكرين العاجى إلى ساحة المظاهرات والاعتصامات، التى تصل إلى المواجهة أحيانا مع ضباط الأمن وجنوده؛ ليدافع عن الحريات، وعن حقوق البشر فى المأكل والمشرب، والممارسة السياسية، منددًا بالتوريث، مطالبًا بالعدل والإنصاف لأمته، متمنيًا أن يموت شهيدا فى ساحة النضال، بدلاً من الموت تحت سياط المرض على السرير بين الأهل والأبناء .
هذا الرجل الفريد، الذى لم يقعده المرض ولا السن عن الخروج إلى المظاهرات وسط مئات المواطنين البسطاء، ولم يكتفِ بذلك، بل تولى قيادة حركة كفاية ضد الظلم، والفساد، والتوريث، والاستبداد. لذلك لا تعجب إن قلت: "إن تراب هذا الوطن بكى لفراق المسيرى، وحزن لموته". فلطالما دافع المسيرى عن هذا الوطن، وأحبه، وعشقه، وقضى وقته وحياته مناضلاً ومدافعًا عن بلاده وأمته..
نعم.. بكاه العرب من المحيط إلى الخليج، وبكته فلسطين التى أجهد عقله فى الدفاع عنها؛ فقد كان المسيرى قامةً فكرية يحبها كل عربى مخلص، حتى صار بيته فى مصر الجديدة قبلةً لكل زائر لمصر..وكنت أشعر بالفخر عندما اتصل بى بعض الأشقاء العرب، وطلبوا أن أرتب لهم موعدا لزيارة المسيرى؛ لينهلوا من علمه وفكره، ويستفيدوا من تجربته العلمية.
لذلك نستطيع القول: إن المسيرى لم يمت فقد ترك من خلفه آثارًا حيةً تنطق باسمه، وتدل على عبقريته، فهو حَى بتراثه وفكره، ومواقفه وكتبه، ويكفيه موسوعته الشهيرة "اليهود واليهودية والصهيونية"، والتى صدرت عن دار الشروق فى ثمانية مجلدات، أنفق فيها المسيرى خمسة وعشرين عامًا من عمره ووقته وراحته، من أجل أن يوضح للأمة المشروع الصهيونى، ويفك الاشتباك بين اليهودية "كدين"، والصهيونية ك"مشروعٍ سياسى عنصرى"، وليثبت أن المشروع الصهيونى ليس إلا مشروعًا وظيفيًّا للمشروع الغربى الاستعمارى، الذى يسعى لتمزيق الأمة العربية، ومنع قيام أى مشروعٍ حضارى فى المنطقة على أساسِ الإسلام أو العروبة.
ستظل هذه الموسوعة، وغيرها من الكتابات العميقة علامةً بارزةً فى حياتنا الفكرية، وستبقى مَرْجِعًا أساسيًّا مهما امتدت الأزمان لفهم الصراع العربى الإسرائيلى، وكشف أبعاد الفكر الغربى، وأطروحاته الفلسفية التى بهرت الكثير منا، وحرفتهم عن المسار الفكرى الصحيح.
وكان من أهم ما يميز كتابات المسيرى عليه رحمة الله: أنها خرجت من وعاء رجل خبير، عاش ما كتبه، وعاينه، وعاصره، واطلع على أنساقه الفكرية، وسياقاته العقلية، فجاءت كتاباته هادئةً هادفة، موجزة مميزة، تتسم بالعمق والدقة، والتحليل الموضوعى للظاهرة المدروسة، بعيدًا عن الانفعالات الصاخبة، والنظرات المسبقة، مما مَثَّل دعمًا هائلا للثقافة العربية الأصيلة، التى تمتد جذورها فى حضارة أمتنا التى يراد لها أن تجلس خلف الأمم! رحم الله الدكتور عبد الوهاب المسيرى رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، إنه ولى ذلك، والقادر عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.