قال العالم السويسرى الذى فحص عينات من رفات الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات إن الخبراء الفرنسيين الذين خلصوا إلى أن عرفات لم يمت مسمومًا قدموا حججًا واهية. وكان خبراء فرنسيين فى الطب الشرعى كلفهم قضاة يحققون فى وفاة عرفات فى مستشفى فى باريس فى عام 2004 خلصوا أمس الثلاثاء إلى أنه لم يقتل بتسممه بالبولونيوم المشع الذى وجد بمستويات غير عادية فى جسده وملابسه. وقال فرانسوا بوشو مدير معهد الفيزياء الإشعاعية فى مستشفى لوزان الجامعى الذى ساعد فى أخذ عينات من رفات عرفات قبل عام إن النهج الذى اعتمده الخبراء السويسريون شبيه بالتحقيق الفرنسى لكنه غاص إلى مستوى أعمق لكشف سر وفاة الزعيم الفلسطينى. وقال بوشو ل"رويترز": "المقياس الأساسى هو ذات المقياس الفرنسى. عندما حاولنا شرح تفسير أصل ما لاحظناه توصلنا إلى استنتاجات مختلفة لأننا ذهبنا إلى مستوى أبعد، وأضاف: "نحن متفقون باستثناء ما يقوله الفرنسيون من أن البولونيوم ترسب نتيجة لوجود غاز الرادون فى المقبرة التى دفن فيها عرفات.. هذه حجة واهية للغاية". ولم ينشر بعد تقرير الخبراء الروس الذين شاركوا أيضًا فى أخذ عينات من رفات عرفات لكنَّ محققًا فلسطينيًا نقل عن التقرير ما يفيد بأنه لا توجد أدلة كافية تدعم نظرية التسمم. وكان عرفات وقع اتفاقات أوسلو المؤقتة للسلام مع إسرائيل فى 1993 قبل أن يقود انتفاضة ضدها عقب انهيار المحادثات عام 2000. وتوفى الزعيم الفلسطينى عن عمر ناهز 75 عامًا فى مستشفى فرنسى فى نوفمبر 2004 بعد أربعة أسابيع من مرضه عقب تناول وجبة غذائية أصيب بعدها بالقىء وآلام فى المعدة. والسبب الرسمى للوفاة هو سكتة دماغية لكن أطباء فرنسيين قالوا وقتها إنهم غير قادرين على تحديد أصل مرضه، ولم يجر تشريح للجثمان. ووجد الفريقان السويسرى والفرنسى مستويات متشابهة من البولونيوم 210 والرصاص 210 فى عظام عرفات أعلى 20 مرة من المستويات العادية. وقدمت ثلاثة تفسيرات محتملة: تدخينه واستخدامه أسلحة أو معدات بطلاء مضىء تحتوى على الراديوم ووجود غاز الرادون فى مقبرته. لكن بوشو قال إن التدخين لا يؤدى إلى هذه المستويات المرتفعة من البولونيوم 210 والرصاص 210 وإنه لا يوجد أى أثر للراديوم وإن مستويات غاز الرادون -وهو غاز موجود بشكل طبيعى فى الهواء والتربة- لا تختلف عن مستوياته فى أى قبر آخر. وتابع قائلا: "لكننا أجرينا الكثير من التحقيقات الأخرى لاستبعاد الرادون.. قمنا بتنظيف العظام بطريقة كيميائية وفزيائية لاستبعاد التلوث من المقبرة.. وفعل الفرنسيون هذا." وأضاف "توصلنا إلى استنتاج مفاده أنه لا يمكن تفسير المستويات المرتفعة من البولونيوم 210 والرصاص 210 بسبب وجود غاز الرادون. استبعدنا أن يكون الرادون هو مصدر الكميات المرتفعة التى قمنا برصدها حيث يقول الفرنسيون إن وجود الرادون فى المقبرة يفسر المستوى المرتفع". وقال إن التحقيقين السويسرى والفرنسى توصلا أيضًا إلى أن مستويات البولونيوم 210 والرصاص 210 فى التربة تحت رفات عرفات "والتى تلوثت بوجود سوائله البيولوجية" أعلى 17 مرة من مستوياتها، وعلاوة على ذلك قارن الفريق السويسرى نتائج تحليل كفن عرفات بنتائج تحليل فروة رأسه التى كانت أعلى 13 مرة. وتساءل بوشو: "مرة أخرى إذا كان يمكن تفسير الأمر بوجود الرادون فلماذا وجدنا مستويات فى فروة الرأس أعلى من المستويات فى الكفن؟"مضيفا أن مقارنة الرفات بالتحلل الإشعاعى الذى وجد فى عينة تجارية من البولونيوم يعطى "تفسيرا معقول لما جدناه". وتوجد حالات قليلة معروفة من التسمم بالبولونيوم اشهرها الجاسوس الروسى المنشق الكسندر ليتفينينكو الذى تناول كوبا مسموما من الشاى فى فندق بلندن عام 2006. وسارعت سها عرفات أرملة الزعيم الفلسطينى إلى الطعن فى النتائج الفرنسية. وكانت سها قالت إن وفاته اغتيال سياسى نفذه شخص مقرب من زوجها الراحل. وقال سعد جبار محامى سها عرفات ل"رويترز" أمس الثلاثاء إنه ما من شك لديهم فى أن التقرير الأشمل الذى فحص كل أوجه هذه القضية لا يزال هو التقرير السويسري. ويعتقد كثير من الفلسطينيين إن إسرائيل قتلت عرفات وهو اتهام تنفيه إسرائيل.
